الخارجية: فريق فلسطين عمل بأعلى درجات المسؤولية والمهنية وأثبت قدرتنا على التخفيف عن الدول المتضررة

 أكد مساعد وزير الخارجية والمغتربين للتعاون الدولي ومدير عام (PICA) عماد الزهيري، أن فريق دولة فلسطين للتدخل والاستجابة العاجلة الموفد لسوريا وتركيا عمل بأعلى درجات المسؤولية والمهنية، كأي فريق دولي لدولة ذات سيادة، وأثبت أن فلسطين قادرة على المشاركة في الجهود الدولية لمواجهة الآثار الناجمة عن أي كارثة طبيعية، والمساهمة في جهود المجتمع الدولي بالتخفيف عن الدول المتضررة.

وقال الزهيري في مقابلة خاصة لـ"وفا": لدى ((PICA ثقة بالفريق الفلسطيني وبقدراته من الناحية المهنية والفنية، بالإضافة إلى التزامه الأخلاقي، والذي يعكس قيم ومبادئ الشعب الفلسطيني، ما يجعله يتطلع إلى القيام بواجباته على أكمل وجه بما يليق بشعبنا.

وتأسست الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي(PICA) ، بموجب مرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس في كانون الثاني/ يناير 2016، لتكون أداة الدبلوماسية العامة الرئيسية لدولة فلسطين وذراع التعاون الإنمائي للسياسة الخارجية الفلسطينية، وتعمل منسقا وطنيا للتعاون بين دول الجنوب والجنوب والشمال والجنوب، مع إيلاء اهتمام خاص لدعم البلدان النامية عبر المنطقة العربية وخارجها.

ويرتكز عمل الوكالة على أربعة جوانب هي: التعاون الفني وتبادل المعرفة، والإغاثة والاستجابات الإنسانية السريعة، وفرص الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص، والقيادة السياسية، والتي تسهم في صنع سياسات التنمية الدولية.

وحول فريق دولة فلسطين للتدخل والاستجابة العاجلة بُعيد وقوع الزلزال المدمر في تركيا وسوريا، قال الزهيري: فور توجيهات الرئيس محمود عباس بإرسال فريق فلسطين للتدخل للمناطق المنكوبة، تم تجهيز الفريق المكون من خبراء وأخصائيين منتدبين من وزارة الصحة، وخبراء في الإسعاف والطوارئ والدعم النفسي من الهلال الأحمر الفلسطيني، ومختصين في البحث والإنقاذ من الدفاع المدني، وطاقم إعلامي متكامل من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وفريق عمل من الوكالة بصفته المشرف على الفريق بشكل كامل بموجب اتفاقية موقعة مع الشركاء.

وأضاف: جرى التنسيق مع سفاراتنا في الأردن، وسوريا، وتركيا، ووضعنا الخطة اللازمة للتحرك، وأنجزت سفارتنا في عمان جميع التنسيقات اللازمة لتسهيل مرور الوفد، وقدمت الحكومة الأردنية كافة التسهيلات الممكنة عبر سلطاتها على الحدود والمعابر، وكذلك الحال بالنسبة للحكومتين السورية والتركية لتأمين مرور الفريق إليهما.

وتابع: في عمان، انقسم الفريق إلى قسمين، فريق غادر جوا إلى تركيا، فيما غادر الفريق إلى سوريا برا، وفور وصول الفريقين إلى الأماكن المتضررة باشرا بالعمل.

وأوضح الزهيري أن المهمة في سوريا كانت للإغاثة الإنسانية للسوريين والفلسطينيين، وأن فريقنا في سوريا المكون من 43 شخصا، عمل في مدينتي اللاذقية وحلب، إلى جانب أكثر من 50 التحقوا بالفريق من النقابات والاتحادات من المتطوعين، وفور وصول الفريق إلى الأماكن المتضررة بدأت عمليات البحث والإنقاذ، وتقديم الدعم الإغاثي والإنساني، وإنشاء الخيم، وتدعيم مراكز الإيواء وتجهيزها، وإنشاء عيادات طبية في المواقع، وتقديم العلاج اللازم والمعاينات الطبية، والدعم النفسي الذي قدمته فرق الدعم النفسي لأكثر من ألفي شخص ممن فقدوا أسرهم.

وأشار الزهيري إلى أن الأطباء في الفريق الفلسطيني من أخصائيين في الجراحة وجراحة العظام والنسائية والتوليد والتخدير وجراحة الأوعية الدموية شاركوا في عمليات جراحية، وأجروا مئات حالات التشخيص، بالإضافة إلى توفير الأدوية اللازمة للجراحات، والمضادات الحيوية، وأدوية الأمراض المزمنة، وتوفير العديد من الأدوية بناء على حاجات المرضى من المتضررين.

وأضاف: قمنا بشراء مواد إغاثية وإنسانية وزعناها على مراكز الإيواء المختلفة، كما وزعنا قسما كبيرا منها على أهلنا في مخيمي "حندرات" و"النيرب" الفلسطينيين، وقمنا بتوفير فرشات وأغطية، وتقديم 16 ألف طرد غذائي للمتضررين، بالإضافة إلى مساعدات مالية استفادت منها أكثر من 2500 عائلة قدمها الفريق من ميزانيته الشخصية.

ولفت إلى أن الفريق شارك في انتشال الجثث، والجنازات، وقام بتقديم التعازي باسم الرئيس، وباسم الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن فريق دولة فلسطين استجاب لطلب أهالي المنازل المتضررة وقام بتغطية تكلفة استئجار منازل لهم.

وعن مهام الفريق في تركيا، قال الزهيري: توجه فريق دولة فلسطين المكون من 30 شخصا، بينهم 15 من ضباط الدفاع المدني، والهلال الأحمر والصحة النفسية، إلى مدينة ملاطية، رابع أكثر المناطق تضررا من الزلزال، وفي مطار إسطنبول استقبلتنا إدارة الكوارث التركية، وتم نقلنا بطائرة خاصة إلى المدينة، وبوصول الفريق بدأ الدفاع المدني بعمليات البحث والإنقاذ، في حين قام باقي الفريق ببناء 150 خيمة، وإعطاء جلسات صحة نفسية للاجئين السوريين المتواجدين في المنطقة، وتم تجهيز وتوزيع أكثر من 500 طرد غذائي للمتضررين.

ونوه إلى أن فريق دولة فلسطين انسجم مع فرق الإنقاذ والإغاثة المحلية والدولية، ففي تركيا اندمج فريقنا في العمل مع الفريقين التركي والصيني، وفي سوريا اندمج فريقنا مع الفريقين الروسي والسوري، وعمل باحترافية ومهنية عالية وقدمنا كل ما يمكننا لإنجاح هذه المهمة.

وقال الزهيري إن مشاركة فلسطين في عمليات الإغاثة والإنقاذ في تركيا وسوريا لاقت إشادات، وكانت موضع تقدير وترحيب من المستويين الرسمي والشعبي، على أداء وعزيمة فرقنا.

وأوضح أن فريق دولة فلسطين في تركيا كان يعمل لأكثر من 14 ساعة يوميا على مدار 8 أيام متواصلة، في مهمة معقدة وصعبة، وقمنا خلالها بواجبنا بمسؤولية ومهنية والتزام، لافتا إلى أن الفريق وخلال عودته من ملاطية إلى اسطنبول قام قائد الطائرة بشكره، كما عرض صور خاصة بالفريق، إلى جانب نظرائه من دول أخرى.

وقال: وفي سوريا، كانت فلسطين واحدة من 6 دول عربية وصلت إلى الأرض السورية، وكانت مختلف وسائل الإعلام السورية تغطي عمل فريق الفلسطيني، وكان هناك تقدير وفخر كبيرين من أبناء شعبنا من اللاجئين ومن أشقائنا السوريين، وتم تكريم الفريق في مخيم الرمل من أهالي ومسؤولي المخيم، على جهوده ودعمه للمتضررين، في حين أن أهالي مدينة جبلة في اللاذقية أكدوا لنا أن مشاركة الوفد أعطتهم دعما معنويا كبيرا.

وعن الأثر النفسي على الفريق، قال الزهيري إن مشاهد الموت والدمار التي عايشها الفريق كانت قاسية، ولا يمكن تجاوزها بسهولة.

ولفت إلى أن ((PICA تبحث مع سوريا وتركيا مرحلة ما بعد الزلزال، من خلال رفدهما بطواقم هندسية لإعادة إعمار المناطق المتضررة.

وحول توفير احتياجات المتضررين في المرحلة القادمة، قال الزهيري: هناك خلية أزمة في وزارة الخارجية والمغتربين تقوم بالتنسيق الكامل مع سفارتينا في سوريا وتركيا لحصر الأضرار، وأنه بعد الانتهاء من عملية الحصر، سيكون هناك إجراء بهذا الخصوص للتخفيف عن أبناء شعبنا المتضررين من الزلزال.

وعن التحديات التي تواجه عملهم، قال الزهيري إن التحديات تتمثل بممارسات القوة القائمة بالاحتلال، التي تحد من إشراك أهلنا في قطاع غزة، وتمنع نقل المعدات الثقيلة، وتقيد حرية الحركة والتنقل، واستمرار اقتطاع إسرائيل من أموالنا، بالإضافة إلى ظروف البيئة التي يتم العمل بها في الدول التي تتعرض للكوارث.

وعن الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي أكد الزهيري أن (PICA) هي التعبير الصادق عن نوايا شعبنا تجاه المجتمع الدولي، كما تعتبر تجسيدا لمساندة فلسطين لأشقائها وأصدقائها، من خلال نقلها للمعرفة التخصصية والمساهمة في عملية التنموية.

وحول عمل ((PICA قال: نفذنا ما يقارب 53 برنامجا في الطب والزراعة وبناء القدرات والإعلام والطاقة المتجددة وغيرها، أبرزها ما نفذته في: تشيلي، وسلفادور، وفنزويلا، وكينيا، وموزمبيق، وبنجلاديش، ومالي، وتشاد، وناميبيا، وزيمبابوي، وغينيا كونكري، مضيفا أن (PICA) تعد الأولى عربيا إلى جانب نظيرتها في تونس في المركز الثاني، والمغرب في المركز الثالث، بشهادة مكتب الأمم المتحدة للتعاون الجنوب جنوب الذي أعلن أن الوكالة الفلسطينية "شريك الشهر في التعاون بين بلدان الجنوب".

وأضاف مدير عام (PICA): لدينا قاعدة بيانات لمختلف التخصصات الزراعية والطبية والهندسية، تضم كل من له تخصص رائد، ونسعى لإشراك أبناء شعبنا في كل مكان، وإشراك جالياتنا الموجودة في الخارج، ولدينا شراكات مع أكثر من 90 دولة ومؤسسة دولية إلى جانب المؤسسات والوزارات المحلية العامة منها والخاصة، بالإضافة إلى عدد من النقابات والاتحادات والجامعات الفلسطينية.

وعن آخر برامج الوكالة الفلسطينية للتنمية، قال الزهيري: تزامن إرسال الفريق الفلسطيني إلى سوريا وتركيا، مع إيفاد وفد طبي إلى جيبوتي لإجراء 200 عملية لإزالة المياه البيضاء في العيون. وقد أجرى جراحو (PICA) في كانون الأول/ ديسمبر 2022 الماضي زراعة 10 قرنيات جديدة لمرضى فلسطينيين ولبنانيين، استجابة لطلب مقدم من مستشفى الهمشري التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بلبنان، إلى جانب إجراء الفحوص الطبية لاختيار المرضى للعمليات الجراحية، وتم نقل الخبرات الفلسطينية في مجال زراعة القرنية بهدف دعم الجهود الطبية للمستشفى.

وكانت الوكالة أرسلت في شباط (فبراير) من العام ذاته، أول بعثة لزرع قرنية في كوت ديفوار، وأجرى جراحو (PICA) 20 عملية زراعة قرنية، بالإضافة إلى الفحوصات الطبية لاختيار المرضى، وعقدت عدة محاضرات حول "تقنيات عمليات زراعة القرنية" للأطباء إلى جانب تقديم الاستشارات الطبية لأطباء بقسم العيون المحليين، بالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية، والسفارة الفلسطينية في كوت ديفوار، وبنك إيفرسايت للعيون (SDG).

يشار إلى أن (PICA) نفذت برامج في مجالات الإعلام والزراعة والطاقة المتجددة والزراعة ومنها برامج تعاون زراعي في نيكاراغوا عام 2021 في أكثر من 10 مجالات، وتركز على مجالات الخدمات البيطرية والمخبرية، وتحسين الثروة الحيوانية، والزراعة المائية، وإدارة الدفيئات الزراعية وإنتاج الخضروات، بهدف نقل المعرفة إلى أكبر عدد ممكن من المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين ورجال الأعمال الزراعيين في أوسع موقع جغرافي ممكن.

علاوة على ذلك، أطلقت الوكالة برنامجا طبيا (برنامج جراحة العظام للأطفال) الذي أجرى 4 عمليات جراحية، تم تنفيذها بتمويل من رجال أعمال فلسطينيين ونيكاراغويين.