قال موقع “ميديابارت” الفرنسي إن العالم يَنظر إلى فرنسا ويفرح البعض، مثل موسكو، بانتصار محتمل لليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المبكرة، وهناك دول أخرى، مثل ألمانيا، تشعر بالقلق إزاء هذا الأمر.
وأضاف “ميديابارت” القول إنه في الانتخابات التي توصف بأنها تاريخية، وتغيب عنها القضايا الدولية والقضايا البيئية، حيث يرتبط المجالان ارتباطا وثيقا، إلى حد كبير عن المناظرات المتلفزة التي يتم تنظيمها كجزء من هذا الاستحقاق التشريعي.
فالحرب في أوكرانيا، وتلك التي تقودها إسرائيل ضد غزة، تهز البنيان الدولي الذي ولد بعد الحرب العالمية الثانية والذي أصبح فاسداً بالفعل. ورؤية حزب يميني متطرف معروف بعلاقاته مع روسيا على أبواب السلطة لا يمكن إلا أن تؤجج المخاوف وتثير التساؤلات حول الدور الذي تلعبه فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، داخل الاتحاد الأوروبي.
هناك العديد من الأسئلة الحاسمة التي تستحق المناقشة، ولكن لم يتم ذكرها في الفضاء العام لوسائل الإعلام السمعية- البصرية ذات الأفق المحدود للغاية. وموسكو تدعم الجبهة الوطنية.
ومضى “ميديابارت” قائلا إن نتائج الانتخابات في فرنسا -الأوروبية والتشريعية- لا يمكن إلا أن تعزز استراتيجية الزعيم المجري فيكتور أوربان لصالح اتحاد واسع من الجماعات اليمينية المتطرفة في البرلمان الأوروبي. فبالنسبة لأوربان، فإن إنشاء هذا الاتحاد من شأنه أن يسمح لليمين المتطرف بالتحول إلى القوة الثانية في البرلمان الأوروبي.
وقال هذا الأخير لمجلة “لوبوان” الفرنسية الأسبوعية في نهاية شهر مايو/ أيار الماضي، قال إن “كل شيء سيعتمد على قدرة مارين لوبان في فرنسا وجورجيا ميلوني في إيطاليا على التعاون”، موضحا أيضا أن “الأساس المستقر الوحيد لمستقبل أوروبا” هو إيجاد طريقة للعودة إلى القيم المسيحية.
يعتقد الزعيم المجري أنه فاز بالشوط الأول. ويقول إن الشوط الثاني سيقام في نوفمبر/ تشرين الثاني بالولايات المتحدة، مع احتمال فوز دونالد ترامب على الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، الذي يبدو أن حالته الصحية تهدد بشكل متزايد إعادة انتخابه. كما استعار أوربان من المرشح الجمهوري شعاره للأشهر الستة المقبلة من الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي: “لنجعل أوروبا عظيمة مرة أخرى”.
وفي إسرائيل أيضاً، لن يُنظر إلى حكومة “التجمع الوطني” اليميني المتطرف المحتملة في فرنسا بعين عدائية، على الرغم من ماضي الحزب المعادي للسامية، إذا صدّقنا تصريحات وزير الشتات عميحاي شيكلي يوم الإثنين الماضي، التي قال فيها إن “انتخاب مارين لوبان رئيسة لفرنسا سيكون أمرا رائعا لإسرائيل”، وفق للموقع الفرنسي.
وردا على سؤال عما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشاركه موقفه، أجاب: “يبدو أن السيد. نتنياهو وأنا لدينا نفس الرأي”. ويفسر ذلك بالنسبة له بالمواقف المتعلقة بحماس والمحكمة الجنائية الدولية و“نضال الطائفة اليهودية ضد معاداة السامية”.
التقى عميحاي شيكلي، عضو الليكود، بمارين لوبان في مايو/ أيار بمدريد خلال مهرجان نظمه حزب فوكس اليميني المتطرف. ورحب الوزير الأسبوع الماضي بتصريحات جوردان بارديلا الذي قال إنه يعارض حل الدولتين.
ويشعر آخرون بالقلق، بمن فيهم المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي خرج أيضاً ضعيفاً من الانتخابات الأوروبية. وسواء قلقت العواصم أو ابتهجت، فلا شك أن النصر المحتمل لحزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف في الانتخابات التشريعية الفرنسية لن يكون، كما لخص باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس)، مجرد “صدمة سياسية”، ولكنها أيضا “صدمة جيوسياسية”. وفي افتتاحيتها، أعربت صحيفة “لو تيمبس” السويسرية عن أسفها لما يحدث في الدولة المجاورة، فرنسا التي “تعتبر منارة سياسية”.
وجاء في مقال وقّعه أكثر من ألف مؤرخ فرنسي ونشر في صحيفة “لوموند” هذا الأسبوع: “لا ينبغي لفرنسا أن تدير ظهرها لتاريخها. حتى الآن، لم يصل اليمين المتطرف إلى السلطة إلا في خضم هزيمة عسكرية واحتلال أجنبي في عام 1940. ولا يمكننا أن نستسلم لهزيمة جديدة، هزيمة القيم التي أسست منذ عام 1789 الميثاق السياسي الفرنسي. والتضامن الوطني”.