خبراء يحذرون..

أكبر كذبة بالتاريخ.. هكذا تسرق شركات "التسويق الهرمي" أموالك

رام الله الإخباري

حذر العديد من الخبراء الاقتصاديين، مما يسمى "التسويق الهرمي"، نظرا، لعدم وضوح طبيعة العمل فيه، ووجود مرجعية لهذه الأموال ولا جهة قانونية تحاسب هذه الجهات المسؤولة عن ذلك، لكون عالم الإنترنت فضاء كوني كبير.

وأكد الخبراء في أحاديث منفصلة لـ"دنيا الوطن"، على أن عدد كبير من الناس فقدوا أموالهم نتيجة هذا الأمر، وتسبب في الكثير من المشاكل.

وقال الحسن علي بكر كبير محللي الاقتصاد في شركة (ايفيست)، هناك فرق كبير بين التسويق الإلكتروني والتسويق الهرمي، وهناك العديد من المسميات التي يستخدمها المحتالين، وهي في الأساس مسميات سليمة ومعمول بها عالمياً، ولكن المحتال يقوم باستخدامها في سبيل استدراج ضحاياه، ومن أهمها التسويق.

وأضاف علي بكر: "أن التسويق الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت، هو أمر موجود وعدد كبير من الأشخاص يقومون باعتماده كوسيلة للعمل عن بعد وتحقيق أرباح جيّدة من خلال التسويق للمنتجات من خلال المتاجر الإلكترونية وغيرها".

وتابع: "يأتي هنا مجموعة من المحتالين الذين استخدموا التسويق الهرمي المبني على مخطط (بونزي سكين)، حيث يكون أشخاص في قمة الهرم يندرج تحتهم أشخاص أقل ويتدرج الهرم على شكل شجرة، وفي كل مرحلة يكون هناك عملات، فكل ما زاد عدد الأشخاص في أسفل الهرم كل ما حقق من في أعلى الهرم عمولات أعلى".

وأوضح أن هذا المخطط مشهور نتيجة عملية احتيال في الولايات المتحدة لشخص يسمى بونزي وكان يستخدم هذا المخطط في البدايات العلمية، حيث تعتمد على جمع أكبر كم من الأموال وتوزيعها على شكل أرباح للأشخاص لتحفيز غريزة الطمع لجلب مستشمرين أقل منهم للحصول على عملات".

وبيّن أن الشبكة تبدأ بالاتساع لتضمن أشخاص بأعداد كبيرة، وهنا بالفعل يكون من في قمة الهرم قد جمع كميات كبيرة من الأموال وتبدأ المشكلة بالظهور حيث ينهار الهرم بالكامل ومن في أعلى الهرم يكونوا قد حققوا أرباحاً كبيرةً ومن في أسفله يفقدون أموالهم بالكامل.

وأشار إلى أن هذا الأمر انتشر بشكل كبير من بداية الألفية وتحديداً ما بعد 2010 وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط في المناطق التي تزداد فيها معدلات البطالة، حيث يكون اقتناص فرص الاحتيال اتجاه العاطلين عن العمل في تلك المناطق أسهل، وهذا بالفعل ما حصل في قطاع غزة.

وفيما يتعلق بأسواق العملات الرقمية، قال علي بكر: "ليس كل ما يقال عنه عملات رقمية هو عملات رقمية فعلاً، تمت عمليات نصب كبيرة تحت مسمى عملات رقمية جديدة وتم إطلاقها وجمع أموال وانتهت هذه العملات إلى رماد".

شبكة خاصة

من جانبه، قال أمين أبو عيشة أستاذ السياسات النقدية في جامعة الإسراء بغزة: "إن التسويق الشبكي يسمح لمن يتبعه بتكوين شبكة خاصة به بجلب عملاء لشراء خدمة، أو خدمة مقابل عمولة يأخذها من خلال مستخدمين الجدد لهذه الشركة، والتسويق الشبكي قد يصل لمرحلة الاحتيال إذا لم ينظمه قيود".

وأوضح أبو عيشة، الفرق ما بين التسويق الشبكي والهرمي، هو "أن الهرمي يمكن ألا يكون هناك خدمة أو سلعة ويمكن أن يكون وهم أو نوع من الاحتيال من خلال جلب مستخدمين جدد لتسويق وهمي بادعاء أن هناك عملة رقمية أو سهم، وبالتالي تكون الشركات التي تتعامل بهذه الطريقة مجرد وهم".

وأضاف أبو عيشة: "وما يحدث للمستخدمين أنهم لا يدركون قيمة المخاطر التي تواجههم، ويتم الاحتيال عليهم بإخفاء عنصر المخاطرة وأن هذه المنتجات وهمية وغير موجودة، وتقوم الجهة بجمع كمية ضخمة من الأموال ولا أحد يعلم أين ذهبت".

وفيما يتعلق بالشبكي، أشار إلى أنه معترف به عالمياً، وبعض الدول والاقتصاديين يشجعون هذا النوع من التسويق، وتلجأ الكثير من الشركات للتسويق لمنتجاتها عبر الإنترنت من خلال الأشخاص المؤثرين والذين يكتسبون شهرةً كلاعبي كرة القدم وعارضات الأزياء، لافتاً إلى أن بعض الدراسات تشير إلى أن 78% من تسويق شركات التجميل تعتمد على التسويق الشبكي باستخدام أشخاص مشهورين تسوق لمنتجاتها.

وأكد على أن البنوك المركزية في العالم لا تشجع التسويق الهرمي؛ لأنه قائم على منظومة احتيال، وتُصدر بيانات دورية تنوه فيه خطر هذا النوع من التسويق على الفرد والمنظومة الاقتصادية، وجزء من الإشكاليات التي يعاني منها الاقتصاد العالمية هو اعتماده على التسويق الهرمي وعدم وجود ضوابط.

ونوه أبو عيشة إلى أن جهل المالي النقدي وعدم وجود ثقافة مالية يؤدي إلى كثير من مشكلات النصب والاحتيال، مؤكداً على مواكبة منظومة التعليم لكل هذه القضايا المعاصرة من خلال غرس الثقافة المالية لديهم ونشر الوعي المجتمعي حولها.

من جانبه، أوضح أسامة نوفل مدير عام التخطيط والسياسات بوزارة الاقتصاد الوطني في قطاع غزة، أن هناك اختلاف بين مفهوم التسويق الهرمي أو الشبكي مع التجارة الإلكترونية والعمل عبر الإنترنت، حيث أن التجارة الإلكترونية تكون محسوسة وملموسة يتم من خلالها تبادل السلع المختلفة، ولها تجارب جيدة في المجتمع الدولي والمجتمع الفلسطيني خاصة في قطاع غزة فتقلل من نسبة البطالة، في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.

وأكد نوفل، في حديثه لـ "دنيا الوطن"، على أن الإشكالية التي تقع بها الناس، هي العمل من خلال التسويق الهرمي أو تجارة ما تسمى بالعملات الرقمية ولها مخاطر كبيرة جداً، حيث أن حالات النصب تكثر فيها بشكلً كبيراً جداً منذ سنوات مختلفة.

وحول طبيعة عمل التسويق الهرمي، قال نوفل: "إن التسويق الهرمي هو عبارة عن تجارة عبر منصات الإلكترونية وهي عملات رقمية وهمية مثل البتكوين وغيرها من العملات المختلفة، فالإشكالية أن هذه العملات وألية عملها لا تتم بطريقة صحيحة، لأنه ليس لها مرجعية وغير معروف أصلها، ومن الذي قام بإصدارها، وبالتالي يوجد بها غموض كبير"، منوهاً أن من هنا تأتي عملية التدنيس والنصب من خلال ما يسمى بالمنصات الوسيطة.

وأشار المختص الاقتصادي أن هذه المنصات قد تختفي في سرعة معينة، وإن اختفت هذه المنصة اختفت الأموال التي وضعت بها.

وتابع: "أن من يعلمون بالتسويق الهرمي، ومن هم بالهرم، يحاولون الهام الناس البسطاء، أن هناك أرباح كبيرة، من خلال التواصل أو التجارة عبر هذه المنصات"، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يربح الناس في أول عملية اقتصادية مبلغ جيد، ولكن بعد ذلك يتفاجؤوا أنهم خسروا كل المبالغ الخاص بهم.

وبين نوفل أن حالات النصب ازدادت بشكل كبير جداً من خلال التسويق الهرمي، وضرب مثالاً بأحد المنصات الكندية، التي اختفت حينما توفي صاحبها الكندي، وبلغت خسائر المستثمرين فيها 6 مليار دولار".

وذكر: "أن خطورتها على قطاع غزة كبيرة جداً، فقد حذرنا سابقة منه ذلك، حيث أن العديد من المستثمرين يُحتال عليهم بشكل كبير، لأنه لا يوجد مرجعية لهذه الأموال ولا جهة قانونية تحاسب هذه الجهات المسؤولة عن ذلك، لكونه فضاء كوني كبير وهذا الفضاء لا يوجد بها مكاتب أو مراكز معينة، وبالتالي صعب التدقيق عليها".

ونوه نوفل أن المستفيد الرئيسي لتسويق الهرمي هم الوسطاء فكلما تم جمع أكبر عدد ممكن يستفيدوا أكثر، ومن هنا يأتي عملية الترويج، ومن يخسر بذلك من هم في قاعدة الهرم، لذلك تم تسميتها قاعدة التسويق الهرمي، فقاعدة هم الزبائن الذين يضعون أموالهم في عملية الشراء.

وعن طبيعة المنتجات، أكمل نوفل بقوله: "إن المنتجات التي يتم تسويقها هي العملات الرقمية مثل البتكوين كنوع من الاستثمار، ولكن عملياً لا يوجد سلع ملموسة يتم التجارة بها، أما التجارة الإلكترونية التي تتضمن سلع ملموسة لا يوجد بها إشكالية"

وعن خطورة العمل حول التسويق الهرمي، أضاف: "أن خطورتها تكمن بين طلبة الجامعات، ولأنها الفئة الأكثر استهدافاً، إضافة إلى عامة الناس"، مبيناً أن تحويل هذه الأموال إلى الخارج يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد القومي بشكل كبير، وبالتالي فإن هروب هذه الأموال هي خسارة على الدولة وعلى المدخرين.

بدوره، أكد رشاد أبو مدللة المختص في التسويق الإلكتروني، أن التسويق الهرمي أو الشبكي هو أحد وسائل وطرق التسويق التي تحقق جدوى في بعض الأماكن، وقد لا تحقق الجدوى في أماكن أخرى.

وقال أبو مدللة، في حديثه لـ "دنيا الوطن": "إن مبدأ التسويق الهرمي، هو أن يكون لدي منتج ما، وجملته عليا مثلاً 80 شيكل وأقوم ببيعه بـ100 شيكل، هنا الربح 20 شيكل، فالتسويق الهرمي هي أنه برفع جزء مثلا 25%وهي خمس شيكل من هامش الربح ويتم توزيعها على الأشخاص في شبكة الهرم".

وأضاف: "أنه مثلا أطلب من شخص ما أن يجلب لي زبائن، وعلى كل زبون سيأخذ مبلغ معين عليه، وإذا الزبون الذي أحضره الأول جلب أيضاً زبون آخر سيأخذ مبلغ أعلى من الأول، وهكذا يتم بناية شبكة بتوزيع منطقي لهامش الربح".

ونوه إلى أن شركة (جينيس) وغيرها من الشركات التي انتشرت خلال الفترة الأخيرة، تعمل على وجود منتجات وهمية، وغير حقيقية ويتم إقناع الناس بقطاع غزة، أو في مناطق أخرى في العالم التي يوجد بها فقر أو شباب بحاجة إلى عمل، وبالتالي تعمل على انتقاء مجموعة يتم تسميتها برأس الهرم ويتم إقناعهم بأساليب معينة.

ومن أساليب الإقناع، ذكر أبو مدللة: "وضع هذه المنتجات على مواقع مشهورة أو إقناعهم من خلال أشخاص مشهورين لديهم متابعين كثر، على الرغم من أن تكون هذه الشركة مسجلة تحت ترخيص آخر في دولة أخرى ليتم إعطاء نوع من الثقة، ولكن لا تمارس التسويق الهرمي بدولة المسجلة فيها".

وضرب المختص الاقتصادي مثالاً على ذلك قائلاً: "تأتي هذه الشركات على غزة ويتم الترويج للمنتج بسعر مثلاً 2000 دولار أو 1500دولار، وتوهمك بأنك ستبيعه بسعر 4 ألاف دولار، وأن الربح يأتي من خلال بيعها عبر قنوات معينة، وفي حقيقة الأمر يكون السعر الفعلي للمنتج 200 دولار أو 100 دولار فقط، وهنا تقع عملية النصب والاحتيال وتكون الخطوة الأولى لجذب الضحايا".

وأكد أنه يتم استخدام هذه الأساليب للنصب على الناس وأخذ أموالهم، بحيث يتم استغلالهم واقناعهم بربح السريع، كما أنهم يلعبون على الجانب العاطفي والاجتماعي من خلال دعوة الأهل للعمل معهم.

دنيا الوطن