حفر أبطال لعبة "المواي تاي" اسم فلسطين من ذهب في المحافل الدولية، عبر تسجيلهم العديد من الإنجازات وتحقيق الميداليات في بطولة العالم التي جرت مؤخرا.
أحمد هلال وأمير العملة ودانا عاكف، وغيرهم الكثير، أبطال فرضوا أسماءهم على الساحتين الرياضيتين الفلسطينية والعالمية، وأكدوا ضرورة لفت الانتباه بشكل أكبر إلى الألعاب الفردية التي حققت الكثير، رغم شح الإمكانيات والدعم المقدم، وعوضوا إخفاقات اتحادات جماعية نالت الكثير من الدعم لكن كانت أغلب مشاركاتها رمزية بعيدة عن المنافسة.
المواي تاي من عائلة الفنون القتالية وهي الملاكمة التايلاندية، فن رياضي يكون على شكل نزالات بين لاعبين أو متنافسين اثنين داخل الحلبة التي تكون على شكل مربع، وتحيط بها الحبال من كل جانب، ويقوم اللاعب باستعمال اليدين والمرفقين والرجلين والركبتين في تسديد اللكمات، وهو فن يُظهر مقدرة اللاعب الرياضية على استعمال اليدين والرجلين والدفاع الذاتي للحصول على الفوز.
وكان أحمد هلال، تُوّج للمرة الثانية على التوالي، بذهبية بطولة العالم للعبة، كما حصل كل من أمير العملة ودانا عاكف وعبد الحافظ مصطفى على الميدالية البرونزية.
رئيس اتحاد اللعبة: إنجازاتنا كبيرة لكن نعاني قلة الدعم
قال رئيس اتحاد المواي تاي شاكر الشروف، إن اتحاد اللعبة في فلسطين يعتبر حديثا، إذ تأسس عام 2008، وكان يضم وقتها أيضا اتحاد الكيج بوكسينج، ثم تم فصلهما عام 2017 بطلب من الاتحاد الدولي ليتم الاعتراف بالاتحاد الفلسطيني بصورة رسمية.
وبين رئيس الاتحاد في حديث لـ"وفا"، أن الاتحاد يضم 10 أعضاء في الداخل والشتات، 6 من الضفة الغربية، و4 من الشتات، وينخرط في صفوفه حوالي 650 لاعبا ولاعبة.
وحول اختيار اللاعبين، قال: إن عملية الاختيار تتم من خلال إقامة بطولة تصنيفية على مستوى فلسطين، عبر تنظيم بطولة مركزية، ليُفرز بعدها اللاعبون من خلال أوزانهم والنتائج التي يحققونها، ليتم اختيارهم فيما بعد لتمثيل فلسطين في البطولات الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن لدى فلسطين لاعبين على مستوى متقدم ويستطيعون تحقيق نتائج كبيرة.
وأكد الشروف أن اللاعبين في فلسطين ورغم ما حققوه من نتائج لافتة وميداليات في مشاركاتهم الخارجية، لكن لا يزال ينقصهم الكثير من الأمور للوصول إلى نتائج أفضل، ولعل أبرزها: ضرورة خوض معسكرات خارجية بصورة دائمة وقبل فترة من المشاركة، إضافة إلى خوض لقاءات والاحتكاك مع لاعبين من مختلف دول العالم، لاكتساب ما ينقصهم من خبرة.
وشدد على أن النتائج التي حققها اللاعبون وآخرها الميداليات الملونة التي حُققت في بطولة تايلاند الدولية، أجبرت العديد من الشخصيات ورجال الأعمال وحتى المواطنين على الوقوف إلى جانبنا وتقديم الدعم لكن ليس بصورة كافية، مؤكدا ضرورة الالتفاف حول اللاعبين ودعمهم بصورة أفضل، لأنهم يستحقون ذلك لما حققوه من نتائج باهرة.
وبين الشروف أن اتحاد اللعبة تنتظره العديد من المشاركات خلال الأشهر القادمة، إذ سيكون هناك مشاركة في البطولة العربية في شهر تموز القادم، إضافة إلى المشاركة في بطولة عالمية ستحتضنها مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية.
ولفت رئيس اتحاد اللعبة إلى أنها غير مصنفة حاليا في الألعاب الأولمبية، لكن ستكون حاضرة وبصورة رسمية في ألعاب 2028 في لوس أنجلوس الأميركية، ونتمنى أن تكون المشاركة الفلسطينية في الصورة المطلوبة، لما نضمه من لاعبين ولاعبات قادرين على رفع اسم فلسطين عاليا.
المدرب أبو دخان: فلسطين قطعت شوطا كبيرا في اللعبة
بدوره، قال المدير الفني للمنتخب أحمد أبو دخان، إن فلسطين قطعت شوطا كبيرا في هذه اللعبة من خلال النتائج التي تحققت، لكن لا يزال المشوار طويلا أمامنا للوصول إلى أفضل النتائج، واللاعب الفلسطيني قادر على العطاء إذا توفرت له الظروف والإمكانيات.
وأضاف أبو دخان في حديث لـ"وفا"، أن هناك دعما للاعبين ولكن ليس بالصورة المطلوبة، ويجب أن يكون الدعم أكبر من كل شرائح المجتمع لصناعة لاعبين على مستوى عالمي، لذلك يجب التعامل مع الرياضي في لعبة المواي تاي كلاعب محترف تتوفر له كل أشكال الدعم ليقدم أفضل ما لديه.
وأشار إلى أن لعبة المواي تاي رياضة ليست بالقديمة في فلسطين، لكنها استطاعت أن تسجل أرقاماً قياسية في فترة وجيزة رفعت خلالها اسم فلسطين عاليا في منصات التتويج، ولعل آخرها وليس الأخيرة تتويج النجم أحمد هلال بالميدالية الذهبية، ما يؤكد ضرورة الاهتمام بصورة أكبر من اللجنة الأولمبية والداعمين بالألعاب الفردية، بالنظر لما تصنعه من إنجازات.
وبين أبو دخان أنه يركز خلال تدريب اللاعبين على الناحيتين النفسية والاجتماعية للاعب، لبناء لاعب قادر على تمثيل البلد بالطريقة التي نحب أن نرى فلسطين بها، لذلك يجب أن نزرع بهم القيم الوطنية والاجتماعية والنفسية، لصناعة جيل مثقف، متزن ومحب، هدفه الأول فلسطين.
وقال: "وجدت أنه من خلال الرياضة أستطيع لعب دور وطني واجتماعي، من خلال تأثيري في اللاعبين، وبالتالي المجتمع ككل، ونحن دائما نتأقلم مع الواقع الموجود، ونخلق إبداعا من هذا الواقع، ولا نستسلم أبداً".
واختتم أبو دخان: نسعى إلى نشر اللعبة في أنحاء الوطن، وعلى اللاعبين دور في تجهيزهم لأن يكونوا مدربي مواي تاي في المستقبل، كلٌ في منطقته، حتى يتم نشرها في كل أنحاء الوطن، وحتى نصنع جيلا قويا ينافس على الذهب في الألعاب الأولمبية عندما يتم اعتمادها، ليرفرف علم فلسطين عاليا ويعزف نشيدها الوطني.
اللاعبة دانا عاكف: حققنا نتائج باهرة ونطمح إلى تحقيق الأفضل
اللاعبة دانا عاكف الحاصلة مؤخرا على الميدالية البرونزية في بطولة العالم، بينت أنها بدأت بممارسة اللعبة قبل 3 سنوات فقط، عن طريق الصدفة ومن خلال وسائل التواصل وما ينشره الكابتن أحمد أبو دخان عن اللعبة وانتشارها السريع بين الشبان والفتيات في فلسطين.
وأضافت نجمة المنتخب عاكف (21 عاما) التي تدرس في جامعة بيرزيت لـ"وفا"، أنها قبل ممارستها المواي تاي كانت تلعب "كونغ فو"، وهي قريبة جدا من هذه اللعبة، لكنها لم تكن وقتها تطمح إلى المشاركات الخارجية، وإنما كانت تمارسها كهواية، وانضمت إلى منتخب فلسطين بعد خوضها عددا من الاختبارات.
وشددت على أنها لاقت كل الدعم من عائلتها، خاصة من والدتها التي وقفت إلى جانبها وشجعتها على ممارسة هذه اللعبة المفيدة للفتيات في حياتنا اليومية بعيدا عن ممارستها كرياضة، داعية الفتيات إلى الإقبال على اللعبة دون خوف أو رهبة من التعرض للإصابة أو من نظرة المجتمع إلى فتاة تمارس رياضة عنيفة.
وبينت عاكف أنها رغم التحاقها من فترة قصيرة باللعبة إلا إنها شاركت في عدة بطولات عربية وعالمية، واستطاعت خلالها تحقيق 4 ميداليات ملونة ما بين فضية وبرونزية وآخرها برونزية العالم على حساب بطلات عالميات، مشيرة إلى أن الهدف القادم هو البطولة العربية في سوريا، وبطولة الألعاب العالمية في السعودية التي تأهلت إليها مباشرة.
وأشارت إلى أنه لولا وجود مدير فني واتحاد قوي لما استطاعت هي وزملاؤها في المنتخب تحقيق نتائج قوية، آملة أن يكون هناك اهتمام أكبر باللعبة، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للاعبين، ومراعاة ظروفهم، خاصة أنهم لا يزالون في الجامعة، حيث إنها اضطرت إلى تأجيل الفصل الدراسي لعدم وجود مرونة من بعض الأساتذة في أنهم يمثلون فلسطين خارجيا، وأنهم بحاجة إلى تأجيل الامتحانات.
أحمد هلال: أسعى إلى إحراز ذهبية أولمبية
النجم أحمد هلال الحاصل على ذهبية العالم لعامين متتاليين، قال إنه بدأ ممارسة اللعبة منذ حوالي 10 سنوات، لافتا إلى أنه مارس هذه اللعبة صدفة عن طريق أحد أصدقائه الذي نصحه بدخولها، حتى يقلل من وزنه ويبني جسما رياضيا كباقي أصحابه.
ولفت إلى أن الفضل الأكبر في الاستمرار في اللعبة يعود لرئيس الاتحاد كمال الشروف الذي شاهده بعد أسابيع من انخراطه في النادي المهتم باللعبة في رام الله ونصحه بالاستمرارية، لأنه يملك جسما قادرا على المنافسة، إضافة إلى الاهتمام الكبير من المدرب أحمد أبو دخان الذي يحفز اللاعبين على الوصول إلى العالمية.
ويضيف صاحب الـ(22 عاما) طالب التربية الرياضية في جامعة بيرزيت في حديث لـ"وفا"، أنه انقطع لحوالي 3 سنوات عن اللعبة لغرض الدراسة، ما ساهم في تراجعه كثيرا على المستوى الرياضي، حتى وصل وزنه إلى 130 كغم، ما أدخل مؤقتا اليأس للعودة إلى اللعبة، لكنه يتدارك بأنه استطاع أن يتحدى نفسه، وخلال أقل من 10 أشهر نجح في العودة إلى الوزن المثالي المطلوب.
ويؤكد البطل الذهبي أنه يسعى إلى مواصلة تحقيق الإنجازات والذهاب أبعد من ذلك، خاصة أن اللعبة ستصبح معتمدة في الألعاب الأولمبية عام 2028، ليدخل اسم فلسطين في قائمة الدول التي حققت الميداليات الأولمبية.
ويشتكي هلال من غياب الراعي الأساسي للاعبين، وقلة الدعم المقدم لهم من رجال الأعمال أو حتى مراعاة الجامعات لظروفهم، مشيرا إلى أن فلسطين تضم العديد من المواهب في هذه اللعبة يستطيعون الوصول إلى العالمية، لكنه بحاجة إلى تدريب أكثر وخوض معسكرات خارجية.
أخيرا، لا يخفى على أحد أن الإنجازات التي حققتها الألعاب الفردية تفوق كثيرا ما حققته الألعاب الجماعية، لكن للأسف ورغم هذا التفوق الواضح، إلا أن أبطال هذه الألعاب لا يزالون بحاجة ماسة إلى مزيد من الاهتمام والدعم، وخصوصا من الشركات الداعمة، ورجال الأعمال، واللجنة الأولمبية، وحتى إعلامنا المحلي الغائب عن سرد إنجازاتهم.
ليس غريبا أن تجد بطلا في لعبة فردية معينة لا يزال يبحث عن فرصة عمل، ما يدعونا إلى ضرورة الترويج المكثف لأبطالنا في الألعاب الفردية، فهذا أقل ما يمكننا أن نقدمه لنجوم حققوا المطلوب، خاصة أن الألعاب الفردية عوضت إخفاقات الألعاب الجماعية، ورفعت اسم فلسطين عاليا في المسابقات العالمية.