حماس: تجاوز الخطوط الحمراء بالقدس سيفجر الأوضاع

رام الله الإخباري

حذّر رئيس الدائرة السياسية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باسم نعيم من استمرار اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي بمدينة القدس المحتلة، مؤكدًا أن "أي تجاوز للخطوط الحمراء سيُهيئ الأوضاع للانفجار القادم".

وأكد نعيم في حوار خاص مع وكالة "صفا"، وجود مخطط إسرائيلي لإنهاء الوجود الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة في نفس إطار عملية التطهير العرقي المستمرة منذ أكثر من 74 عامًا.

وأضاف أن "ما يقدمه شعبنا في القدس من تحدٍ ومواجهة وصمود محل فخر لكل شعوب العالم التي تتطلع للحرية والكرامة، حيث يصرون على التشبث بأرضهم ومواجهة الاحتلال رغم كل ما يملك من امكانيات عسكرية هائلة تواطئ دولي".

واعتبر نعيم أن "القدس جوهر الصراع وجزء من عقيدة الأمة"، مؤكدًا أن "ما يحدث فيها لا يخص المقدسيين وحدهم، إنما يخص كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين".

وأكد أن "أي تجاوز للخطوط الحمراء في الشيخ جراح أو المسجد الأقصى أو أي منطقة أخرى بالمدينة سيكون له تداعيات خطيرة وقد يهيئ الأجواء للانفجار القادم".

وشدد نعيم على أن "قيادة المقاومة وكل الشعب الفلسطيني لن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه ما يحدث لشعبنا ومقدساته في القدس المحتلة".

ومنذ أيام جددت قوات الاحتلال والمستوطنون هجمتهم على حي الشيخ جراح وشنت حملات اعتقال، في إطار محاولاتها لطرد السكان الفلسطينيين من الحي.

تقرير أمنيستي "مكسب استراتيجي"

في سياق آخر، اعتبر نعيم أن تقرير منظمة العفو الدولية الأخير "أمنيستي"، الذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي "نظام فصل عنصري" ضد الفلسطينيين، "مكسبًا استراتيجيًا" للقضية الفلسطينية.

وأوضح أن أهمية التقرير "تكمن في أن هذه المؤسسة ليست عادية، إنما تمثل أكبر مؤسسة حقوقية على المستوى الدولي، وتضم 10 مليون عضو، وتقريرها يحمل مصداقية عالية جدًا".

وأضاف نعيم أن "هذا التقرير شرح بالتفصيل كيف وثّقت المنظمة الحقائق على الأرض ومن الميدان، عبر الاستعانة بخبراء من داخل المؤسسة وخارجها حتى لا تعطي فرصة للتشكيك فيما جاء به".

وأشار إلى أهمية أخرى في التقرير، تتمثل في أنه "أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن ما يحدث بالأراضي الفلسطينية ليست سلوكيات فردية، بل إن دولة الاحتلال بكل مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية تصب في نفس الهدف، وهو التطهير العرقي والفصل العنصري".

وتابع "استعرض هذا التقرير الفصل العنصري بحق الفلسطينيين منذ عام 1948 وهذا إنجاز مهم؛ لأن المؤسسات بالسابق كانت تتحدث عن الانتهاكات منذ 1967".

ولفت نعيم إلى أن "تقرير أمنيستي تطرق إلى معاناة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، من فصل عنصري، كما تحدث عن الفلسطينيين في الشتات، وبالتالي هذه الوثيقة تُرجع الصراع إلى أصله وجوهره الحقيقي".

وذكر القيادي في حماس أن هناك "قلقًا إسرائيليًا كبيراً من هذا التقرير؛ لخشية الكيان من رفع الغطاء الدولي عنه".

وبيّن أن "الكيان يقوم على ركيزتين، الأولى القوة الاقتصادية والعسكرية والأمنية على الأرض، والأخرى الغطاء الدولي".

وقال نعيم: "إن شهادة الميلاد لهذه الدولة المزعومة كُتبت في الأمم المتحدة، وهذا يعني أن "إسرائيل" تكتسب شرعيتها بالاساس من الموقف الدولي المنحاز، وإذا رُفع الغطاء الدولي عنها من الصعب أن تستمر".

ونوه إلى أن "التقرير يتزامن مع تراجع في الموقف الأمريكي، وخاصة الشعبي والنخبوي، تجاه دعم إسرائيل كدولة".

وأكد نعيم أن "إسرائيل تخشى من أن يؤدي هذا التراجع في الغطاء الدولي إلى تشكيل خطر استراتيجي وجودي على بقائها، لأنها بدون دعم دولي لا يمكن أن تستمر".

ولفت إلى أن "إسرائيل تحاول كل مرة أن تخلق مبررات لوجودها كمصلحة للغرب، تارةً تسوق لنفسها على أنها تمثل الديمقراطية والقيم الغربية، وتارةً أخرى تحاول خلق مبررات مصلحية كمواجهة الخطر الإيراني وحماية الغرب منه".

واستشهد نعيم بما حدث في جنوب إفريقيا، موضحًا أن نظام الفصل العنصري هناك بدأ عام 1949، إلى أن بدأت الأمم المتحدة تأخذ عام 1966 موقفًا رسميًا منه باعتباره نظام فصل عنصري".

وأوضح أنه "بعد هذا التصنيف الأممي لنظام جنوب أفريقيا أصبح هناك فرق في تعامل الدول والشركات معه"، لافتاً إلى أن "هذه الخطوة لو حصلت بالنسبة لدولة الاحتلال فستُشكل انكسارًا في الغطاء الدولي للدولة الصهيونية".

وشدد نعيم على أن "المطلوب منّا كفلسطينيين وضع خطط عملية للبناء على هذا التقرير سواء على مستوى الدبلوماسية الرسمية أو دبلوماسية الشعوب أو مؤسسات المجتمع المدني".

ومطلع فبراير/ شباط الجاري، أصدرت منظمة العفو الدولية، تقريرًا أكدت فيه أن "إسرائيل" تمارس نظام "الفصل العنصري" بحق الفلسطينيين ومواطنيها العرب، وهو ما أغضب الاحتلال الذي وصفت التقرير بأنه "معادٍ للسامية".

مساعٍ لتشكيل جبهة وطنية عريضة

وفي ملفٍ آخر، أكد القيادي في "حماس" باسم نعيم أن الحركة تسعى، وبالتنسيق مع الفصائل والنخب المعارضة، لتشكيل جبهة وطنية عريضة لمواجهة نهج التفرد والإقصاء.

وقال نعيم: "إن الحركة تعتبر منظمة التحرير البيت المعنوي للشعب الفلسطيني وممثلاً شرعياً له" مستدركاً "لكن لا يمكن القبول باستمرار التفرد والهيمنة والإقصاء، أو باستمرار تراجع المشروع الوطني خدمة لمصالح البعض الشخصية او الحزبية".

وأضاف "نسعى بكل قوة لتشكيل جبهة وطنية عريضة للضغط باتجاه الخروج من الأزمة البنيوية للنظام السياسي الفلسطيني، ومواجهة التفرد، والضغط لإعادة بناء منظمة التحرير وإصلاحها".

التطبيع يستهدف وعي الشعوب

وحول قضية التطبيع، قال نعيم: إن "ما يحدث اليوم أخطر بكثير من مجرد تطبيع علاقات سياسية بين دول، بل يعد استباحة واختراقًا للمنطقة لصالح المشروع الصهيوني، وإعطاء فرصة للكيان للتحكم في مقدرات الأمة ومستقبل الشعوب".

وأضاف "ما نراه اليوم لا يشكل فقط خطرًا كبيرًا على القضية الفلسطينية، إنما على الأمن القومي العربي المشترك ومستقبل الأمة الإسلامية".

وأوضح نعيم أن "هذا المشروع في ظاهر الأمر يعقد اتفاقيات مع الأنظمة العربية، لكن الهدف الحقيقي منه هو الشعوب ووعيها".

وطالب نعيم بالتفكير في خطوات إبداعية لمواجهة هذا "السرطان" المتمدد في جسد الأمة، والتفكير في أدوات لتحصين وعي الشعوب ضد هذا المشروع وامتداداته في المنطقة.

وأشار إلى أن "الكيان الذي فشل في أن يدافع عن نفسه في مواجهة حركات المقاومة الفلسطينية رغم الفارق الشاسع في القدرات والإمكانيات العسكرية هو أضعف أن يدافع عن هذه الدول تجاه أي خطر".

وأعرب القيادي في حماس عن استيائه من استقبال قادة الاحتلال الملطخة أيديهم بدماء الفلسطينيين والعرب، في العواصم العربية وبهذه الحفاوة وشرعنة لرموز الكيان العنصري.

وأضاف "كنا نأمل أن تكون هذه العواصم حاضنة لقضايانا العادلة ودعم مقاومتنا من أجل الحرية والاستقلال".

واعتبر نعيم أن "هذه الأنظمة انقلبت على نفسها، خاصة أنها تبنت بالإجماع المبادرة العربية في عام 2002 والتي اشترطت حل الصراع قبل البدء في أي خطوة من خطوات التطبيع".

خاص صفا