حصار القدس ونابلس وجنين يعمق جراح الاقتصاد الفلسطيني

رام الله الإخباري

لليوم السادس على التوالي، تحاصر قوات الاحتلال الأحياء والبلدات المحيطة شمال القدس المحتلة، فيما زادت حدة هجماتها شبه اليومية في نابلس وجنين للشهر الرابع، أضيف إليها قبل أيام قطع للطرق وإغلاق المداخل بسواتر ترابية، لتقضي على ما تبقى من أنشطة اقتصادية، امتدت تداعياتها إلى جميع أنحاء الضفة.

ففي القدس المحاصرة أصلا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، ما حرمها من مكانتها كسوق ومركز صحي وتعليمي يعتمد إلى حد كبير على وصول المواطنين إلى المدينة من باقي أنحاء الضفة وقطاع غزة ومن مدن وقرى وبلدات أراضي الـ48، سواء للبيع والشراء أو لتقلي الخدمات، باتت شوارعها اليوم شبه مهجورة، بعدما أغلقتها قوات الاحتلال تماما في وجه مواطني الضفة، بما في ذلك حملة التصاريح.

شمالا، تفرض قوات الاحتلال حصارا مشددا على مدينة نابلس وبعض البلدات المحيطة، وعززت هذا الحصار بإغلاق مداخلها بسواتر ترابية، أمس الأربعاء، ما يعني عزلها عن باقي الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك قطع الطرق بينها وبين وسط وجنوب الضفة.

وقال عضو مجلس الإدارة، الناطق باسم غرفة تجارة نابلس ياسين دويكات إن "ما يجري من إجراءات وممارسات واقتحامات متواصلة من قبل الاحتلال للمدينة، ومنع الدخول إليها والخروج منها، قضى على ما تبقى من أنشطة اقتصادية وتجارية فيها".

وأضاف: "حالة الخوف والقلق التي تثيرها التهديدات المستمرة في الإعلام الإسرائيلي باجتياح واسع، خصوصا لنابلس وجنين، أثرت إلى حد كبير على حركة التجارة، وباتت تخلو من المتسوقين، ليس فقط من أراضي الـ48، وإنما أيضا من سكان القرى والبلدات في المحافظة نفسها".

نابلس كانت تعاني وضعا اقتصاديا صعبا قبل إجراءات الاحتلال الأخيرة، إذ ما زالت كباقي الأرض الفلسطينية تعاني تداعيات جائحة كورونا، والوضع المالي والاقتصادي المتردي نتيجة عوامل داخلية وخارجية.

وقال دويكات: حتى قبل الإجراءات الأخيرة لسلطات الاحتلال، كان النشاط الاقتصادي بحدوده الدنيا، بما لا يزيد عن 40%، والآن، حتى هذه النسبة لم تعد متاحة".

وأضاف: إغلاق مداخل المدينة بالسواتر الترابية والمكعبات الأسمنتية يؤشر إلى حصار طويل، ونحن نتوقع الأسوأ.

في جنين، لا يختلف الوضع عنه في نابلس، وربما أسوأ لتداخل عدة عوامل في وقت واحد، بمجموعها أدت إلى شلل تام للأنشطة الاقتصادية والتجارية فيها.

وقال رئيس غرفة تجارة جنين عمار أبو بكر، "أحداث جنين خصوصا، والبلاد عموما، أثرت بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية".

منذ سنوات طويلة، تقوم الحركة الجارية في جنين على دخول الفلسطينيين من أرضي الـ48 إليها.

وقال أبو بكر: "كنا نشهد دخول حوالي 5 آلاف سيارة من أراضي الـ48 إلى المدينة يوميا، هذا العدد ينخفض تدريجيا منذ بدأت قوات الاحتلال اقتحاماتها للمدينة قبل نحو أربعة أشهر، ليصل إلى أقل من النصف، وفي الأيام الأخيرة بات دون ذلك بكثير، مع الإغلاقات المتكررة للمعابر بسبب الأعياد اليهودية، والتي تزامنت مع تكثيف اقتحامات الاحتلال للمدينة".

 وأضاف: تأتي هذه الممارسات لتعمق ركود الأوضاع الاقتصادية والتجارية التي تعانيها المدينة أصلا، كتداعيات كورونا، وارتفاع الأسعار نتيجة الحرب في أوكرانيا.

أحد الروافد المهمة للحركة التجارية في المدينة يتمثل بالعمال الفلسطينيين في أراضي الـ48، والذين يوفرون سيولة نقدية هائلة يتم ضخها في اقتصاد المدينة.

وقال أبو بكر: بسبب الإغلاقات المتكررة للمعابر بسبب الأعياد والاجتياحات، لم يعد معظم العمال يذهبون إلى أعمالهم، ما حرم المدينة من سيولة ضخمة كانت تساهم بحصة كبيرة في تحريك الأنشطة التجارية.

وتابع: الآن أضيف إلى كل هذه العوامل بدء موسم الزيتون، وقبله بدء العام الدراسي، وهما حدثان يحدان من زيارة المدينة من قبل سكان قرى وبلدات المحافظة.

وقال أبو بكر: ما نشهده وضع سيء للغاية، ولا يبدو أننا سنشهد نهاية قريبة له، إذ لا أفق على كافة الصعد: السياسية والأمنية والاقتصادية.

في العام 2020، سجل الاقتصاد الفلسطيني انكماشا تاريخيا بنسبة 11.5%، هو الأعمق منذ اجتياح الضفة في عام 2002، ليتعافى في 2021 ويسجل نموا بحوالي 7% جراء العودة المفاجئة للاستهلاك بعد ركود كورونا.

ويتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي هذا العام، إذ تتراوح تقديرات نمو الاقتصاد الفلسطيني بين 2 و3%، لكن، يبدو أن هذا المعدل، على ضآلته، لن يكون متاحا، مع استمرار التدهور في الأراضي الفلسطيني جراء الاقتحامات والاعدامات والاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال ومستوطنيه، وما يرافقها من حصار وإغلاق للمدن وقطع الطرق فيما بينها.

وفا