يستحوذ الملف الأوكراني على اهتمام قادة الغرب في كل لقاء يجري عقده، لكن القمة الأخيرة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في ليتوانيا، لم تخل من رسائل إلى بكين بدورها، حيث جرى تصوير بكين بمثابة "تهديد متزايد".
وكتبت مجلة "دير شبيغل" الألمانية، أن قادة "الناتو" ناقشوا ما اعتبروه أكبر تهديد يطل برأسه من الشرق، ممثلا في الصين، متهمين إياها بتقويض النظام الدولي الراهن.
وعزا الغربيون مخاوفهم إزاء الصين إلى جملة من النقاط، في صدارتها الموقف الصيني من الحرب الدائرة في أوكرانيا، حيث يرى الناتو أن صمت بكين غير كاف، لأن المطلوب هو التنديد بالحرب وبحليفتها موسكو.
أما المؤاخذة الثانية بحق الصين، وفق الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، فهي تسلحها النووي الذي وُصف بغير المسبوق من حيث السرعة والحجم.
موازاة مع ذلك، يتحدث الغرب عما يعتبره تهديدا صينيا لتايوان، في حين أكدت واشنطن مرارا أنها ستدافع عن الجزيرة، حتى وإن كانت ملتزمة بمبدأ الصين الواحدة.
وسعى القادة المجتمعون في ليتوانيا للتفاهم بشأن الطريقة المثلى لمواجهة الصين، لكنهم شددوا على أنها خصم بالفعل، لكنها ليست دولة عدوة على غرار روسيا.
وفي الشق المتعلق بـ"تقويض النظام الدولي"، تقول الصين إنها تسعى بالفعل إلى نظام أكثر عدلا، لأن ما هو قائم حاليا، يخدم دول الغرب فقط، ولا يراعي مصالح باقي دول العالم.
ورغم هذه اللهجة الشديدة، ثمة من يرى أن تعامل الغرب مع الصين سيكون مختلفا تمام الاختلاف، مقارنة بالتعامل مع روسيا، لأن البلدين متباينان من حيث القوة العسكرية والاقتصادية.
من يقدمون هذه القراءة يرون أن روسيا، وهي صاحبة اقتصاد أقل قوة من الصين بكثير، أحدثت صدمة لاقتصاد العالم، إثر فرض العقوبات عليها، فارتفع سعر النفط، والتهبت الأسعار في الكثير من الدول، "فماذا يمكن أن يقع في حال انزلقت الأمور إلى نزاع عسكري مع بكين بسبب تايوان؟".
وبما أن تايوان نقطة مركزية في العالم لتصنيع أشباه الموصلات، فإنها شريان حياة لأغلب الصناعات التي نحتاجها في العالم، بدءا من ثلاجة البيت حتى السيارات والطائرات التي نركبها.
ثم إن قادة الغرب "ليسوا على قلب رجل واحد" في الموقف من الصين، فقبل فترة كان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد أكد على نحو صريح، أن أوروبا ليست مطالبة بالتبعية لواشنطن، في الموقف من بكين.
وحتى الولايات المتحدة نفسها، الساعية إلى تطويق الصين، تحرص على إبقاء التنسيق والتواصل مع الصين، فذهب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى الصين، مؤخرا، ثم تبعته وزيرة الخزانة، جانيت يالين.
لكن توالي الزيارات لا يحجب حقيقة أن واشنطن تتحرك علنا من أجل تقييد وصول الصين إلى التكنولوجيا المتقدمة، في حين أن هذه الأخيرة صارت عنصرا لا محيد عنه من أجل تطوير الاقتصاد، في ظل المنافسة الدولية المحمومة.