ضابط كبير في “الشاباك” يكشف: يحيى السنوار شخصية استثنائية.. “صلب وذكي وكاريزماتي لا يرف له جفن”

Sinwar-1320x880.jpg

يوضح ضابط كبير في جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” الذي حقق مع يحيى السنوار خلال أسره، أن إسرائيل لن تستطيع القبض عليه.

وفي استعراضه للسيرة الذاتية للسنوار، يؤكد الضابط “د” أن قائد حماس في غزة رجل صلب، مثقف، كاريزماتي، ذكي وقاس، لا يخاف، وأنه كان يهدّد الضباط الإسرائيليين الذين حققوا معه، ويكرر على مسامعهم القول إن الدنيا ستنقلب عليهم، ويصبح هو المحقّق وهم المحقق معهم.

ويقول “د” وهو محقق قديم في “الشاباك” خلال شهادته لملحق صحيفة “هآرتس” اليوم الجمعة، إنه حقق مع يحيى السنوار للمرة الأولى عام 1988، بعد عام من تشكيل حركة حماس (الجمعية الإسلامية في تلك الفترة) عندما كان طالبا بازرا في الجامعة الإسلامية بغزة. كما يقول إن الشهيد الراحل أحمد ياسين كان القدوة الروحية للسنوار، أما القيادي عبد الله عزام، فكان من اقترح عليه الانضمام لحركة جديدة كانت تدعى “المجد” لملاحقة “الكفار”، لافتا أن الاتصالات السرية بينهما تمت عبر قصاصات ورق تم إخفاوها داخل حمامات الجامعة الإسلامية، وفيها كان يكتب على سبيل المثال: “في تلك النقطة، أحفر وستجد السلاح”.

السنوار رجل صلب، مثقف، كاريزماتي، ذكي وقاس، لا يخاف، وكان يهدّد الضباط الإسرائيليين الذين حققوا معه

ويوضح “د” أن السرية كانت مثالية. فالسنوار لم يعرف مَن القائد الذي يشغّله، وهكذا بقية أعضاء الخلية، ومنهم روحي مشتهى القيادي في حماس، زاعما أن الشيخ ياسين كان بمثابة “المفتي” يقرر في مصير من يشتبه بهم في ارتكاب مخالفات اجتماعية. وعندما كان القرار بمعاقبة متهم، كان يقول ياسين: “الله لا يرده”.

كما يستذكر “د” أن اعتقال السنوار تم للمرة الأولى في جنين عندما ضُبط وهو يقوم بتعبئة وطنية. وفي المرة الثانية، اعتُقل بعد الاشتباه به بالمشاركة في قتل “كفار”. ويضيف: “أودعناه السجن ونسيناه حتى تفجرت مسألة خطف الجنديين إيلان سعدون وآفي سبورتاس. عندها أدركنا أن هناك تنظيما واسعا مسؤولا عن خطف الجنود. وقتها اعتقلنا صلاح شحادة على خلفية أخرى، وبعد التحقيق معه والكشف عن معلومات تحت التحقيق، استعدنا السنوار لغرفة التحقيق مجددا، ووقتها فهم السنوار أن شحادة قدم معلومات تورطّه”.

ويتابع الضابط الإسرائيلي: “اليوم وبنظرة للخلف، أعتقد أن السنوار وخلال التحقيق الأول معه رغب بتزويدي معلومات جزئية دون الكشف عن  الصورة الكبرى. يبدو أنه قرر في قرارة نفسه أن يعترف وبقية أفراد الخلية بالمشاركة في قتل بعض الكفار دون الكشف عن التنظيم السري”.

وردا على سؤال صحيفة “هآرتس”، قال “د” إن السنوار قصّ على مسامعه ببرود ولامبالاة دون أن يرفّ له جفن عن دوره في قتل “كفار” داخل قطاع غزة لمجرد الاشتباه بهم. فهو كان مقتنعا بأنه يجب قتلهم، ومن بينهم حلّاق في غزة كان متهما بعرض صور فاضحة خلسة داخل مكان عمله. وقد فاخر السنوار بذلك ولم يخف عني معلومات خلال التحقيق بهذه القضية”.

وردا على سؤال آخر، يقول محقق “الشاباك” إن السنوار اعتبر نفسه قائدا وهو داخل السجن في تلك الفترة قبل 35 عاما. فقد واظب على التحدث بهامة مرفوعة وبقوة وصلابة، ولم يبد أي خوف مني كمحقق. بالعكس، فقد كان يناكفني كل الوقت. أستطيع أن أقرأ ما كتبته عنه بعد التحقيق الأول وما زالت احتفظ به: “شخصية استثنائية بمزاياها وحكمتها وثقافتها، وهو رجل متدين جدا ومؤمن ومتصالح مع أقواله وأفعاله”.

السنوار حمساوي حتى النخاع، يتمتع بشخصية قيادية، ذكي ومخادع وقاس، وعنده تفكير عملياتي ولوجستي، وكاره كبير لإسرائيل

هل ترك انطباعا عليك بثقافته؟

“نعم. هو كاتب ومثقف أيضا وهذه حالة شاذة. كل قادة حماس في التنظيم المذكور كانوا استثنائيين، فهم أطباء ومهندسون وطلاب. السنوار رجل طموح جدا وكاريزماتي جدا، وكل من كان يتوجه له لتجنيده في حماس استجاب له. خلال التحقيق، تبين لي أنه حمساوي حتى النخاع، يتمتع بشخصية قيادية.. ذكي ومخادع وقاس، وعنده تفكير عملياتي ولوجستي، ورجل تنظيم مدهش، وكاره كبير لإسرائيل كما يتجلى في أقواله خلال التحقيق معه. وكره إسرائيل يسري في عروقه. فقد قال لي خلال التحقيق: أنت تعلم، سيأتي يوم وتكون فيه أنت المحقق معه، وأنا المحقق.. أنا السلطة”.

يتابع المحقق الإسرائيلي: “أستذكر ذلك وتنتابني قشعريرة الآن، فهذا كان من الممكن أن يحدث فعلا لو كنت أقيم في واحدة من مستوطنات غلاف غزة. أذكره جيدا وهو يجلس أمامي وعيناه حمراوتان ويقول لي: ستتبدل الأدوار والعالم سينقلب عليك. مدهش كم كان واثقا بنفسه إلى حد أنني اعتقدت أنه ليس سويا”.

وتقول الصحيفة، إن ميخا كوبي، المحقق السابق في “الشاباك” قال في حديث معها قبل نحو شهر، إن السنوار اعتاد استخدام التهديد والوعيد أيضا خلال التحقيق معه. ويجيب المحقق “د” بالقول: “نعم. السنوار لا يعرف الخوف ولم يخف نواياه بأنه ينوي قتل ضباط الشاباك، حيث قال لي: سأقتلكم جميعا أنتم ضباط المخابرات. تخيلي أي قدرة لديه على إدارة حرب نفسية وهو معتقل. كان يجلس أمامي داخل غرفة التحقيق ويشتمني ويهددني ولا يخاف. “الأنا” لدى السنوار متضخمة، واعتقاله خلف القضبان لم ينل من قدراته القيادية ومن عزمه وتصميمه على العمل ضد العدو. بالعكس، من داخل السجن واصل عمله، وقام بتوجيه ناشطين، وجنّد المزيد منهم. لا لم أخف منه، وأحيانا كدت لا أتمالك نفسي وأن أضربه لكنني تمنعت”.

هل فاجأك؟

“من ناحية القسوة وصلابة الموقف، نعم فاجأني. يتحدث بجرأة دون خجل أو وجل، ويقول لك كمحقق: أنت مجرم والعالم سينقلب عليك وأنا سأتدبر أمر الكفار من اليهود من أمثالك. بيد أنني لم أسمح لنفسي أن يترك أثرا علي، وتعاملت معه كبقية الأسرى. التحقيق معه كان منازلة عقول، فكان يقدم ما نحن نعرفه ويخفي ما لا نعرفه بالصمت. السنوار وكذلك صلاح شحادة وأحمد ياسين، كانوا يقولون لنا خلال التحقيق كل الوقت: نحن نرى دولة إسلامية من الفرات إلى النيل. لا توجد إسرائيل، وبمقدور اليهود البقاء في الدولة الإسلامية كرعايا. منذ 1988 ساد إجماع في أوساط الشاباك أننا سنسمع المزيد عن السنوار مستقبلا بفضل قدراته وطباعه”.

السنوار اعتاد استخدام التهديد والوعيد أيضا خلال التحقيق معه. وكان يقول للمحققين: سأقتلكم جميعا أنتم ضباط المخابرات

ولماذا أفرجت إسرائيل عنه طالما أنه يتمتع بهذه المزايا الشخصية الخطيرة؟

“لا أعرف جوابا أعطيه لك. ما أستطيع قوله إنني لا أخاف الإفراج عن أسرى. صحيح هم يشعلون الميدان بعد إطلاقهم، لكن دائما يمكن الوصول إليهم. لن يدمروا دولة إسرائيل. ليس استراتيجيا.. لن يسقطونا. لو كنت صانع قرار اليوم وطُلب مني اتخاذ قرار، لقرّرت الإفراج عن كل الأسرى مقابل استعادة  المخطوفين”.

هل ستنجح إسرائيل في القبض على السنوار؟

“لا. أعتقد أنه سينجح في الهرب. وإن لم ينجح في ذلك، سيحاول إحراز صفقة معينة مع المخطوفين من أجل النجاة. للأسف لا أعتقد أن إسرائيل ستقبض عليه مرة أخرى”.