بعد ثلاث محاولات: طالبة صم وبكم تحقق النجاح في الثانوية العامة

رام الله الإخباري

بلغة الإشارة؛ عبرت الطالبة هيا سيف سالم عن فرحتها بنجاحها في الثانوية العامة - التوجيهي وحصولها على معدل (78.5%) في الفرع الصناعي تخصص تصميم (جرافيك ديزاين).

جاء نجاحها هذا العام بعد ثلاث محاولات سابقة باءت بالفشل، إلى أن توجت هذه المرة بمعدل فاق توقعاتها، خاصة بعد أن اجتهدت كثيرا لتحقيق حلمها بالالتحاق بالجامعة وإكمال مسيرة النجاح في حياتها.

هيا (26 عاما) ولدت بإعاقة "الصم والبكم" وهي من سكان مخيم طولكرم، وهو من أكبر مخيمات اللاجئين الذي نشأ عقب نكبة 1948، يعود أصلها من قرية وادي الحوارث المهجرة، تعيش داخل منزل بسيط متواضع بإحدى أزقة المخيم، يكاد تتوفر فيه أبسط متطلبات الحياة مع والدتها وشقيقاتها، بعد وفاة والدها منذ زمن.

التحقت هيا منذ صغر سنها بجمعية قاقون الخيرية التي تعنى بتعليم الطلاب الصم لغة الإشارة المتعارف عليها، ورفع المستوى التعليمي لهم حتى الصف التاسع، وانتقلت بعد الصف السادس لجمعية الأمل الخيرية للصم في قلقيلية.

اجتهدت هذا العام كثيرا، واصلت الليل بالنهار، لتحقيق حلمها بالنجاح هذه المرة؛ تشير بيديها بلغة الإشارة وحركة الشفاه بابتسامة رسمتها على وجهها: "فخورة بنفسي وقد تغلبت على كافة التحديات".

تحدثت هيا مع مراسلة "وفا" بلغتها، وإلى جانبها معلمة لغة الإشارة في جمعية قاقون حنان الخطيب، حول رحلة التوجيهي، أنها لقيت صعوبات في الدراسة بعد أن كانت في البداية ملتحقة بالفرع التجاري ولم يحالفها الحظ ثلاث مرات، لكنها في كل مرة كانت تستعد للإعادة بقوة أكبر وإرادة عالية، فحولت إلى الفرع الصناعي، خاصة أنها تمتلك موهبة الرسم منذ أن كانت طفلة، ما ساعدها كثيرا في هذا التخصص، فكانت بداية انطلاقها نحو النجاح لتحقق مرادها في الثانوية العامة، وإكمال مسيرتها التعليمية في الجامعة.

وتقول: "لم أستطع أن أصف مشاعري حينما تم الإعلان عن نتائج التوجيهي، كنت خائفة جدا من عدم النجاح، لكن عندما وصلتني رسالة نجاحي فرحت كثيرا وبكيت".

وتدعو كل طالب خاصة من ذوي الهمم العالية إلى عدم اليأس، وإنما الجد والاجتهاد والتعب لتحقيق ما يصبون إليه ويحلمون به، فكل صعب بالتوكل على الله والإرادة يزول ويتحقق النجاح.

وأعربت هيا عن أملها بالحصول على دعم ومساندة تساعدها في تحقيق طموحها بالالتحاق بالجامعة، فهي تود الدراسة في جامعة فلسطين التقنية خضوري في طولكرم في مجال تخصصها "التصميم"، وأن توفر الجامعة ترجمة لمثل حالتها للتمكن من الاستمرار في دراستها. 

من جهتها، تقول معلمة الإشارة الخطيب، أن هيا هي من ضمن خمسة طلاب من طلبة جمعية قاقون الخيرية نجحوا في الثانوية العامة هذا العام بمعدلات عالية، ونعتبره انجاز وفخر لهذه الفئة ومن حولها، وأساس النجاح والتفوق، مشيرة إلى أن هؤلاء بحاجة إلى النظر إليهم من كافة المؤسسات والجهات ودعم نجاحهم وتشجيعهم على الاستمرار في طريق العلم وتطوير شخصيتهم، والمساهمة في بناء الوطن. 

وأوضحت أن الجمعية تبذل جهدا كبيرا في تعليم فئة الصم والبكم، ليس فقط الاعتماد على الإشارة وإنما التركيز على القراءة والكتابة، لتخريج جيل متعلم متميز سواء في المدرسة أو الجامعة، في الوقت الذي تقوم فيه الجمعية بمتابعتهم والتواصل معهم ومع أمهاتهم وحل أي مشكلة تواجههم، مشيرة إلى أنه من باب التشجيع للناجحين ستقيم لهم حفل تكريم لهم خلال الأيام المقبل.

من ناحيتها، تقول العاملة في مكتب وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في طولكرم دلال سلامة، إنها ومن باب معرفتها بالطالبة هيا، رأت بها الفتاة الخلوقة، ورغم إعاقتها إلا أنها تجعل من حولها يحب لغة الإشارة التي تتقنها وتوصل المعلومة من خلالها كما أي شخص يتكلم بصوته، وتحب أن تجالس من لهم خبرة بالحياة، أصرت أن تحصل على شهادة الثانوية العامة بعد ثلاث محاولات، كل عام كانت تستعد بقوة أكبر وإرادة عالية وأصبحت هذا العام من الناجحين، وهي مثال يحتذى به لكل شرائح المجتمع.

وذكرت مديرية التربية والتعليم في طولكرم أن 12 طالبا وطالبة من ذوي الاحتياجات الخاصة ما بين بصرية وسمعية وحركية ومرضية نجحوا في امتحان التوجيهي هذا العام، وحصلوا على معدلات عالية، أعلاها معدل 89.7% كانت للطالب تيسير عزمي محمد حنون في الفرع العلمي من مدرسة ذكور الفاضلية، ويعاني من إعاقة حركية

وفا