رام الله الإخباري
أكد مسؤول ملف الأسرى في حركة حماس زاهر جبارين، عدم وجود أي تقدم في ملف صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، معتبرًا التصريحات التي يتم الإدلاء بها من مسؤولين إسرائيليين بأنها تأتي في إطار المناكفات السياسية الداخلية.
وبين جبارين في مقابلة مع "القدس" أنه لا توجد في الوقت الحالي أي اتصالات مع الجانب المصري بشأن هذه القضية، وأن الحركة قدمت مسبقا تصورًا واضحًا وشاملًا للوسطاء وأبدت استعدادها لإنجاز صفقة ضمن شروط حددتها.
ولفت جبارين إلى أن المقاومة تتابع باستمرار مع الوسطاء الاعتداءات المتكررة من قبل الاحتلال بحق الأسرى، وأن هناك جهودا سياسية وقانونية وغيرها للتعامل مع هذه الانتهاكات المتواصلة من قبل إدارة سجون الاحتلال.
وتحدث عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عن موقف حركته من المجلس المركزي ورؤيتها للواقع السياسي والأحداث الميدانية الأخيرة المتصاعدة في الضفة والقدس وغيرها، وتطورات الحوار المرتقب في الجزائر، وأحداث مخيم البرج الشمالي، والعلاقة مع سوريا.
وفيما يلي الحوار:
س: كانت هناك تصريحات لعضو في الكنيست الإسرائيلي عن وجود تقدم في المفاوضات بشأن صفقة الأسرى، ما هي حقيقة ذلك، خاصة وانها ادعت بأنه تم تقديم معلومات لهم بهذا الشأن منذ 3 أسابيع؟
ج: حكومة الاحتلال تكذب وتضلل أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، لمنع أي حراك شعبي ضاغط ضدها في الساحة الإسرائيلية، وتصريحات عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب العمل إميلي حايا مواتي التي قالت فيها بأن هناك تقدما في المفاوضات غير المباشرة حول الصفقة لا أساس لها من الصحة، ولا تأتي إلا في إطار المناكفات السياسية الداخلية.
س: هل هناك مقترحات جديدة قدمت في الأسابيع الأخيرة من مصر بهذا الشأن؟
ج: الاتصالات مع الأشقاء المصريين لا تنقطع، ولكن حول هذه القضية لا وجود لأي اتصالات في الوقت الحالي.
س: ما هي مطالب حماس لإتمام صفقة أسرى؟، وما صحة ما يدعيه الاحتلال في بعض الأحيان عن مطالبة الحركة بمئات الأسرى؟ وهل الرقم الذي رفعه قائد الحركة بغزة يحيى السنوار عند سؤاله عن الأسرى هو مطلب الحركة؟
ج: تبقى مطالب الحركة لإتمام الصفقة بتفاصيلها الدقيقة طي الكتمان إلى حين التطبيق العملي لها، لكن ما يمكن الإشارة إليه هنا أن القيادة سلمت الوسطاء “تصورًا واضحًا وشاملًا، وأكدت استعدادها المضي قدمًا على الفور من أجل إنجاز صفقة تبادل جديدة إذا ما استجابت إسرائيل لرؤيتها ومطالبها، ويمثل إطلاق سراح المُعاد اعتقالهم من محرري صفقة /وفاء الأحرار/ نقطة جوهرية تدل على الجدية في إتمام صفقة جديدة.
وهنا ننوه إلى أن الأسرى القدامى والمرضى والنساء والأطفال يقعون ضمن أولويات الحركة في الصفقة، إضافة لأصحاب الأحكام العالية الذين يستحوذون على اهتمام قيادة الحركة والمقاومة.
وفيما يتعلق بحديث الاحتلال عن أن الأمر يتعلق بمئات من الأسرى، فهذا كما الأخبار التي يتناقلها بين الفينة والأخرى لا أساس لها من الصحة.
أما بخصوص الرقم الذي تحدث عنه رئيس الحركة في قطاع غزة القائد أبو ابراهيم السنوار، فإنه بلا شك يحمل في طياته مدلولًا هامًا فلم يكن في يوم من الأيام كلامُ أبي إبراهيم جُزافًا.
س: هل هناك تحركات جدية عبر الوسطاء وغيرهم لوقف الاعتداءات بحق الأسرى في سجون الاحتلال؟
ج: لم تغب قضية الأسرى عن طاولة قيادة المقاومة الشعبية والعسكرية لشعبنا الفلسطيني المناضل، فبشكل دائم عنصر المساندة الواجبة حاضر لأسرانا البواسل، فما جرى ويجري داخل السجون يتم إيصاله أوًلا بأول إلى الوسطاء الدوليين ومن ضمنهم الوسيط المصري مع التأكيد على أن أي مساس بأسرانا لن يصمت أمامه شعبنا وفصائلنا المقاومة، وفي هذا السياق تم إيصال رسائل واضحة إلى القيادات السياسية لعديد الدول العربية والإسلامية والدولية، بأنه وبأي حال من الأحوال لا يمكن السماح بالمساس بأسرانا الأحرار وفكرة الاستفراد بهم غير مطروحة على طاولة الشعب الفلسطيني.
س: كيف يمكن أن تجبر حماس الاحتلال على صفقة تبادل أسرى. هل بخطف مزيد من الجنود أم أن هناك وسائل أخرى؟
ج: شعبنا بمقاومته لا يكف عن مقارعة الاحتلال منذ استيلائه على الأرض، ولن يكف ما دام هذا الاحتلال قائمًا، وكما أجبرت المقاومة الاحتلال على عقد صفقة وفاء الأحرار الأولى ستجبره على عقد صفقة وفاء أحرار ثانية ولن تكون الأخيرة، وهنا نؤكد أن المقاومة تمكنت من فصل ملف تبادل الأسرى عن ملف إعمار غزة ورفع الحصار، وذلك بعدما كان الاحتلال يصر على ربط تحسين الأوضاع الاقتصادية لسكان القطاع بإنهاء ملف جنودها الأسرى، وهذا الاحتلال كأي احتلال شهده التاريخ لا يفهم إلا لغة القوة.
س: هل هناك مساع حقيقية للضغط على الاحتلال لوقف سياسة الاعتقال الإداري؟
ج: نحن من منبر صحيفة “ے” نوجه التحية لكل أسرانا الأحرار، وأخص بالذكر أسرانا الإدارايين البالغ عددهم 500 أسير بل ويزيد، ونشد على أياديهم، في هذا اليوم الـــ 52 لمقاطعتهم المحاكم التابعة للاحتلال، كما ندفعهم دفعًا للاستمرار في حملتهم “قرارنا حرية” من أجل كسر الاعتقال الإداري الذي يمثل حبسًا للحرية دون محاكمة ودون سقف زمني، وفيما يتعلق بسبل ومساعي وقف الاعتقال الإداري فإنها ترتكز في مجابهة الاحتلال تعزيزًا لحملة أسرانا بالعمل على رفع صوت أسرانا الإداريين عاليًا أمام المجتمع الدولي، فمن غير المقبول ولا المعقول أن يتم اعتقال أحد دون تهمة، ومنهم من قضى سنوات تجاوزت العشر في اعتقاله الإداري. وفي إطار تحقيق ذلك تم إرسال خطابات للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الاتحاد البرلماني الدولي، ورؤساء البرلمانات الإقليمية، ولمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، للمطالبة بوقف سياسة الاعتقال الإداري وإجبار الاحتلال على ذلك.
س: هل هناك حراك من حماس على المستوى القانوني دوليًا من أجل إنهاء معاناة الأسرى بفعل الاعتداءات المتكررة بحقهم أو غيرها من الظروف الصعبة التي يعيشونها؟
ج: حماس حركة فلسطينية تدافع عن حقوق شعبنا الفلسطيني أمام هذا العالم، ولكون هذا العالم يضع قوانين وإن كانت لا تطبق إلا على الضعفاء، نحترمها ونتحرك بموجبها دفاعًا عن أسرانا ومسرانا، وعلى سبيل إنهاء معاناة أسرانا ووضع حد للاعتداءات المتكررة عليهم من قبل سجّانيهم تم ويتم التواصل مع مؤسسات حقوق إنسان إقليمية ودولية، على سبل ذلك، والنقاش معهم حول اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة وميثاق روما، حيث أن أسرانا أسرى حروب وليسو أسرى أمنيين كما تحاول إسرائيل الترويج لذلك منعًا لكثير من حقوقهم، وفي هذا السياق نشير إلى أن عديد مؤسسات حقوق الإنسان تسعى جاهدة لتثبيت هذه النقطة وإجبار الاحتلال الإسرائيلي عليها.
س: على المستوى السياسي الفلسطيني.. ما هي الخطوات التي ستتخذها حماس مع الفصائل الأخرى التي قاطعت اجتماع المجلس المركزي، وكيف تنظر للقرارات التي صدرت عنه؟
ج: نأسف في ظل الظروف الحاسمة التي تمر بها القضية الفلسطينية للخطوات الانفرادية التي تتخذها قيادة السلطة، التي لا يمكن إلا وأن تؤدي إلى تعميق الانقسام في الساحة الفلسطينية، فبدل أن يتم البدء بتطبيق كل التفاهمات التي تم الوصول إليها بإشراف الوسطاء يتم الذهاب لعقد مجلس مركزي بلون واحد، متجاهلين فصائل العمل الوطني ذات الثقل الأكبر في الساحة الفلسطينية، وبدل أن يتم الشروع في إصلاح منظمة التحرير وتفعيل مؤسساتها والتحضير لانتخابات فلسطينية شاملة، يتم توزيع حقائب لمناصب فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وكأنها مغنم يتم تقسيمه بناء على رغبات شخصية معلومة التوجه، فلا يمكن إطلاق مصطلح الانتخاب على المناصب التي تم توزيعها. ورغم كل ذلك سوف تبقى حركة حماس ماضية في توجهاتها الوحدوية، وكل رسائلنا لكافة الوسطاء تحمل نفس المضمون، وتسعى لهدف واحد “شعب واحد في مواجهة المحتل”.
وأما على صعيد الخطوات الداخلية فكانت وستبقى الدعوة مفتوحة من أجل البدء بحوار وطني جاد على مستوى الأمناء العامين، للاتفاق على تشكيل مجلس وطني انتقالي جديد يضم الجميع، ويمهد لإجراء الانتخابات الشاملة، ما يساهم سريعًا في إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل مؤسساتها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وستبقى منارة عملنا: لا لقمع الإرادة الشعبية – لا للإقصاء والتفرد – نعم للشراكة الوطنية- نعم للتوافق الوطني.
س: كيف تقرأ الأحداث الميدانية المتصاعدة في حي الشيخ جراح ومناطق القدس والضفة وعمليات إطلاق النار والاشتباكات المسلحة وما جرى من عملية اغتيال لمقاومين في نابلس؟
ج: الساحة الفلسطينية بكافة مناطقها هي ساحة اشتباك مستمرة، سواء كان الأمر في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو القدس أو حتى أهلنا في الداخل المحتل. ما يختلف فقط هي وتيرة الاشتباك ومكانه، واليوم الذي ترتفع فيه الوتيرة للاعتداءات الإسرائيلية في منطقة معينة ستجد المناطق كافة متداعيةً لنصرتها، وما يجري في حي الشيخ جراح هو لعب بالنار مرة أخرى، وستكون ردة الفعل الفلسطينية مضاعفة عما حدث في مايو/ أيار 2021م
س: هل نحن مقبلون على جولة تصعيد أخرى من غزة مع الاحتلال في ظل هذه التطورات، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، كما يدعي الاحتلال ذلك؟
ج: المقاومة الفلسطينية دومًا في حالة الجهوزية التامة دفاعًا عن أسرانا ومسرانا وقضيتنا، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي غطرسة إسرائيلية يتم ممارستها على أبناء شعبنا، وهذه المحاذير تم إيصالها إلى الوسيط المصري بشكلٍ واضح، وإدعاءات الاحتلال في هذا السياق تأتي معظمها في إطار المزاودات الداخلية بين الحكومة الإسرائيلية الضعيفة وأحزاب المعارضة.
س: كيف تنظر لتصنيف عدة دول حركة حماس “منظمة إرهابية” أو سعيها لذلك بضغوط من الاحتلال؟ هل هذا سيؤثر على الحركة؟، وهل تعتقد أن الهدف منه فتح حرب اقتصادية ضد الحركة؟
ج: حماس حركة تحرر وطني، تعمل لأجل فلسطين دون الانخراط في أي أعمال أخرى تضر بالهدف الذي وجدت من أجله، والإرهاب الحقيقي هو ما يمارسه الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة ومدن الداخل، وبناء عليه فان أي تصنيف غير منصف بحق القضية الفلسطينية وفصائلها هو مُندد لدينا، ومن الواجب التراجع عنه، لأّنه لا يخدم القيم والمبادئ التي يرّوج لها العالم في كل وقتٍ وحين.
أما على صعيد الحرب الاقتصادية ضد الحركة فهذا الأمر ممارس منذ اللحظة التي ترأست فيها سدة الحكم حينما فازت بالانتخابات التشريعية عام 2006، وما زال هذا الحصار والحرب الاقتصادية ممارسة، ومهما أثرت فلن تؤدي إلى وأد فكرة المقاومة المتجذرة لدى أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، والتي باتت عودتهم قريبة للعيش بأمان وسلام حينما يزول هذا الاحتلال.
س: ما هو مصير حوار الجزائر الذي أعلن عنه بعد استضافة الفصائل؟ هل من الممكن أن نكون أمام خطوات جدية للتقدم نحو المصالحة أو إجراء انتخابات أو غيرها؟
ج: الحركة وعلى الدوام تعلن عن جاهزيتها وحرصها التامين لإنجاز المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام، وتعتبر زيارة الجزائر إحدى محطاتها، لذا نأمل في الحركة أن يتم استكمال الحوارات وصولًا إلى مصالحة شاملة، تضع حدًا للانقسام والشروع بتطبيق التفاهمات التي تؤدي إلى ذلك على أرض الواقع.
س: إلى أين وصلت الأزمة في لبنان بعد ما حصل في مخيم البرج الشمالي؟
ج: الحركة تسعى دومًا لرصّ صفوف أبناء شعبنا في المخيمات الفلسطينية أينما وجدت، وعليه لن يتم السماح بالتلاعب بأمن المخيمات بالطريقة التي تعيد إلى الأذهان حالات فلتان سابقة كان للحركة دور كبير في إنهائها حفاظًا على أرواح أبناء شعبنا، أما على صعيد الأزمة التي وقعت في مخيم البرج الشمالي والتي أودت بحياة شباب من خيرة أبناء شعبنا فما زال الأمر متابع لدى الأجهزة اللبنانية المختصة، وتجري من قبلنا المتابعة معهم بهدف الوصول إلى الجناة ومن ثم تقديمهم إلى العدالة.
س: هل هناك أي تطورات في إمكانية عودة العلاقات مع سوريا؟
ج: تسعى الحركة دومًا لأن تكون علاقاتنا مع دولنا العربية والإسلامية داعمة لقضيتنا الفلسطينية سعيًا لتحرير أرضنا من دنس الاحتلال، وفيما يتعلق بمسألة تطورات على طريق عودة العلاقات مع سوريا، نشير إلى عدم وجود مستجدات في هذا الملف، ونحن نأمل أن تتعافى سوريا واليمن وليبيا ومختلف الدول من المحن التي تعيشها، وأن تنهض من جديد وأن تنتهي الخلافات التي لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة.
القدس