الحرب ترفع الأسعار في غزة بنسبة 283% 

أظهرت بياناتٌ صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك في فلسطين سجل ارتفاعًا بنسبة 147.06 في المئة خلال عشرين عامًا.

ارتفعت أسعار السلع في قطاع غزة بنسبة 283.83 في المئة خلال 6 أشهر فقط من الحرب، ما يعني أن هذه النسبة أعلى بنحو 4 أضعاف صعودها تراكميًا في 20 سنة قبل بدء الحرب

البيانات التراكمية للتضخم التي حصل عليها "الترا فلسطين"، وذلك عن الفترة من الربع الأول من عام 2004 لغاية الربع الأول من العام 2024، كشفت عن وجود فجوة شاسعة بين نسبة التضخم في الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ ارتفعت الأسعار تراكميًا في الضفة بنسبة 92.04 في المئة، بينما ارتفعت في قطاع غزة بنسبة 310.83 في المئة، أي أن التضخم ارتفع في غزة ثلاث مرات ونصف مقارنة بالارتفاع في الضفة.

تقول أسيل زيدان، مديرة دائرة الأسعار في الجهاز المركزي للإحصاء، إن الفجوة في الأسعار بين الضفة وغزة سببها الحرب العدوانية التي يشنُّها الاحتلال على قطاع غزة، والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 283.83 في المئة خلال ستة أشهر فقط من الحرب، ما يعني أن هذه النسبة أعلى بنحو أربعة أضعاف صعودها تراكميًا في 20 سنة قبل بدء الحرب.

وتضيف أسيل زيدان لـ الترا فلسطين، أنّ من الواضح أنّ نقص السلع المتوفّرة في قطاع غزة أثناء الحرب انعكس بشكل كبير على الأسعار، "وهي حالة غير طبيعية بالمطلق، أن يرتفع التضخّم على هذا النحو. ومن أجل عودة الأمر إلى طبيعته لا بد من عودة تدفّق البضائع والسلع إلى قطاع غزة".

وعلى أساس سنوي، سجلت الأسعار الثابتة ارتفاعًا في الضفة بمتوسط 4.6 في المئة، مقابل متوسط سنوي 15.5 في المئة في قطاع غزة.

وتظهر الأرقام عمومًا أن ارتفاع الأسعار في الضفة وغزة على حد سواء (مع وجود الفجوة بينهما) أعلى من المتوسط العالمي الطبيعي المسجّل بخصوص التضخم، الذي يتراوح بين 2-3 في المئة سنويًا.

حالة التضخم في قطاع غزة (انخفاض القيمة الشرائية لوحدة النقد الواحدة) بدأت في الأصل قبل اندلاع الحرب، والسبب في ذلك وفقًا للخبير الاقتصادي ثابت أبو الروس يعود إلى اختلال قاعدة العرض والطلب، "فالطلب في قطاع غزة دائمًا يكون أعلى من العرض بسبب الحصار الذي يعاني منه القطاع منذ عام 2006".

ويوضح ثابت أبو الروس لـ الترا فلسطين، أنّ هذا التصخم ناجم أساسًا عن الحصار وليس نتيجة أسباب اقتصادية طبيعية، بل نتيجة فقدان الأمن السياسي لنحو 2.5 مليون نسمة، وهو المؤشّر الأساس لارتفاع الأسعار في فلسطين، خلافًا لدول العالم المختلفة التي عادة ما يكون التضخم فيها ناجمًا عن عوامل اقتصادية صرفة.

ويضيف ثابت أبو الروس سببًا آخر للتضخم في فلسطين خلال الحرب، وهو هجمات جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن، والتي دفعت إلى تغيير واجهة النقل التجاري إلى "إسرائيل"، ما أدى إلى رفع الأسعار، وهذا انعكس على فلسطين كونها تعتمد على التوريد من الجهات نفسها التي تنقل البضائع عبر الموانئ والمعابر، التي تتحكم بها "إسرائيل" وتأتي من مصادر التوريد نفسها.

إلى جانب ذلك، فإن صعوبات النقل التجاري بين المحافظات الفلسطينية، وارتفاع كلفة النقل، تُشكل سببًا ثالثًا للتضخم، بحسب ثابت أبو الروس، الذي أوضح أيضًا أن تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الشيقل هو السبب الرابع لمشكلة التضخم.

ويؤكد "أبو الروس" أنه لا انفراجة تلوح في الأفق بخصوص عودة التضخم في فلسطين إلى مستويات طبيعية، مبيّنًا أن الانفراجة مشروطة بتوفّر عدة عوامل في مقدّمتها وقف العدوان على قطاع غزة، وعودة العمال الفلسطينيين إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر، وكذلك عودة المتسوقين من فلسطينيي 48 إلى مناطق الضفة الغربية، واستعادة التاجر الفلسطيني لحالة اليقين اللازمة لتنشيط الحركة التجارية، بعد حالة الشك التي انتابته خلال فترة الحرب، وما تخللها من تراجع في السيولة النقدية.

ويقول إنّ "رجال الأعمال والتجار توجهوا خلال فترة الحرب إلى الاستثمار في الملاذات الآمنة كالذهب وقطاع العقارات، ومن أجل ضخِّ سيولة أعلى في الأسواق وتنشيط الحركة التجارية لا بد من حالة اليقين وتبديد الشك".

وكانت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء أظهرت أن حجم الواردات انخفض خلال شهر شباط/فبراير الماضي بنسبة 24 في المئة مقارنة مع شهر شباط/فبراير 2023، حيث بلغت الواردات حينها 480.9 مليون دولار أمريكي.

يُذكر أن مؤشر غلاء المعيشة يقيس 14 مجموعة سلعية لكل منها وزن معيّن في المؤشر، بناء على وزنها في سلة إنفاق الأسرة، لذا فإن الوزن الأعلى يذهب إلى سلة المواد الغذائية والمواد المرطبة (28 في المئة)، بينما تشكل ثلاث مجموعات أساسية وهي: المواد الغذائية، والنقل، والمواصلات، والسكن، أكثر من (50 في المئة) من وزن المؤشر، ما يدل أن إنفاق الأسرة الفلسطينية يذهب في معظمه إلى شراء سلع أساسية، الأمر الذي يؤشر إلى مستويات دخل متدنية وأسعار مرتفعة.