تسارعت صناعة السيارات الكهربائية في الصين على نحو كبير، وهو ما أدى سريعا إلى استحواذها على حصة كبيرة من السوق العالمية وأثار قلق الحكومات الأجنبية.
وقالت وكالة بلومبيرغ إنه مع إغراق السيارات الكهربائية الصينية بالأسواق الدولية، فرضت دول مثل كندا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية لحماية صناعات السيارات لديها.
ويسلط تقرير الوكالة الضوء على العوامل الرئيسية وراء نجاح السيارات الكهربائية في الصين، بما في ذلك الإعانات الحكومية الكبيرة، والقيادة الحكيمة، والتحركات الإستراتيجية للصناعة.
الرؤية الإستراتيجية والدعم الحكومي
تقول بلومبيرغ إن أحد أهم العناصر الحاسمة في نجاح صناعة السيارات الكهربائية في الصين هو الرؤية الإستراتيجية لقادة مثل وان غانغ، وزير العلوم والتكنولوجيا من عام 2007 إلى عام 2018.
وقد حدد "وان" في وقت مبكر أن شركات صناعة السيارات الصينية سوف تكافح من أجل التنافس مع العلامات التجارية الأجنبية في محركات الاحتراق الداخلي، لكنها رأت فرصة فريدة في تكنولوجيا الطاقة الجديدة وفقا لبلومبيرغ.
وقال الرئيس السابق لغرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين يورج ووتكي، للوكالة: "إن رؤية وان وإجراءاته المبكرة كانت أساسية لجعل الصين رائدة على مستوى العالم في مجال السيارات الكهربائية".
وقدمت الحكومة الصينية ما لا يقل عن 231 مليار دولار من الدعم لقطاع السيارات الكهربائية في الفترة من عام 2009 إلى نهاية العام الماضي.
وقد حفز هذا الدعم المالي، إلى جانب قرارات إستراتيجية أخرى، مثل دعوة شركة تسلا التابعة لـإيلون ماسك للتصنيع في الصين، على تطوير سلسلة توريد قوية للسيارات الكهربائية.
وتتجلى كفاءة سلسلة التوريد هذه في دلتا نهر اليانغتسى، حيث يمكن لشركات صناعة السيارات الكهربائية الحصول على جميع الأجزاء الضرورية في غضون 4 ساعات.
تحديات تواجه المنافسين العالميين
ومع دخول نماذج السيارات الكهربائية الصينية، المعروفة بقدرتها على تحمل التكاليف، إلى الأسواق العالمية، تشعر الحكومات الأجنبية بقلق متزايد بشأن تأثيرها على صناعات السيارات لديها وفقا لبلومبيرغ.
وانضمت كندا مؤخرا إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فرض رسوم جمركية على المركبات الكهربائية الصينية. وتهدف هذه التعريفات إلى حماية الصناعات المحلية، وهو ما يتيح لها الوقت لتصبح قادرة على المنافسة مع أسعار السيارات الكهربائية الصينية.
ومع ذلك، فإن التعريفات وحدها قد لا تكون كافية. ويشير المحللون في بلومبيرغ إيكونوميكس إلى أن "الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا ستحتاج إلى الرؤية وريادة الأعمال والابتكار لتتناسب مع وتيرة الصين في سوق السيارات الكهربائية".
وفي حين أن التعريفات الجمركية قد توفر تخفيفا مؤقتا، فإن بناء ميزة تنافسية سيتطلب جهدا كبيرا واستثمارا على المدى الطويل.
التوجهات المستقبلية
وتشير بلومبيرغ إلى أن التقدم السريع الذي حققته الصين في صناعة السيارات الكهربائية يأتي وسط تحديات اقتصادية أوسع نطاقا، بما في ذلك تراجع سوق العقارات، والضغوط الانكماشية، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.
ومن المرجح -وفقا لبلومبيرغ- أن تتم معالجة هذه القضايا في الجلسة المكتملة الثالثة المقبلة للحزب الشيوعي الحاكم في الصين، المقرر عقدها في الفترة من 15 إلى 18 يوليو/تموز المقبل. ومن المتوقع أن يرسم هذا التجمع مسار السياسة الاقتصادية طويل المدى لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وتتوقع وكالة بلومبيرغ إنتليجنس أن تركز الجلسة المكتملة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التكنولوجيا، وهو ما يمثل أولوية للرئيس الصيني شي جين بينغ.
وحذر شي من أن "التكنولوجيات الأساسية تخضع لسيطرة الآخرين"، مؤكدا على حاجة الصين إلى سد هذه الفجوة. ويتماشى هذا التركيز مع التقارير التي تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدرس فرض المزيد من القيود على وصول الصين إلى تكنولوجيا الرقائق المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
ورغم أن نتائج الجلسة المكتملة تظل غير مؤكدة، فإن التوقعات تشير إلى اتخاذ تدابير لتعزيز الاستهلاك وإنعاش سوق الأوراق المالية الراكدة. ومع ذلك، قد لا يكون هناك تحفيز اقتصادي كبير في المستقبل القريب، حيث تبنت الصين حتى الآن نهجا حذرا.