حرم جامعة أمريكية يتحول الى ساحة حرب بين مؤيدين للقضية وداعمين للاحتلال

جامعة امريكية وساحة حرب

 تحول حرم جامعة “كلية أوبرلين” في ولاية أوهايو، التي تتمتع بسجل تقدمي عريق، هذا الخريف إلى ساحة معركة تدور رحاها بشأن سؤال سياسي مهم: هل أصبح التضامن مع القضية الفلسطينية يقوض تحالف الحزب الديمقراطي؟

وقد نظم معلمو “أوبرلين” القلقون من هذه المسألة – مسألة دعم القضية الفلسطينية تقسم التقدميين – نظموا رحلة طلابية إلى إسرائيل في كانون الثاني 2022 المقبل ، بعنوان “سد الفجوة: إسرائيل” ، والتي صورت إسرائيل على أنها “دولة ديمقراطية قوية” يمكن للتقدميين أن يحبونها ، وقدمت مسألة التضامن مع القضية الفلسطينية وكأنه “ملاذ لمعاداة السامية” .

ونسبت الجريدة الطلابية للجامعة، “أوبيرلين ريفيو” لأحدى المدربات في هذا الشأن ، واسمها ميجان بلاك ، قولها: “نحن قلقون حقًا من أن اليسار والحركة التقدمية لا تعرفان كيف تتحدثان ولا تأخذان معاداة السامية على محمل الجد”.

يذكر أن أحد القياديين الطلاب الذين نظموا ، هافي كاريلو كلاين ، كان قد كتب مقالاً في “أوبرلين ريفيو” بعد أيام من الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة في أيار الماضي ، يأسف فيه (على حد قوله) على معاداة السامية المفترضة في مناقشة اليسار لحقوق الفلسطينيين. وتساءل كلاين في مقاله : “كيف يمتزج النشاط المؤيد للفلسطينيين بانتظام مع النشاط المعادي لليهود؟ ما الذي يجري داخل دوائر الاحتجاجات والنشاط المؤيدة للفلسطينيين في مجتمعنا والتي تسمح لهذا النمط بالاستمرار؟”

وقد أعلن عن الرحلة الشتوية إلى إسرائيل في “كتالوج أوبرلين” الدعائي، في شهر تشرين الأول الماضي ، وأثار وصف الرحلة الدهشة بين الطلاب، كون أنها لم تأتي على ذكر كلمة فلسطين أبدًا ، بتكلفة 4500 دولار للمشارك الواحد، لمدة ثماني أيام ، بالإضافة إلى تذكرة الطيران ، ووصفت إسرائيل مرارًا بأنها “واحة ديمقراطية”، وشرحت في إعلانها هدف الرحلة هو تناول ” القضايا المعقدة التي تواجه المجتمع الديمقراطي الإسرائيلي، والتي غالبا ما تكون مبسطة للغاية في تحليل الولايات المتحدة ، بما في ذلك الاحتلال” بحسب إدعائها.

كما يدعي منظمو الرحلة أن: “هذا المشروع يشجع المشاركين على مواجهة التحدي المتمثل في إشراك الانقسامات العميقة التي ابتليت بها الديمقراطية الأميركية من خلال التفكير بعمق في إسرائيل، وما تمثله الديمقراطية الإسرائيلية، وهي الدولة المهمة والمثيرة للانقسام والجدل في الخطاب السياسي في ساحات الجامعات الأميركية”.

وبعد فترة وجيزة من الإعلان عن الرحلة ، بدأ “طلاب أوبرلين من أجل فلسطين حرة” حملة ضد الرحلة، وقالوا في تصريحاتهم إن الرحلة تجعل من جامعة أوبرلين كيان متواطئ مع “القمع” الإسرائيلي و “الفصل العنصري” ، ويجب إدانة المشروع .

وقد وقع 600 شخص على العريضة التي صاغها “طلاب من أجل فلسطين حرة” (في حرم جامعي يضم 2600 طالبًا)، ولكن حتى الآن يبدو أن إدارة الجامعة لا تزال تؤيد الرحلة.

وقدم التماس “الطلاب من أجل فلسطين الحرة ” نبذة مختصرة عن تاريخ فلسطين” لأن “وصف المشروع لا يقول شيئًا عن فلسطين”.

وتشير عريضة “طلاب من أجل فلسطين الحرة” إلى أنه “منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948 ، قامت الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي بإخراج السكان الفلسطينيين بالقوة من منازلهم التاريخية وممارسة العنف ضد الشعب الفلسطيني. لقد أصابت العسكرة والوحشية والقتل والتفجيرات والهدم والانفصال الأسري، الفلسطينيين بالصدمة لأكثر من سبعين عامًا. لقد أُجبر الفلسطينيون على مقاومة الاحتلال والفصل العنصري الذي ترك معظم سكان فلسطين التاريخيين يبحثون عن ملجأ ؛ ابتليت الأرض التي كانت ملكًا للفلسطينيين في يوم من الأيام باحتلال غير شرعي وتستمر في الانكماش ، ومن المحتمل أن تصبح في طي النسيان”.

ونتيجة لذلك، قام منظمو الرحلة بمراجعة وصف رحلتهم، وأعادوا تسميتها ، “سد الفجوة: إسرائيل وفلسطين وسياسة الانقسام هنا في الوطن” ، وقالوا إنها ستشمل “التعرض المكثف للتجارب ووجهات النظر الفلسطينية”.

كما خفض سعر الرحلة إلى 2500 دولار ، وأوضح وصف الدورة الجديد أن المنظمين يريدون منع إسرائيل من تقسيم صفوف الحزب الديمقراطي. إنهم يلومون “الجهات الخارجية لحركتنا” على تسييس الخلافات بين الديمقراطيين حول إسرائيل وفلسطين.

وادعي منظمو المشروع في شرح لاحق: “تعود جذور مشروعنا إلى الاضطرابات السياسية في السنوات الخمس الماضية ، عندما أصبح واضحًا للعديد من المنظمين في فضاء حركة العدالة التقدمية والعرقية (بما في ذلك نحن) أن الخلافات الداخلية حول إسرائيل / فلسطين والاتهامات المرتبطة بالعنصرية ومعاداة السامية والإسلاموفوبيا التي أصبحت سلاحا فعالا من قبل جهات فاعلة خارج حركتنا لتقسيم الائتلافات التقدمية وزعزعة استقرارها. وقد أدت هذه الجهود إلى إضعاف القوى المؤيدة للديمقراطية في وقت حرج لحماية حقوق التصويت (الانتخابي) ، وتوسيع المشاركة السياسية ، ومواجهة تصاعد التنظيم اليميني المتطرف المناهض للديمقراطية”.

ويضيف الشرح “يعد مشروع سد الفجوة ودورة تحالف المستقبل التي نقوم بتدريسها حاليًا جهودًا لتجهيز طلاب أوبرلين وقادة المستقبل للتنقل بفعالية في هجمات الإسفين وتسليح الاضطهاد العنصري من خلال بناء الجسور والعلاقات العميقة والتفكير الاستراتيجي المعقد” .

يذكر أن هذا الوصف يتماشى إلى حد كبير مع منظمة جي-ستريت J Street ، وجماعات الضغط الصهيونية الليبرالية الأخرى التي تريد إبقاء قضية مؤيدة لإسرائيل بين الحزبين. كما يدعي هؤلاء “إنهم يريدون إنهاء المعركة بين المؤسسة الموالية لإسرائيل واليسار المؤيد للمقاطعة – لأنهم يخشون من أن الدفاع عن فلسطين سيقلل من الالتزام اليهودي تجاه الحزب الديمقراطي” حيث تجمع منظمة جي – ستريت J Street بين انتقاد التوسع الاستيطاني ودعم المساعدة العسكرية الكاملة لإسرائيل ، لأنها تعتقد أن هذه المواقف مدعومة على نطاق واسع من قبل اليهود الأميركيين.

ولا تكتفي جماعة “طلاب أوبرلين من أجل فلسطين الحرة” بالتشدق الكلامي بحقوق الإنسان الفلسطيني، ويقولون ” إنهم غاضبون لأن رسوم الرحلة ستساعد بالتأكيد في دعم الجيش الإسرائيلي ، وأن الطلاب سيستمتعون بحرية السفر في جميع أنحاء البلاد التي لا تتاح لملايين الفلسطينيين”.