هآرتس : "اسرائيل " تروج لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس

اسرائيل والاستيطان في القدس

 ذكرت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الخميس، أن إسرائيل تخطط للترويج لبناء آلاف الوحدات السكنية في مناطق مختلفة من القدس المحتلة، في محاولة منها لإحداث تغيير كبير على الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، وبما يمنع مستقبلًا أي حل يهدف إلى تقسيم المدينة.

وبحسب الصحيفة، فإن مناطق “جفعات همتوس” وهو حي يهودي استيطاني يقطنه اليهود الأثيوبيين، وتم إنشائه على أرض خربة طباليا ببلدة بيت صفافا بالقدس الشرقية، إلى جانب المنطقة المعروفة باسم E1 وهي منطقة تضم عدة مستوطنات مقامة على أحياء فلسطينية منها العيزرية وأبو ديس وعناتا وحزما وغيرها، ومستوطنة بسغات زئيف المقامة على أراضي عدة قرى شمال شرق القدس، وجميع المناطق من حول هذه المناطق الثلاثة ومنها منطقة “عطروت”، ستقوم إسرائيل بالترويج لخطط بناء واسعة لصالح اليهود فيها.

ولفتت الصحيفة، إلى أن ما يسمى اللجنة المحلية الإسرائيلية في القدس ومن خلال مبادرات تقف خلفها وزارة الإسكان، صادقت أمس على مصادرة أراضٍ في محيط حي جفعات همتوس لصالح هذه الخطط، كما وافقت على إيداع خطة لتوسيع مستوطنة بسغات زئيف، وفي الأسبوع المقبل ستبدأ المناقشات حول الاعتراضات على إقامة مستوطنة جديدة في منطقة E1، وفي غضون شهر سيتم طرح خطة لإنشاء حي يهودي ضخم في منطقة عطروت خارج الخط الأخضر، للمناقشة.

وذكرت أنه سيتم إنشاء حي استيطاني جديد سيتم من خلاله بناء 1257 وحدة استيطانية، وهو أول حي يتم بناؤه في القدس منذ حوالي 30 عامًا، وسيكون على غرار حي “هار حوما” الاستيطاني والذي يعتبره الفلسطينيون والمجتمع الدولي حتى هذا اليوم بأنه مؤامرة إسرائيلية تهدف إلى تعطيل اتفاقيات أوسلو.

وقالت الصحيفة، إن هذه المخطط الكبير، يتم في ظل امتناع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للضغط على إسرائيل لتجميد عمليات البناء الاستيطاني على الأقل علنًا، نظرًا لتركيبة الحكومة الإسرائيلية، والتي يمكن أن تتسبب مثل هذه الضغوط بأزمة سياسية.

ووفقًا للصحيفة، فإن المخططات التي سيتم العمل على تنفيذها قريبًا في تلك المناطق كانت بمثابة بطاقة حمراء للأميركيين والمجتمع الدولي، وكانت بمثابة إشكالية خاصةً وأن إحداها المتعلق بجفعات همتوس سيعزل قرية بيت صفافا تمامًا عن باقي القرى الفلسطينية في القدس الشرقية وسيضعها بين أحياء يهودية، فيما سيقطع مخطط E1 الضفة الغربية عن باقي مناطق القدس، وهذا في نظر المجتمع الدولي عبارة عن مسامير كثيرة في نعش حل الدولتين.

وأشارت إلى أنه في عهد حكم باراك أوباما للولايات المتحدة، منع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو الترويج لمخططات بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في أحياء “جفعات همتوس” و “هار حوما” الاستيطانيين المجاورين لبعضهما البعض، وحتى في ظل حكم دونالد ترامب لم تتسرع إسرائيل أيضًا في المضي قدمًا في البناء هناك، وفقط في فبراير/ شباط 2020، قبل ستة أيام من الجولة الثالثة من الانتخابات الإسرائيلية، أمر حينها نتنياهو بتسريع تنفيذ عمليات البناء في تلك الأحياء.

وقالت الصحيفة “ما كان يُنظر إليه على أنه حيلة انتخابية أصبح حقيقة واقعة، وقبل أيام قليلة من تنصيب بايدن رئيسًا للولايات المتحدة، تم إغلاق المناقصات وبدأت الجرافات العمل التمهيدي في حي جفعات همتوس، في حين أن المستوطنة الجديدة الواقعة في مناطق E1، والتي يتم التخطيط لبناء 3500 وحدة استيطانية بحاجة للخضوع لإجراءات التخطيط، لكن حكومة نفتالي بينيت تقترب من تنفيذه وفق المخطط الذي أعدته حكومة نتنياهو في نهاية فترة ولايته”.

وبينت أن هناك طفرة بناء واسعة في مناطق ما “وراء الخط الأخضر” في القدس ومناطق أخرى، وتم أمس الأربعاء، المصادقة على بناء 470 وحدة استيطانية في مستوطنة بسغات زئيف، بهدف توسيع المستوطنة باتجاه الجدار الفاصل الذي يفصلها عن قرية حزما.

وستناقش اللجنة المحلية في السادس من ديسمبر/ كانون أول المقبل، إنشاء حي ضخم يضم 9 آلاف وحدة سكنية في منطقة مطار القدس “عطروت”، وهي منطقة أيضًا حساسة للغاية لأي شخص لا يزال يص على إقامة دولة فلسطينية، حيث تقع المنطقة الصناعية لـ “عطروت” والمطار المهجور المجاور لها بين أحياء بيت حنينا وكفر عقب.

وتقول الصحيفة، إن بايدن يتمتع بخبرة في التعامل مع الحكومة الإسرائيلية بشأن البناء خارج “الخط الأخضر”، وخلال زيارته لإسرائيل عام 2010 كنائب لأوباما نشر مخطط لتوسيع حي “رمات شلومو”، ما أثار حينها غضب إدارة أوباما بشكل غير مسبوق، وشعر بايدن بالإهانة حين كان في طريقه لتناول العشاء مع نتنياهو، وفي تلك الليلة أعلن عن وقف المخطط بعد مطالبة واشنطن بالتوقف فورًا عنه، ولم يصل بايدن للعشاء إلا بعد أن بذلت جهود لوقف هذا المشروع.

ووفقًا للصحيفة، فإن تلك الأزمة كانت بداية لتجميد طويل الأمد للبناء الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية، قبل أن يستأنف نشاط البناء الاستيطاني في عهد ترامب، مشيرةً إلى أنه في هذه المرحلة إدارة بايدن لم تمارس أي ضغوط مماثلة على إسرائيل، والاحتمال السائد هو أنها لم تفهم بعد أن إسرائيل على وشك إجراء تغيير مهم في الخريطة الجيوسياسية للقدس.

وأشارت إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد الذي يزور واشنطن حاليًا، سمع على ما يبدو احتجاجات أميركية ضعيفة بشأن هذه القضية.

وقال مسؤول أميركي كبير قبل لقاء لابيد مع نظيره أنتوني بلينكن، إن الإدارة الأميركية متمسكة بموقفها ضد التوسع في البناء بالمستوطنات.

وتقول الصحيفة، إن مهمة تقسيم القدس ستبقى مهمة مستحيلة كما كانت بسبب واقع الاستيطان وحاجة المدينة للتخلص من المخططات الجديدة والقديمة من أجل أن يكون هناك إجماع في المجتمع الدولي على أن هذا السيناريو الوحيد المعقول لمستقبل إسرائيل وفلسطين.

وتضيف إن “الترويج لثلاث مستوطنات جديدة يتوقع أن يعيش فيها عشرات الآلاف من الإسرائيليين، سيجعل هذا السيناريو منفصلاً تمامًا عن الواقع، وسيتعين على المجتمع الدولي تقديم حل آخر، ربما ستكون دولة ثنائية القومية أو كونفدرالية من نوع ما، يعيش فيها ملايين الإسرائيليين والفلسطينيين بحقوق متساوية، الخيار المعقول الوحيد”.