في الذكرى الـ12 لاستشهاده في الإمارات العربيّة المُتحدّة، دأبت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ على تسريب معلوماتٍ جديدةٍ عن اغتيال القياديّ في حماس، محمود المبحوح، علمًا أنّ الكيان لم يُقِّر حتى اللحظة رسميًا بتنفيذ العمليّة الإجراميّة.
مجلّة (إزرائيل ديفينس) الإسرائيليّة أكّدت في تقريرٍ جديدٍ أنّ الموساد اعتبر المبحوح مصدر قلقٍ، علمًا أنّه كان أحد القادة العسكريين لحماس، وكشفت النقاب عن خيوطٍ جديدةٍ في هذه الجريمة، وتحديدًا مع الكشف عن جوانب من عمل الموساد، وإخفاقاته العملياتيّة التي رافقت عملية الاغتيال البشعة.
وقال الخبير العسكريّ الإسرائيليّ، آيال فينكو، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ وازنةٍ في تل أبيب، طلبت عدم الكشف عن هويتها، قال إنّ المبحوح “وصل إلى الإمارات في كانون الثاني (يناير) 2010، وقد اعتاد على الذهاب هناك من وقت لآخر، حيث تعتبر مركز الأعمال في الشرق الأوسط، ويتدفق إليها رجال الأعمال حول العالم، وكان يمكن عقد اجتماعاته مع رجال الحرس الثوري الإيراني دون لفت الانتباه، كاشِفًا النقاب عن أنّه نجا قبل ذلك من ثلاث محاولات اغتيال فاشلة على الأقل نفذها الموساد، وقد كان على الهدف، وهو يعلم ذلك، وحاول التصرف بأقصى قدر من السريّة”.
المبحوح كان ناشطًا مُخضرمًا ويتمتّع بخبرةٍ استخباراتيّةٍ وعملياتيّةٍ واسعةٍ
وتابع الخبير الأمنيّ الإسرائيليّ أنّ “المبحوح كان ناشطًا مخضرمًا، مقاتلاً يتمتع بخبرة استخباراتية وعملياتية واسعة، ومسؤولاً عن تنسيق شحنات الأسلحة من إيران إلى غزة، لكنّه امتنع عن مصاحبة حراس أمنيين إلى دبي، وأنّ المعلومات الاستخباراتية للعملية كانت دقيقة لدى الموساد، وربما تمّ اختراق بريده الإلكتروني، فتمّ التعرف مسبقًا على المعلومات حول تحركاته المتوقعة، حيث أقيمت فرقة الاغتيال في الميدان، وتمّت دراسة الفندق ومحيطه جيدًا، وطرق الوصول والانسحاب منه، والسلوك داخله، وكيف تبدو طوابقه، والوصول إليها، ونظام الكاميرات فيه”.
وكشفت دولة الاحتلال عن عملية اغتيال المبحوح، مؤكّدةً أنّ العملية التي استُخدمت فيها شبكة اتصالات عالية التقنية بين المنفذين كان مقرها العاصمة النمساوية فيينا، واستغرقت 22 دقيقة بحقن المبحوح بمادة أصابته بالشلل توفي بعدها على الفور.
التلفزيون الإسرائيليّ يعرِض فيلمًا عن الاغتيال
وعرضت القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ فيلمًا قصيرًا يوضح تفاصيل عملية اغتيال المبحوح، وتضمّن إقرارًا بمسؤولية الموساد عن العملية. الفيلم كشف أنّ عملية الاغتيال استغرقت 22 دقيقة، وتمّت عبر حقن المبحوح بمادة سببت له شللاً بعضلات جسده، إلى جانب توقف الجهاز التنفسيّ، ما أدى إلى وفاته على الفور.
وذكر الفيلم الأسماء التفصيلية للمجموعة التي قامت بعملية الاغتيال، وأوضح خط سيرهم منذ لحظة وصولهم للفندق حتى تنفيذ العملية، مشيرًا إلى مشاركة شخصية بارزة بالموساد، لم يسمّها، في عملية الاغتيال.
علاوة على ذلك، أوضح الفيلم، الذي سمحت الرقابة العسكريّة بنشره عن منظومة اتصالات مركزية بين المنفذين كانت تقود العملية من فيينا، حيث أكّد الفيلم أنّه لم يكن مسموحاً لأفراد المجموعة التواصل في ما بينهم حتى لو كانوا يبعد أحدهم عن الآخر أمتارًا قليلة، ويقوم شخص في فيينا بربط اتصالهم مجتمعين.
وأوضح الخبير بشؤون الاستخبارات، رونين برغمان، والذي يعمل في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة و(نيويورك تايمز) الأمريكيّة، أوضح أنّ الهدف من ذلك هو عدم ارتباط الهواتف بعضها مع بعض في مكان تنفيذ العملية تحسبًا من كشفهم لاحقًا.
وكشف الفيلم أنّ قائد عملية الاغتيال غادر دبي قبل تنفيذ العملية، كما بيّن أنّه بعد التأكّد من موت المبحوح، قاموا بإبدال ملابسه ووضعه على سريره في وضع النوم، حتى لا يلفت نومه بملابسه انتباه عمال الفندق، وليؤخر عملية الكشف عن مقتله.
اغتيال المبحوح وجّه ضربةً قاسيّةٍ لحماس
وأكّد الخبير الأمنيّ في مجلّة (إزرائيل ديفينس) أنّ الخلاصة الإسرائيلية أنّ اغتيال المبحوح وجّه ضربةً قاسيةً لحركة حماس، لكنّه على المدى الطويل ليس له أيّ تأثيرٍ استراتيجيٍّ حقيقيٍّ، لأنّه يشبه “ضربة في جناح الطائرة”، يهزها، لكنه مع مرور الوقت لا يضر ببناء القوة والمعدات وعمليات الحركة العسكرية، لأنّه حتى لو انقطع “رأس الأفعى” في “حماس”، فهي تعرف كيف تتأقلم بسرعة مع الواقع الجديد، وتتصرّف دون خوف، على حدّ تعبيره.
عملية الاغتيال
المصادر الإسرائيليّة أوضحت أيضًا أنّه قرابة الساعة الثامنة مساءً، انتقل فريق العملية في الغرفة 237 إلى غرفة المبحوح 230، وانتظره بفارغ الصبر، مع أعصاب متوترة، وعند وصوله إلى الفندق يتم إبلاغ فريق التشغيل، فيما هم يختبئون في الغرفة المظلمة، بانتظار أنْ يضيء النور، وفور دخوله هاجموه بهدوء، وقيدوه، وحقنوه بالسم الذي ينتشر بسرعة في جسده، ما أدى إلى مقتله، دون ترك أي آثار عليه، فيظهر أنّه مات بصورة طبيعية، ثم يقوم القتلة بتجريده من ملابسه الرسمية، وألبسوه البيجامة، ووضعوه في سريره كأنه نائم، وتم كل ذلك خلال 20 دقيقة، ثم غادر الفريق الغرفة، كما كشفت المصادر في تل أبيب.