جيش الاحتلال: دون تغيير طريقة إدخال المساعدات ستتكرر مشاهد القتل

قالت صحيفة هآرتس اليوم الاثنين إن الجيش الإسرائيلي لا يريد إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بنفسه، بل يقترح نقل المسؤولية لرجال أعمال فلسطينيين، غير أن مصادر أفادت لصحيفة نيويورك تايمز بأن مجزرة الطحين نفذتها قوات الاحتلال رغم التنسيق مع تجار فلسطينيين بزعم توفيرها للأمن.

يأتي ذلك بعد تكرار الاستهداف الإسرائيلي لشاحنات المساعدات والحشود المنتظرة حولها، تزامنا مع استمرار المفاوضات المعقدة بالقاهرة حيث رفضت إسرائيل إرسال وفدها إلا إذا خضعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لشروطها، بما يبدو محاولة من الاحتلال تحويل المساعدات الإنسانية لورقة ضغط.

"حادثة دوار النابلسي ستتكرر"

وبحسب صحيفة هآرتس، فإن كبار المسؤولين بالجيش الإسرائيلي يعتقدون أنه إذا لم يقرر المستوى السياسي الإسرائيلي على من تقع مسؤولية تقديم المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، فإن حوادث مماثلة لتلك التي وقعت في شمال قطاع غزة يوم الخميس سوف تتكرر، في إشارة إلى مجزرة الطحين عند دوار النابلسي شمال القطاع.

ووفقا للمسؤولين الذين نقلت عنهم الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي يقترح إدخال المساعدات عن طريق البحر بحيث يتسلم مسؤوليتها تجار فلسطينيون في القطاع، بعد فرض إجراءات شديدة تمنع وتعيق دخول المساعدات عبر معبر رفح، فضلا عن تحجيم دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي كانت مسؤولة عن ملف توزيع المساعدات بغزة.

وحذر مسؤولون كبار بالجيش الإسرائيلي من أن فشل المستوى السياسي بتحديد من سيحمل مسؤولية توزيع المساعدات، من الممكن أن يؤدي لتضرر ما سموه "الشرعية الدولية" لاستمرار القتال بقطاع غزة من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ككل، وسط تزايد التنديدات الدولية بالاستهدافات المتعمدة للجيش الإسرائيلي لشاحنات المساعدات.

رفض التعاون مع الاحتلال

ويرفض الجيش الإسرائيلي توزيع المساعدات الإنسانية قائلا إن ذلك "سيعرض جنوده للخطر"، مطالبا بهيئة مدنية تكون مسؤولة -من بين أمور أخرى- على توزيع المساعدات.

وذلك يتوافق مع رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي أعرب عنها بوثيقة ما بعد الحرب، والتي تشمل إغلاق الأونروا، وأن تكون "عناصر محلية ذات خبرة إدارية" مسؤولة عن الإدارة المدنية والنظام العام في غزة.

وفي هذا الصدد، رفضت العشائر في قطاع غزة رفضا قاطعا التعاون مع إسرائيل بحكم المناطق وإدارة توزيع المساعدات.

من جهته، أشاد رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية محمد اشتية برفض العشائر في قطاع غزة التعاون مع إسرائيل بحكم المناطق وإدارة توزيع المساعدات.

وشدد على أن إسرائيل ينبغي أن تسمح للمؤسسات الدولية العمل في كل أنحاء قطاع غزة وخاصة في الشمال، وأن تسمح بإيصال المساعدات عبر مؤسسات الأمم المتحدة، وتلك الأخرى ذات العلاقة.

نظّم المجزرة

وفي إطار مطالبة جيش الاحتلال بأن يتحمل رجال أعمال فلسطينيون مسؤولية توزيع المساعدات بغزة تجنبا لحوادث مماثلة لما حدث بدوار النابلسي، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الجيش الإسرائيلي نظّم بنفسه قوافل المساعدات التي استهدفها بدوار النابلسي، بعد أن ادعى -بالتواصل مع تجار فلسطينيين- أنه سيحميها.

ونقلت الصحيفة عن تاجرين فلسطينيين قولهم إن المسؤولين الإسرائيليين تواصلوا مع العديد من رجال الأعمال في غزة وطلبوا منهم المساعدة في تنظيم قوافل المساعدات إلى الشمال، بينما ستوفر إسرائيل "الأمن".

وأفاد أحد التجار الفلسطينيين بأنه ساعد في تنسيق الشاحنات في قافلة يوم الخميس، بعد أن طلب منه ضابط إسرائيلي قبل حوالي 10 أيام تنظيم شاحنات مساعدات إلى شمال غزة.

في حين أكد شهود عيان وأطباء أن جيش الاحتلال فتح النار متعمدا على الفلسطينيين الذين كانوا يحاولون الحصول على مواد غذائية عند دوار النابلسي وأرداهم قتلى وأصاب عددا منهم بجروح، بمجزرة أسفرت عن مئات الشهداء والمصابين.

بايدن غاضب

ويعتبر مسؤولون إسرائيليون أن منع دخول المساعدات وفرض المجاعة على سكان القطاع، سيدفع حركة حماس للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، رغم مطالبات الإدارة الأميركية بدخول المساعدات لغزة وحمايتها، لا سيما في شمال القطاع.

في هذا السياق، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن تقارير إعلامية أن الرئيس الأميركي جو بايدن رفض التكلم مع نتنياهو بعد استهداف المدنيين الذين ينتظرون المساعدات بدوار النابلسي.

واعتبرت الصحيفة أن ذلك يشير إلى غضب بايدن من نتنياهو "غير الملتزم بحماية" عبور المساعدات.

غير أن مكتب نتنياهو نفى التقارير الإعلامية التي تفيد برفض بايدن التكلم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وفي حين تتواصل المفاوضات للتوصل لصفقة تطالب فيها حماس بدخول 500 شاحنة مساعدات يوميا لقطاع غزة، سمحت إسرائيل بإنزال بعض الدول للمساعدات جويا -سقط بعضها بالبحر وآخر نقلته الرياح لمستوطنات غلاف غزة– بما يبدو محاولة من الاحتلال تخفيف حجم الانتقاد الدولي لتل أبيب بانتهاج سياسة التجويع.