قراءة "اسرائيلية " ... ما زلنا في “مدينة غزة” والحرب بدأت تأخذ شكل العصابات.. وطريقنا شاق

photo_2023-11-14_18-01-49.jpg

الصحفي تل ليف رام / معاريف 

القتال الذي جرى أمس في أحياء مدينة غزة والبلدات المحيطة بما في ذلك تلك التي يتواجد فيها الجيش الإسرائيلي بقوات كبيرة ويسيطر على الميدان، يجسد تعقيدات التحديات التي تواجه القوات في الميدان، ولماذا يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى وقت طويل كي يحقق أهداف الحرب في الجنوب؛ لتفكيك قدرات حماس العسكرية والسلطوية وإعادة المخطوفين إلى الديار.

رغم أن الجيش الإسرائيلي يسيطر عملياتياً على معظم مناطق مدينة غزة وضواحيها، فالمهمة لا تزال كثيرة ومعقدة.

ثمة حاجة لتطهير تلك الأحياء من بنى حماس التحتية الإرهابية، من حيث الاستحكامات، والشقق العملياتية، والمخازن ووسائل قتالية وفوهات أنفاق. وهذا ليس بسيطاً. مع أن المبنى العسكري المرتب في إطار كتائبي في كل واحدة من هذه المناطق تضرر بشدة ولم يعد يؤدي مهامه في قسم كبير من الأحياء، فإن القتال ما

زال متصاعداً. وهو الآن يتميز بنوع من قتال العصابات في منطقة مبنية.

يدور الحديث في معظم الحالات عن اشتباكات مع مخربين أفراد، يعملون في محاولة للمس بقوات الجيش الإسرائيلي، من بعيد أساساً، بواسطة صواريخ مضادات الدروع، ونار القنص، وتفعيل عبوات ناسفة، وذلك في ظل استغلال المنطقة المبنية المكتظة وفوهات الأنفاق ومحاولة الفرار بعد ذلك.

استثنائية من حيث الحجم هي المعارك التي دارت في الأيام الأخيرة في منطقة مستشفى القدس في حي تل الهوى. ويقول في الجيش الإسرائيلي إنه قتل هناك أكثر من 20 مخرباً في معركة أدارها الطاقم القتالي اللوائي 188. وعندما خرج المدنيون من المستشفى، اندس مخربون مسلحون بينهم، أطلقوا نار آر.بي.جي وعادوا بعدها للاختباء في المباني المجاورة للمستشفى. هكذا دارت معارك على مدى ساعات طويلة.

حسب معطيات الجيش الإسرائيلي، كان عدد مقاتلي حماس عشية بدء الحرب نحو 30 ألف مخرب، في توزيع على 5 ألوية، 24 كتيبة ونحو 140 سرية، حيث استحكامات عسكرية في منطقة كل كتيبة.

يعتقد الجيش الإسرائيلي أن معظم كتائب شمال القطاع لم تعد تؤدي مهامها. ومع ذلك، يتواصل القتال مع مخربي حماس في الأماكن التي هزمت فيها الكتائب وقتل قادتها وقادة السرايا، بحيث إنه من السابق لأوانه الحديث عن الاستسلام.

أعرب الجيش الإسرائيلي عن رضاه لسيطرته على مخيم الشاطئ للاجئين وعلى ضرب كتيبة الشاطئ المسؤولة أيضاً عن مستشفى الشفاء. يقدر الجيش بأنه قتل نائب قائد الكتيبة وقادة سرايا ونحو 200 مخرب أثناء الغارات الجوية وخلال المعارك. في اليوم الأخير، سيطرت قوات من الطاقم القتالي اللوائي للمظليين على استحكامات في مخيم اللاجئين.

وصفي قائد الكتيبة ومعظم قادة السرايا في كتيبة أخرى لحماس، في حي درج التفاح. وهكذا أيضاً في بيت حانون ومناطق أخرى. في هذه المناطق أساساً تخرج القوات المقاتلة من ألوية المشاة والكوماندوز إلى اجتياحات بغطاء قريب من الدبابات والطائرات على أساس معلومات استخبارية دقيقة إلى شقق الإرهاب التي فيها وسائل قتالية وقيادات، وفوهات أنفاق، ومنصات إطلاق صواريخ، ومسلحون ومخازن لوسائل قتالية.

عندما يتحدث الجيش الإسرائيلي عن تفكيك قدرات حماس العسكرية، فإن طريقة العمل العبثية تمر قبل كل شيء بضرب كتيبة حماس المسؤولة عن منطقة معينة.

بعد ذلك تبدأ مرحلة تطهير المنطقة من قبل قوات الجيش الإسرائيلي وفقاً لسلم أولويات وانطلاقاً من فهم بأنه من غير الممكن الوصول إلى كل فوهة نفق، وشقة إرهاب، وغرفة حربية أو موقع لإنتاج وسائل قتالية في كل حي أو مخيم لاجئين.

مراكمة الكتلة في ضربة جوهرية لكتائب حماس، وأنفاق المترو والوسائل القتالية التي دمرت، هي التي يفترض أن تؤشر على الإنجازات لـمسؤولي قيادة المنطقة الجنوبية. في أحاديث مع قادة قاتلوا في الأيام الأخيرة، يعرب قيادات الألوية المتقدمة وقيادة الجنوب عن الرضى من تقدم القتال.

وهناك فهم عميق بأن القوات في الميدان تحتاج إلى أسابيع من القتال في مدينة غزة نفسها.
مثال على طبيعة القتال في المنطقة يمكن أن نتعرف عليه من بلدة بيت حانون، التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي بشكل شبه كامل، حتى قبل كثير من بتر قوات الجيش للقطاع وسيطرتها على خط أحياء الشاطئ، ومن هناك إلى قلب الأحياء في قلب المدينة.

لقد مر حتى الآن أكثر من أسبوع منذ أن دخلنا كصحافيين لزيارة لواء النقب في البلدة التي بقيت فارغة تماماً من المدنيين. رغم أن قوات الجيش احتلت البلدة، فإنها لا تزال بعيدة عن أن تكون مطهرة، وفي كل يوم تقع هناك أحداث مع مخربين: نار مضادات دروع، وقنص، وفي بعض الحالات أحداث قاسية أيضاً.

هذه الأحداث تجسد أكثر بكثير بأنه ورغم الضربة التي وجهها الجيش الإسرائيلي لكتيبة حماس في هذه البلدة، فإن القتال غير شكله وأخذ وجه حرب عصابات.

لذا، ما زال أمام الجيش عمل كثير في مدينة غزة. مستشفى الشفاء بقي الآن كصاحب قيمة رمز ووعي أكثر بكثير من صاحب قيمة عملياتية.

المعارك الضارية التي بانتظارنا هي الأحياء التي لا تزال فيها كتائب حماس تؤدي مهامها.

مثلاً، في حي الشجاعية العنيد، تعد المعركة عليه بمثابة المعركة التي ستسعى حماس لجعلها رمزاً للصراع على مدينة غزة. ومثله أيضاً حي الزيتون، وبقدر كبير في جباليا أيضاً، الذي عولج حتى الآن بشكل جزئي جداً.

وعليه، فإنه حتى عندما يتشكل لدى الجيش رضى من وتيرة التقدم، فمن المهم أن نتذكر بأنه لا يزال هناك الكثير من العمل.

مدينة غزة نفسها فقط ستشل فرق الجيش لزمن طويل. ولم نتحدث بعد عن المعضلة إذا كنا سنوسع الحرب إلى مناطق أخرى في القطاع. وذلك في الوقت الذي كلما تواصل فيه القتال في غزة وجبى أثماناً باهظة من حماس، سيتعاظم التوتر في الشمال ويكون احتمال الحرب في هذه الساحة أكبر.

ما يشرح رسالة رئيس الأركان الفريق هرتسي هليفي في ختام تقويم الوضع في قيادة الشمال: “نستعد بشكل قوي مع خطط عمل للشمال. مهمتنا تحقيق الأمن. الوضع الأمني لن يبقى على الشكل الذي لا يشعر فيه سكان الشمال بأمان للعودة إلى بيوتهم”. بهذه الجملة يتناول رئيس الأركان هدفاً إضافياً من أهداف الحرب في

الشمال، الذي يعني بالحد الأدنى أن تنسحب “قوة الرضوان” ونشطاء “حزب الله” إلى خلف نهر الليطاني.

هذا سواء بتدخل دولي أم بعد مواجهة عسكرية. يعتقد الجيش أن الوضع في حدود الشمال أيضاً يجب أن يتغير تماماً في نهاية الحرب.

بعد ضربات عديدة تعرض لها “حزب الله”، فقد حسّن قدرته على البقاء. هكذا تقع في المنطقة أحداث أكثر من إطلاق النار على أهداف في إسرائيل وارتفاع في عدد المصابين.

على أي حال، التطورات الأخيرة في الساحة الشمالية، هدفها تشديد الضغط على إسرائيل وتقييد عملها في الجنوب. ستكون القيادة الإسرائيلية مطالبة بإيجاد طريق للخروج من هذا الفخ، كي تفي بمهام الحرب في غزة.