هآرتس- بقلم: كارولينا ليندسمان-
" أجرت لجنة المالية في الأسبوع الماضي، نقاشاً طارئاً حول جاهزية الحكومة لاستيعاب موجة المهاجرين المتوقعة من أوكرانيا. وقال رئيس اللجنة، عضو الكنيست اليكس كوشنير: “نحن في هذه الأثناء في حالة أزمة ستؤثر على 250 ألف شخص من أصحاب حق العودة… هذا واجبنا، ولكنها فرصتنا أيضاً”.
يبدو أن أقوال كوشنير تفسر على أنها تتساوق مع الفكرة العميقة، وهي أن أي أزمة تعد فرصة للتغيير والتطور والنمو. ولكنها فعلياً، تشويه لهذه الفكرة. قال تشرتشل إن “المتشائم يرى مشكلة في كل فرصة، لكن المتفائل يرى في كل مشكلة فرصة”. وكوشنر غير متفائل. أن تخرج رابحاً من أزمة شخص آخر فهذا ليس تفاؤلاً، بل هي سمسرة. نشير، لصالحه، إلى أنه محاط بـ “متفائلين” مثله، لذلك، لا يلاحظ الفرق.
عضو الكنيست فلاديمير بلياك (يوجد مستقبل) قال: “أمامنا الآن فرصة غير عادية علينا ألا نفوتها”. مدير وحدة الاستيعاب والهجرة في الوكالة اليهودية، شاي فلبر، الذي شارك في النقاش، وسع ذلك، وقال: “نعرف عدد ما ينقصنا من العمال في سوق الاقتصاد. لا شك بأنه إذا استعددنا بصورة صحيحة فسنستطيع مضاعفة عدد المهاجرين بسهولة”. عضو الكنيست تسفي هاوزر، أوضح بأن استثمار خمسة مليارات شيكل في الهجرة من أوكرانيا ستدر 500 مليار شيكل في السنوات القريبة القادمة. وقال إنه “محظور علينا تفويت هذه الفرصة التي تعد فرصة استراتيجية واقتصادية واجتماعية”.
هذه ليست المرة الأولى التي تحول فيها إسرائيل أزمة الآخرين إلى فرصة. فقد ذكر كوشنر كيف أنه “في 2014، أثناء العمليات الإرهابية في فرنسا، بدأت إسرائيل في خطة وطنية وسمحت لكل يهودي فرنسي بالمجيء إلى إسرائيل”. في الواقع في تلك الفترة، قام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان بدعوة يهود فرنسا وأوروبا بالهجرة إلى إسرائيل. صحيح أن دولة إسرائيل هي وطن الشعب اليهودي، وهي مفتوحة أمام الهجرة، ومن الجيد أن يشعر اليهود بأن لهم مكاناً آمناً في العالم إذا حدثت كارثة، ولكن هذا لا يعطي حكومة إسرائيل الحق في دعوة مواطني دول أخرى بالهجرة إلى إسرائيل فقط لكونهم يهوداً، بل وبشكل علني أيضاً.
حذر كثيرون من أنها دعوة قد تخرج مارد الإخلاص المزدوج من القمقم التاريخي. ليس عبثاً أن يغضب الرئيس الفرنسي في حينه، فرانسوا بولاند، ورئيس الحكومة مناويل فالس، ولكن الزعامة الفرنسية أظهرت حساسية أكبر من التي أظهرتها حكومة إسرائيل. “إذا غادر 100 ألف يهودي، فلن تصبح فرنسا أكثر فرنسية، وسيكون هذا فشل الجمهورية الفرنسية”، قال فالس. ولكن من حيث يرى الفرنسيون ذلك فشلاً، ترى فيه حكومة إسرائيل فرصة.
إذا أمكننا الادعاء بأن يهود فرنسا كانوا مستهدفين لكونهم يهوداً، فإن الأزمة في هذه المرة غير مبالية بيهودية الضحايا. وبين أقواس “حقيقة، الرئيس الأوكراني زيلينسكي ووزير الدفاع أليكسيه رازنيكوف يهوديان، والمستشار المقرب من زيلينسكي هو إسرائيلي سابق يتحدث العبرية بطلاقة”.
جميع الأوكرانيين يتعرضون للهجوم، حتى اليهود من بينهم. إذا كانت الأزمة لا تميز ضحاياها الأوكرانيين اليهود، فثمة سبب لخلل في تجند إسرائيلي نشط لتشجيع الهجرة.
ثمة مشكلة كبيرة تحتاج إلى التطرق إليها. هذه ليست فقط مسألة ما يجب وما لا يجب قوله في البرلمان الإسرائيلي. هنا شيء ما يتعلق بجذور الهوية الصهيونية، وهو الجانب الثاني من عملة من لا ينجحون في تطوير تماهٍ مع اللاجئ غير اليهودي. من غير المعقول أنه في هذه اللحظة التاريخية وفي الوقت الذي تهدر فيه المدافع والعالم ينظر إلى الواقع بقلق وبأننا على شفا حرب عالمية ثالثة، نرى البرلمان الإسرائيلي جالساً، ونرى في خضم كل ذلك “فرصة تاريخية”"