تُجري وكالات الاستخبارات بشكل روتيني تحليلات لقادة العالم، ومن المعتاد أن يتم تحديث هذه الملفات الشخصية وإعادة فحصها في أثناء الأزمات. والآن يدقق المحللون في كلام وحركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحثاً عن مؤشرات حول حالته العقلية ومزاجه وخططه ونياته، حسبما أفادت شبكة «سي إن إن».
مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا أسبوعه الثاني، يقول مسؤولو المخابرات الأميركية والأوروبية إن الرئيس الروسي يبدو منعزلاً ويعتمد على مجموعة صغيرة من المستشارين الذين لم يخبروه بالحقيقة حول مدى صعوبة وتكلفة غزو أوكرانيا.
قال مسؤول في الإدارة الأميركية، تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته، لوصف المناقشات الحساسة: «نسأل الكثير من زملائنا في المخابرات هذه الأيام عن عقلية بوتين، ونتفهم أنه تم عزله في أثناء الإصابة بالفيروس وأنه محاط بـ(رجال نعم)، الجميع يبحث عن صدوع عندما يتعلق الأمر بقبضته على السلطة، لكننا لا نرى أي تصدعات كبيرة».
وزعمت الولايات المتحدة أمس (الثلاثاء)، أن فلاديمير بوتين غاضب وهاجم دائرته المقربة بشأن الإخفاقات العسكرية الروسية في أوكرانيا وحجم رد الفعل الدولي تجاه روسيا. حسبما أفاد بعض الصحف الأميركية.
فحسب الصحف الأميركية، فإنه قبل الغزو الروسي، حذر محللو المخابرات الأميركية والبريطانية من أنه تم تضليل بوتين من مستشاريه الذين قدّموا له صورة وردية للغاية عن مدى سهولة الغزو. وقد تصاعدت هذه المخاوف الآن مع استعداد الجيش الروسي لما قد يكون معركة طويلة ودموية للعاصمة كييف.
وقال مسؤولون أميركيون لتلفزيون «إن بي سي»: «إن لديهم معلومات استخباراتية قوية عن نوبات غضب غير معهود من الزعيم الروسي ويخشون أنه قد يلجأ إلى المزيد من العنف».
وإن وكالات المخابرات الغربية لديها رؤية جيدة لبوتين، ومع أنه لا تظهر عليه علامات عدم الاستقرار العقلي، فقد ظهر تغير في سلوكه بشكل ملحوظ عن الماضي. حسبما أفادت صحيفة «التليغراف».
قال السيناتور مارك وارنر، الذي تلقى إيجازات سرّية بصفته رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ: «إن بوتين فوجئ بشكل واضح بحجم المقاومة الأوكرانية». وأضاف: «أنا قلق إذا حوصر بوتين في الزاوية، وقلق من عدم وجود طريق واضح لخروج روسيا من المأزق».
وحسب الصحف الأميركية، فإنه في حالة الرئيس الروسي، يرى المحللون قائداً على حافة الهاوية، يغذّيه جنون العظمة بعد التقليل من العزيمة الموحدة للغرب، ومعرضاً لخطر الانتقاد عندما يشعر بأنه محاصَر. وقد دفعت هذه المخاوف بعض صانعي السياسة إلى الإشارة مراراً وتكراراً إلى أن الناتو لن يتدخل في الحرب خشية رد فعل بوتين.
من المستحيل التحقق من هذه المزاعم بشكل مستقل، لكنّ المعلومات الاستخباراتية الأميركية أثبتت أنها دقيقة بشكل ملحوظ حتى الآن.
وقال الجنرال جيمس كلابر، المدير السابق للاستخبارات الوطنية الأميركية، لموقع «بيزنس إنسايدر»: «لقد كان بوتين دائماً قاسياً، بارداً، ومنضبطاً، وشبه الآلة تقريباً».
وحسب «التليغراف» ظهرت مؤشرات أخرى على الغضب الروسي أمس (الثلاثاء) حيث هدد ديمتري ميدفيديف، أحد الموالين المقربين لبوتين، بشن حرب على فرنسا.
وكان ميدفيديف يردّ على تصريحات وزير المالية الفرنسي برونو لومير، الذي قال: «سنشن حرباً اقتصادية ومالية شاملة ضد روسيا».
ورد ميدفيديف على «تويتر»: «لا تنسَ أنه في تاريخ البشرية، غالباً ما تحولت الحروب الاقتصادية إلى حروب حقيقية».