ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن القوات الأوكرانية تتطلع إلى السيطرة الكاملة على خيرسون بعد الانسحاب الروسي، وذلك في وقت لا تزال الكهرباء فيه مقطوعة بالمدينة الاستراتيجية حيث تعزز موسكو مواقعها جنوباً وشرقاً.
وقالت الصحيفة إن القوات الأوكرانية قد تحركت لإعادة السيطرة الكاملة على مدينة خيرسون الجنوبية الرئيسية، وملأت الفراغ الذي خلفته القوات الروسية، حيث احتفل المدنيون هناك بنهاية ثمانية أشهر تحت الاحتلال.
وأضافت الصحيفة أن الوحدات الخاصة الأوكرانية كانت قد دخلت خيرسون أمس الأول، الجمعة، بعد أن تخلت موسكو عن المدينة التي تعد العاصمة الإقليمية الوحيدة التي وقعت تحت سيطرتها في أول أيام الحرب، وذلك في واحدة من أكبر الانتكاسات الروسية العسكرية.
وأضافت أن استعادة خيرسون تُظهر للداعمين الغربيين أن القوات الأوكرانية يمكن أن تستخدم بشكل فعال المساعدات العسكرية الممنوحة لها، وذلك في وقت تواجه فيه الحكومات ضغوطًا لتبرير استمرار دعمها مع استمرار الحرب.
وأشارت الصحيفة، من جهة أخرى، إلى أن انسحاب روسيا من خيرسون يمثل نكسة عسكرية شديدة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حيث كانت المدينة محورية أيضًا في محاولات موسكو للاستيلاء على المراكز الاقتصادية الحيوية في أوكرانيا في وقت مبكر من الحرب.
واعتبرت الصحيفة أن الانتصار في خيرسون يعد تتويجًا لحملة بطيئة ومنهجية استهدفت فيها القوات الأوكرانية خطوط الإمداد الروسية باستخدام مدفعية بعيدة المدى قدمتها الولايات المتحدة. وقالت إنه مع ذلك، يسمح الانسحاب لروسيا بتحرير قواتها، ثم نشرها على جبهات أخرى، حيث تكافح لتحقيق مكاسب ذات مغزى.
في غضون ذلك، حذرت صحيفة "التايمز" البريطانية من المبالغة في الاحتفال باستعادة خيرسون، وقالت إنه بالرغم من أن بوتين تم "إذلاله" بهذه الخطوة، فإن على زيلينسكي أن يحذر من الإفراط في الثقة، حيث يمكن أن تؤدي "الكارثة الروسية" الأخيرة إلى مزيد من إراقة الدماء.
وذكرت الصحيفة أن قرار الرئيس الروسي بالانسحاب من خيرسون قد يكون نقطة تحول في الحرب، "ليس بسبب مصير هذه المدينة المحطمة نفسها، ولكن بسبب ما قد يتبعها". وأضافت أن "الثقة الزائدة" لدى القوات الأوكرانية وشعورها بإمكانية تحقيق انتصار أكبر قد يدفعان بوتين إلى التصعيد.
وبالرغم من الانسحاب، رأت الصحيفة أن روسيا، في المقابل، استفادت بشكل كبير من القرار، حيث كانت ترغب في إخراج قواتها، التي تضم عددًا غير متناسب من المظليين وقوات النخبة الأخرى نسبيًا، بشكل سليم من المدينة لتعزيز خطوط دفاعية جديدة.
وقالت: "ربما لا يتوقع بوتين الفوز في هذه الحرب في ساحة المعركة. وبدلاً من ذلك، من خلال حرمان أوكرانيا من تحقيق فوز سريع والإشارة إلى أن روسيا قادرة على الاستفادة من مواردها للحفاظ على استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى، فإنه يأمل في زعزعة استعداد الغرب لمواصلة تسليح وتمويل الصراع".
وأضافت: "يبدو أن الانسحاب قد تم بنجاح نسبيًا، مما سمح للأوكرانيين بتحرير خيرسون ولكن لم يتسبب في انهيار أوسع للخطوط الروسية، وهو أمر عكسي بالنسبة للعديد من الحكومات الغربية".
وأشارت الصحيفة إلى أن "كابوس" الغرب يتمثل في خطوة أوكرانية مباشرة نحو شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في 2014، والتي تعد ذات قيمة خاصة للرئيس الروسي، معتبرة أن مهاجمتها تمثل تهديدًا وجوديًا لسلطة بوتين.
وقالت الصحيفة: "على الرغم من أنه (بوتين) أظهر عقلانيته في قبول الهزائم - كما حدث في كييف والآن في خيرسون – فإن الخوف هو أنه إذا واجه تهديدًا مفاجئًا وغير متوقع لشبه جزيرة القرم، فيمكنه تصعيد الحرب بطرق خطيرة، وربما يلجأ إلى الأسلحة النووية غير الاستراتيجية".