خلص قاض بريطاني كبير إلى أن طليقة حاكم دبي الأميرة هيا بنت الحسين تعرضت لإساءة “مفرطة” من جانب زوجها السابق، ومنحها حق حضانة طفليهما.
وينهي الحكم معركة قضائية غير معتادة وباهظة التكلفة امتدت لثلاث سنوات في المحكمة العليا في لندن بين الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي وزوجته السابقة الأميرة هيا، أخت العاهل الأردني الملك عبد الله غير الشقيقة.
وفي بيان صدر نيابة عن الشيخ محمد قال إنه يحب طفليه وسيظل يكفلهما دوما نافيا “المزاعم الواردة في إجراءات التقاضي هذه”.
وتطرقت القضية لعمليات خطف وتهديدات بالقتل ووجود علاقة بين الأميرة وأحد أفراد فريق حراستها ولابتزاز وتجسس واختراق هواتف باستخدام نظم متطورة، كل هذا في أجواء ثراء تضمنت عقارات فاخرة وملابس باهظة الثمن ومجوهرات بملايين الدولارات وخيول سَبَق.
وكانت المحكمة قد خلصت من قبل إلى أن حاكم دبي أثار خوف الأميرة هيا على حياتها واختطف ابنتين من زيجة أخرى وأساء معاملتهما كما أمر بمراقبة هاتف الأميرة وهواتف محاميها، مستخدما برنامج بيغاسوس المتطور للتجسس.
كما حكمت على الشيخ محمد، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس وزرائها، بدفع مبلغ قياسي تجاوز 554 مليون جنيه استرليني (730.50 مليون دولار) لتأمين الطفلين ورعايتهما.
وفي حكمه النهائي، قال القاضي آندرو مكفارلن رئيس محاكم الأسرة في إنكلترا وويلز إن الشيخ محمد “كان يُبدي باستمرار سلوكا يتسم بالإرغام والتحكم” في من يخالف إرادته من أفراد أسرته.
وأضاف “على الرغم من حدوث ذلك على نطاق يخرج تماما عن الملابسات المعتادة في القضايا التي تنظرها محكمة الأسرة في هذه الدائرة القضائية، كان سلوك الأب تجاه أم طفليه عنفا أسريا”.
وحَكَم القاضي بأن تقرر الأميرة هيا وحدها كل الأمور المتعلقة بتعليم وصحة الطفلين، جليلة (14 عاما) وزايد (عشرة أعوام)، مع إطلاع الأب على شؤونهما وحسب.
وقال إن علاقة الأب بالطفلين ستقتصر على الاتصالات الهاتفية والرسائل بعد أن قرر الشيخ محمد نفسه عدم التواصل المباشر معهما.
توجهت الأميرة بالشكر للقضاء البريطاني وقالت إنها ستنشئ ابنها وابنتها على احترام تقاليد بلديهما الأم. وقالت في بيان “أنا وجليلة وزايد لسنا بيادق تُستخدم من أجل الفُرقة”.
ويُسدل إعلان قرار حضانة الطفلين الستار على قضية تكلفت أكثر من 70 مليون استرليني أتعاب محاماة وصفها القاضي مكفارلن بأنها “تكاليف قضائية ضخمة حقا”.
وقال إن الشيخ محمد أحب طفليه وإنهما بادلاه حبا بحب، لكنه انتقد سلوكه ورفضه حتى الإقرار بدور زوجته السابقة في رعاية الطفلين.
وأضاف “سلوك سموه مع الأم… سواء بالتهديد أو القصائد أو تنسيق تقارير صحافية أو الترتيب خفية لشراء عقار يطل مباشرة على عقارها أو التنصت على هاتفها أو في سير هذه الدعوى كان مسيئا بدرجة عالية.. درجة مفرطة حقا”.
ومضى قائلا “وبرغم ما توصلت إليه المحكمة، لم يقر سموه مطلقا بأنه أقدم على أي من هذه الأفعال أو أنه لعب دورا فيها”.
يُسدل إعلان قرار حضانة الطفلين الستار على قضية تكلفت أكثر من 70 مليون استرليني أتعاب محاماة
وتعرضت الأميرة هيا بعد ذلك لابتزاز أربعة من فريق حراستها، في حين دبّر الشيخ محمد حملة ترويع لها ثم اخترق هاتفها وهواتف محاميها، حسبما ظهر خلال إجراءات قضائية سابقة.
وبدا أن هذه الأحكام لم تؤثر على وضع الشيخ محمد دوليا أو على العلاقات بين بريطانيا ودبي والإمارات ككل.
ففي سبتمبر/ أيلول الماضي، تعهدت الإمارات باستثمار عشرة مليارات جنيه استرليني (13.6 مليار دولار) في الطاقة النظيفة والبنية التحتية والتكنولوجيا وعلوم الحياة في بريطانيا. وفي زيارة لأبوظبي في الأسبوع الماضي وصف رئيس الوزراء بوريس جونسون الإمارات بأنها شريك دولي رئيسي.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد تطرقت إلى التفاصيل التي استمعت إليها المحكمة العليا في لندن سابقا، قبل أن تحكم بأن يدفع حاكم دبي 554 مليون جنيه إسترليني لتسوية خلافه مع الأميرة هيا، وهو مبلغ قياسي في بريطانيا لمثل هذه التسويات. وذكرت الصحيفة أنه قبل الانفصال في عام 2019، كان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يوفر لهيا 83 مليون جنيه إسترليني سنوياً كنفقة منزلية، بالإضافة إلى تسعة ملايين جنيه إسترليني لتنفقها على نفسها وعلى ما قد يطرأ من مصاريف.
واستمعت المحكمة إلى أنهما في أحد مواسم الصيف، عندما كانا متزوجين، أنفقت هيا والشيخ محمد مليوني جنيه إسترليني على الفراولة.
وبحسب “الغارديان” شكلت الإجازات والعطل جزءاً لا بأس به من المبالغ المخصصة لرعاية الطفلين، إذ حكم لهما القاضي بمبلغ 5.1 ملايين جنيه لدفع تكاليف تسعة أسابيع من الإجازات في الخارج كل عام، وأسبوعين من الإجازات داخل بريطانيا، بالإضافة إلى ثلاث عطل نهايات أسبوع طويلة في الأردن وثلاث نهايات أسبوع للاستجمام داخل بريطانيا.
وتشمل المبالغ المخصصة للرعاية مليون جنيه إسترليني سنوياً “للرفاهية”، ومبلغ 277050 جنيها إسترلينيا سنوياً للحيوانات، بما في ذلك مهرتان وحصان يمتطيهما الطفلان. ومع أن المحكمة استمعت إلى أنهما يتكبدان مبلغ 250 ألف جنيه إسترليني سنوياً للتعليم، إلا أن المبلغ الذي حكم لهما به هو 100 ألف جنيه إسترليني في السنة.