تعقيدات المشهد السوداني تتزايد يوماً بعد يوم

ما بين حشد وآخر مضاد يظل المشهد السياسي السوداني معلقاً على حبال الأمل في الوصول إلى تسوية، تعيد مسار الانتقال، وتنهي حالة الانقسام، الذي كاد أن يعصف بكيان الدولة، ففي الوقت الذي تكثف فيه أطراف داخلية ودولية من مساعيها لكسر حالة الانسداد الماثلة، عبر التوافق على ترتيبات دستورية جديدة، يتشارك فيها الفرقاء، يزداد غليان الشارع المنقسم هو الآخر، وما إن تلوح في الأفق بوادر للانفراج، إلا ويعلو صوت الخلافات من جديد، لتعود الأوضاع إلى ذات مربع الشقاق، وتباعدت مساحات الثقة بين الأطراف بشكل أكبر عقب قرارات قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان.

ويؤكد المحلل السياسي د. محمد خليفة لـ«البيان» أن تعقيدات المشهد السوداني تتزايد يوماً بعد يوم، وتجعل من الصعوبة بمكان التنبؤ بمآلات الأوضاع، باعتبار أن الحالة السودانية باتت عصية على التحليل حد قوله، في ظل التشاكس في ما بين القوى السياسية وعدم قبول الآخر، والانقسام الشديد بسبب التمترس حول المواقف، بجانب التدخل الخارجي في الشأن السوداني، فضلاً عن حالة الضعف التي تعتري السلطة الحالية، ويشير خليفة إلى أن لا خيار متاحاً غير المضي في طريق التسوية برغم ما يعتريها من شوائب، كما أن نشاط قوى الحرية والتغيير بإدخال بعض الأطراف، ضمن التسوية مثل حزب المؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي الأصل وجماعة أنصار السنة، من شأنه أن يضفي على شكل التسوية القادمة نوعاً من الشمول المعقول، وأن ذلك هو السبب الذي أزعج جيوب النظام المعزول من خلال تحركاتها الرافضة للتسوية خلال الأيام الأخيرة.

وتوقع أن تصل التسوية الجارية حالياً إلى مرحلة النضوج النهائي، لا سيما أنها تجد الدعم الداخلي من قطاعات سودانية واسعة بجان الدفع الدولي والإقليمي، وأضاف: «ربما تنجح التسوية في الوصول إلى شكل من أشكال التوافق، ولكن يجب أن يتم تحديد الإشكالات بصورة واضحة ومراعاة الإتيان برئيس وزراء مقبول لدى الجميع وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، مع تحديد نهاية للفترة الانتقالية والبدء في الإعداد للانتخابات حتى يطوي السودان هذه الصفحة».

بدوره، يؤكد المحلل السياسي أحمد خليل لـ«البيان» أن الحل السياسي بين القوى المدنية والمكون العسكري ليس سهلاً، لا سيما في ظل فجوة الثقة التي نتجت بعد قرارات الـ: 25 من أكتوبر2021، ولفت إلى أن اختراقات في المشهد حدثت خلال الأيام الأخيرة، بعد لقاءات تمت بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، غير أنه حمل القوى السياسية عبء البحث عن حلول للمشكل السوداني عبر وضع رؤية واضحة، تعبر عن الشارع السوداني وتطلعاته.

في غضون ذلك، وفي محاولة لإجهاض عملية التوافق الوطني بين المكونات السودانية، خرجت مجموعات من فلول نظام الإخوان المعزول، في تظاهرات احتجاجية رافضة للتسوية السياسية المرتقبة بين المكون العسكري والقوى المدنية، مطالبة بطرد بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان، مهددين بإغلاق الخرطوم حال تم التوقيع على التسوية السياسية.

وتجمع حشد من أنصار النظام المعزول، أمس، أمام مقر بعثة الأمم المتحدة بالخرطوم، رافعين شعارات منددة بالتدخل الأجنبي، ومطالبين القيادة العسكرية بإبعاد رئيس البعثة، فولكر بيرتس، معلنين رفضهم وثيقة الدستور المقترح باعتبارها وثيقة مستوردة من الخارج.

في المقابل، انطلقت فعاليات المؤتمر السياسي الولائي لقوى الحرية والتغيير، الذي يتناول مجموعة من أوراق العمل والحوارات حول الراهن السياسي والتنظيمي للتحالف، كما تتضمن الفعاليات ندوات سياسية، بمشاركة قيادات الحرية والتغيير في العاصمة الخرطوم والولايات.