بسبب إثبات تمتعه بالحصانة.. الادعاء الألماني يعلن عدم التحقيق في اتهام عباس لإسرائيل بارتكاب هولوكوست

تنزيل.jpeg

أعلن مكتب المدعي العام الألماني في برلين الاثنين أنه لن يجري تحقيقات في اتهام الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإسرائيل بارتكاب العديد من محارق الهولوكوست بحق الفلسطينيين.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وجه هذا الاتهام إلى إسرائيل خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في برلين في صيف العام الماضي. في الوقت نفسه، قال مكتب المدعي العام الألماني إن عباس استوفى بذلك جريمة إثارة الفتنة مشيرا إلى أنه يتمتع بحصانة الأمر الذي يحول دون مقاضاته.

وبحسب صحيفة تسايت الألمانية يأتي هذا التقييم من جانب مكتب المدعي العام تأييدا لقرار أصدره وكيل الادعاء العام في برلين لكن تقييم مكتب المدعي العام انتهى إلى تصنيف جنائي مختلف للواقعة.

وكان عباس زار ألمانيا في آب/أغسطس 2022 بناء على دعوة من الحكومة الألمانية، وخلال المؤتمر الصحافي مع شولتس اتهم إسرائيل بارتكاب عدة محارق “هولوكوست” بحق الفلسطينيين الأمر الذي أثار غضبا في ألمانيا.

وأثار إعلان شرطة برلين فتح تحقيق في شبهة “تحريض على العنف” تطال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي أدلى بتصريحات ذكر فيها محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، في مؤتمر صحافي في العاصمة الألمانية، جدلا داخل ألمانيا، ففي حين تطالب شخصيات سياسية بمواصلة الضغوط على عباس، ومراجعة برنامج المساعدات المالية المقدم من ألمانيا للفلسطينيين، طالبت شخصيات سياسية بإبقاء جسور التواصل مفتوحة بين ألمانيا والفلسطينيين مع ضرورة مراجعة مشتركة لكيفية تقديم هذا الدعم، وتعديل آليته.

وساد غضب عارم في الأوساط السياسية والإعلامية من أقوال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في المؤتمر الصحافي مع المستشار الألماني، حيث قال “إسرائيل ارتكبت منذ عام 1947 حتى اليوم 50 مجزرة في 50 موقعا فلسطينياً”، وأردف “50 مجزرة 50 هولوكوست”. وجاء كلام عباس رداً على صحافي سأله حول ما إذا كان سيعتذر لإسرائيل بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين للهجوم الفلسطيني على البعثة الرياضية الإسرائيلية في أولمبياد ميونيخ 1972″.

وطبقا للمعلومات الأمنية فإن أحد مقدمي الدعوى مايك ديلبرج (32 عامًا) من برلين هو حفيد لناجين من المحرقة، وقد نجت جدته من حصار فيرماخت في لينينغراد.

وبالرغم من رفض المستشار شولتس لمصطلحات أطلقها الرئيس الفلسطيني أثناء المؤتمر، حيث أكد بشكل واضح رفضه اتهام عباس لإسرائيل بارتكاب “محرقة” (هولوكوست) بحق الفلسطينيين، ورفض استخدام مصطلح فصل عنصري لوصف الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، عاد المستشار الألماني مرة أخرى وغرد على حسابه على تويتر رافضاً أقوال الرئيس عباس.

وقال شولتس: أشعر بالغضب الشديد من التصريحات التي لا يمكن وصفها للرئيس الفلسطيني محمود عباس. بالنسبة لنا نحن الألمان على وجه الخصوص، فإن أي مقارنة للهولوكوست هي أمر غير مقبول ومرفوض. إنني أدين أي محاولة لإنكار جرائم الهولوكوست.

وكانت صحيفة “بيلد” شنت هجوماً على الرئيس عباس، وقالت لماذا لا يستطيع عباس الاعتذار عن الاغتيال الأولمبي عام 1972 (مقتل 11 رياضيًا إسرائيليًا)؟ ربما كان أحد المتواطئين، حيث كان المدير المالي لمنظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت.

واتهمت الصحيفة الرئيس الفلسطيني بخروجه عن المسار الدبلوماسي، مؤكدة أن هذا التصرف لم يكن الأول له، مطالبة السياسيين الألمان بعدم اعتباره رجل سلام، في خطابهم السياسي. وشن السفير الإسرائيلي الجديد رون بروسور (سيعتمده الرئيس الاتحادي شتاينماير يوم الإثنين المقبل) هجوماً على أقوال عباس، وقال في تغريدة على تويتر: “لا يمكن بناء سلام ومصالحة بين شعبين على أساس أكاذيب صارخة وتشويهات تاريخية وإنكار الهولوكوست”.

وتلقّت الشرطة شكوى ضدّ عباس “لتخفيفه من شأن محرقة اليهود” إثر التصريحات. وفتحت المديرية الخاصة للشرطة القضائية في ولاية برلين تحقيقا لتبّت النيابة في ما إذا كانت ستواصل هذا المسار أم لا، وفق ما كشفت ناطقة باسم الشرطة الألمانية.

وقالت متحدثة باسم الشرطة إن “التحقيق الأولي في الاشتباه الأولي بالتحريض على الكراهية بموجب المادة 130 من القانون الجنائي تتم معالجته في دائرة متخصصة بمكتب الشرطة الجنائية بالولاية”.

وأضافت أن التحقيق قد يتوقّف في حال تبيّن أن محمود عباس كان يتمتع بالحصانة الدبلوماسية خلال وجوده في ألمانيا، وهو ما تم إثباته حاليا، بحسب تصريحات المدعي العام، ما قاد لإغلاق ملف القضية.

وكان الخبير القانوني ميشائيل كوبيسيل في تصريحات لصحيفة “بيلد” قد شكك بوجود حصانة للرئيس عباس وقال إنه لا يتمتع بالحصانة إلا إذا كان “ممثلا لدولة أخرى”. وفي هذا السياق، تكتسي مسألة معرفة إن كانت فلسطين تعدّ دولة أم لا “أهمية قصوى”، على حد تعبيره. وقال إن وجود عباس في برلين بدعوة من الجمهورية الاتحادية ليس هو المسألة الحاسمة، مشيراً إلى أن الكثير من الأفراد يلبون دعوات من هيئات حكومية دون التمتع بالحصانة.

وطالت الانتقادات المستشار الألماني حيث اتهمته صحيفة “بيلد” بالصمت بعد أقوال عباس، وقالت “عباس طرح مسألة الهولوكوست للنسبية والمقارنة، وشولتس بجانبه التزم الصمت”. ووصفت ما حصل بأنه فضيحة سياسية داخل المستشارية الألمانية.

ورأت مجلة “شبيغل” الألمانية أن شولتس لم يصمت بالمطلق أمام تصريحات عباس حيث عارض مصطلح “الفصل العنصري” الذي استخدمه عباس. كما أنه صرح للإعلام بعد المؤتمر الصحافي: “بالنسبة لنا نحن الألمان على وجه الخصوص، فإن أي نسبية للمحرقة أمر لا يطاق وغير مقبول”.

وقالت “شبيغل”: “بالرغم من هذا إلا أنه كانت هناك انتقادات حادة من المعارضة لحقيقة أنه التزم الصمت عندما أدلى بتصريح أكثر حدة حول الهولوكوست”.

وتعتبر ألمانيا من أكبر المانحين للفلسطينيين. وبحسب البيانات، يرجح أن الخارجية الألمانية خصصت ما مجموعه 72 مليون يورو لسكان الأراضي الفلسطينية عام 2022، من بينها 65 مليون يورو للمساعدات الإنسانية. وفي عام 2021 كان إجمالي المبلغ المخصص من الوزارة للفلسطينيين حوالي 94 مليون يورو.