ما المدة القصوى للعثور على ناجين تحت أنقاض الزلزال؟

مع تواصل عمليات الإنقاذ في المناطق التركية والسورية المنكوبة بزلزال ضرب الدولتين، الأسبوع الماضي، لا زالت الفرق الميدانية، تعثر على ناجين رغم مرور 8 أيام على وقوع الكارثة.

وعثرت فرق الإنقاذ في ولاية كهرمان مرعش التركية، اليوم الثلاثاء، على شخصين ما زالا على قيد الحياة.

وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام تركية رسمية، لحظة استخراج فرق الإنقاذ للشابين من وسط ركام البنايات المدمرة. وأفاد معلقون بأنهما شقيقان أحدهما يدعى محمد أنس ويبلغ من العمر 17 عاما، والآخر يدعى عبدالباقي وعمره 21 عاما.

وانتشل رجال الإنقاذ أمس الإثنين صبيا على قيد الحياة يبلغ من العمر 13 عاما من تحت أنقاض مبنى منهار في إقليم هاتاي جنوبي تركيا، وذلك بعد مرور 182 ساعة على وقوع الزلزال.

كما انتشلت فرق الإنقاذ في هاتاي التركية، مسنا على قيد الحياة، بعد مرور 185 ساعة على الزلزال المدمر، فضلا عن حالات مماثلة أخرى تم تسجيلها خلال الأيام الماضية.

وتثير نجاة أشخاص قضوا مثل هذه المدة الطويلة تحت الأنقاض، تساؤلات عديدة، حول إمكانية أن يتعرضوا لاحقا لمضاعفات صحية أو نفسية، خاصة أنهم بقوا دون طعام أو ماء لأيام.

ويرى الدكتور أحمد العرموطي أخصائي الأمراض الباطنية، ليس هناك خطر كبير مستقبلا على حياة الناجين الذين قضوا فترات طويلة تحت الأنقاض، مشيرا إلى أن الإنسان "يستطيع تحمل البقاء دون طعام أو شراب لمدة تتجاوز أسبوعين، حيث يمكن لاحقا تعويض نقص السوائل الذي يعاني منه الشخص".

لكن العرموطي قال في حديث لـ"إرم نيوز"، إن الناجين قد يواجهون خطر الموت في حال عانوا نقص في الأكسجين "وهو العنصر الأهم في هذه الحالات".

ويضيف: "هناك أمر آخر، وهو أن يكون الناجون لم يتعرضوا لإصابات بالغة في الدماغ أو القلب أو الصدر أو البطن". مشيرا إلى أن "إصابة عضلات وأنسجة قد تؤدي إلى حدوث نزيف أو تسمم في الدم، الأمر الذي يشكل خطرا على الحياة".

وفيما يتعلق بالأشخاص المصابين بأمراض مزمنة كالضغط أو السكري، يرى العرموطي أن أوضاعهم تكون "أكثر صعوبة، فالامتناع عن تناول الأدوية الخاصة بهذه الأمراض قد يكون مهددا للحياة، فمريض السكري قد يدخل في غيبوبة بسبب نقص السكر في الدم على سبيل المثال".

من جهته، قال الطبيب الاستشاري علي العبوس، إن "فرصة الحياة للشخص الذي يتم إخراجه من تحت الأنقاض، تتوقف على عدة عوامل، أولها الوضع الذي كان فيه قبل إنقاذه".

ويوضح العبوس في حديث لـ"إرم نيوز"، أنه "هناك من كانوا في مكان جيد للحصول على الهواء، وبعيدين نسبيا عن الحطام، وهو ما يمكنهم من التنفس بشكل جيد ويجنبهم الإصابات المباشرة التي قد تسبب الوفاة".

ويشير إلى أن "ارتطام الجسم بمواد صلبة قد يعرضه لإصابات خطيرة في تؤدي إلى موت الأنسجة وتهتك العضلات، الأمر الذي يسبب تسمما في الدم يؤثر على بقية أعضاء الجسم، ويصبح مهددا للحياة".

ويوه إلى أن "الأشخاص في عمر الشباب والذين لا يعانون من أمراض مزمنة، لديهم فرص أعلى للعيش بحياة طبيعية أكثر من كبار السن والمرضى".

ولا يقتصر الأمر على الجانبي الطبي، حيث أن آثار الزلزال تظهر أيضا على الجانب النفسي لدى الناجين، بحسب وليد سرحان الاستشاري في الطب النفسي.

ويقول سرحان لـ"إرم نيوز": "الأشخاص الذين أخرجوا من تحت الركام، معرضون للإصابة بما يسمى اضطراب شدة الصدمة الحاد خلال الشهر الأول من وقوع الزلزال".

ويضيف أن "أعراض هذا الاضطراب تتمثل في التوتر والخوف والرعب واسترجاع ما حدث خلال الأيام السابقة والاكتئاب، مشيرا إلى أن المصاب بهذه الأعراض يشفى منها خلال فترة ليست طويلة إذا تلقى العلاج اللازم".

ويتابع أن "هذا الاضطراب إذا تواصل أكثر من شهر يسمى لاحقا اضطراب شدة ما بعد الصدمة، وقد يؤدي إلى الإصابة بأمراض عضوية كارتفاع ضغط الدم أو السكري، فضلا عن جلطات القلب".

ويشير سرحان إلى أن هذا الاضطراب يصاب به من 5 - 10% من الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات مخيفة مثل التي تحدثها الزلازل.

ودعا إلى "تعزيز الخدمات النفسية المقدمة للناجين من الزلازل"، مشيرا إلى أن "القليل من الدول ترسل مساعدات نفسية، وأن ما يقدم بهذا الخصوص غير كاف نظرا إلى الحجم الكبير لمثل هذه الاضطرابات".