تستطيع السيارة ذاتية القيادة حاليا السير في شوارع المدينة والأمكنة قليلة الاكتظاظ من خلال تمييز المشاة والمركبات الأخرى بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية الاصطناعية المدربة على رؤية البيئية المحيطة بالمركبة، بما يشبه آلية رؤية البشر.
ولكنها تختلف عنا بأنها لا تمتلك ذاكرة عن الماضي، وفي كل مرة تتعرض للتجربة وكأنها هي المرة الأولى، ما قد يسبب مشكلات في ظروف الطقس السيئة، عندما تضعف قدرة حساساتها.
وفي هذا الإطار، نشر باحثون من كلية الحوسبة والمعلوماتية وكلية الهندسة التابعتين لجامعة كورنيل الأمريكية ثلاث أوراق بحثية، تهدف إلى تزويد المركبة ذاتية القيادة بالقدرة على إنشاء ذكريات عن التجارب السابقة واستخدامها مستقبلا خلال حركتها.
وقال الأستاذ الدكتور لعلوم الحوسبة كيليان واينبرغر، المؤلف الرئيس للدراسة ”يمكن أن تخطئ المركبة برؤية شجرة غريبة الشكل على أنها أحد المشاة عندما يراها الماسح الليزري للمرة الأولى من مسافة بعيدة، ولكن عند الاقتراب منها، ستميز المركبة شكل الشجرة، ولكن في المرة التالية عندما تمر بجانبها، حتى في الجو الضبابي أو المثلج، يجب أن تتعلم المركبة تمييز الشجرة بشكل صحيح“، وفقا لموقع تك إكسبلور.
وجمع الفريق بيانات من خلال قيادة مركبة مزودة بحساسات ضوئية 40 مرة، في حلقة بطول 15 كيلومترا، وعلى مدى 18 شهرا؛ ما أدى إلى تنويع الحالات التي مرت بها بين طرق سريعة وريفية، وظروف طقس تتنوع بين مشمسة وماطرة.
وقال المؤلف المشارك في البحث دياز رويز ”يتمثل التحدي الأكبر للسيارات ذاتية القيادة في ظروف الطقس، إذ إن البشر مثلا يمكنهم الاعتماد على ذاكرتهم للمرور في طريق مغطى بالثلج، ولكن الشبكات العصبية الاصطناعية لا يمكنها ذلك لأنها لا تمتلك ذكريات“.
وعمل الباحثون على تطوير طريقة تسمح للشبكات العصبية الاصطناعية بحساب أوصاف الأشياء التي تمر المركبة بجانبها، ومن ثم ضغطها وحفظها في خريطة افتراضية تشبه الذاكرة في الدماغ البشري.
وتستطيع المركبة ذاتية القيادة أن تسترجع البيانات اللازمة عند مرورها في الطريق ذاته، يمكنها أيضا مشاركة مجموعة البيانات مع المركبات الأخرى، وتحديثها تباعا.
وفي ورقتهم البحثية الثالثة، استطاع الباحثون تدريب المركبة على تحديد أهمية الأشياء التي تمر بها أول مرة، من خلال تمييز الأشياء الثابتة والمتحركة في طرق لم تمر بها من قبل.
ويأمل الباحثون أن تقلل دراستهم من تكلفة تطوير المركبات ذاتية القيادة، وجعلها أكثر كفاءة من خلال تعلم السير في المناطق الأكثر ازدحاما.