صحيفة إسرائيلية: مخيم جنين "برميل متفجرات" ونموذج مصغر لغزة

رام الله الإخباري

وصف كاتب إسرائيلي، مدينة جنين شمال الضفة الغربية، بالنموذج المصغر من قطاع غزة، في إشارة الى حالة التوتر بين جيش الاحتلال والمقاومة بعد ظهور الكثير من المسلحين فيها خلال الفترات الماضية.

وقال الكاتب الاسرائيلي اليور ليفي، في مقال له نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية: "عادت التهديدات بالعمليات الفدائية التفجيرية إلى مكان الحادث وتحديداً في مخيم جنين للاجئين، حتى أصبح المخيم من أعظم رموز الانتفاضة الثانية".

وادعى الكاتب أن الهالة المحلية للمسلحين عند الجمهور الفلسطيني قد تلاشت على مر السنين، غير أن إرث المخيم بين الجمهور الفلسطيني لا يزال قائماً، حيث أدى تسلسل الأحداث في منطقة جنين على مدى الأشهر الستة الماضية إلى إحساس السكان بأن المكان قد عاد عشرين سنة إلى الوراء.

وأشار الكاتب إلى أنه بالرغم من انضمام بعض المسلحين إلى قوات الأمن الفلسطينية، إلا أن النواة الصلبة للتنظيمات المسلحة بقيت في أحياء المخيمات، مبينا أن مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ظلت خارج سيطرة السلطة الفلسطينية وأصبح كل دخول للسلطة الفلسطينية إليها مصحوبا بمقاومة وتبادل لإطلاق النار.

ولفت الى أن التنسيق الأمني مع "إسرائيل" يكاد لا يكون له أهمية في المنطقة طالما أن السلطة الفلسطينية لا تسيطر ميدانيا في المخيمات.

وبيّن الكاتب أن مخيم جنين للاجئين قد عاد إلى العناوين الرئيسية في السياق الأمني، مبينا أن السبب في ذلك هو الأيام الأولى لأزمة كورونا، عام 2020 والانتخابات التي كانت ستتم.

وأضاف: "في بداية الوباء، وجدت السلطة صعوبة في فرض الإغلاقات والقيود المفروضة على السكان والتي كان الهدف منها تقليل معدلات الإصابة بالأمراض، لذا اتجهت السلطة لتسخير تنظيم فتح في مختلف مناطق الضفة الغربية حتى تتمكن من خلال عناصر التنظيم من مساعدتها في التعامل مع هذه القضية".

وأشار الكاتب الإسرائيلي الى أن الأمر نفسه حدث في مخيم جنين للاجئين، مبينا أن جيش الاحتلال كان في ذلك الوقت أقل نشاطًا في الضفة الغربية في اعتقال المطلوبين، مما سهل على الفصائل المسلحة في منطقة جنين من تجديد نشاطاتها.

وتابع: "بعد ذلك فاجأ أبو مازن الجميع وأعلن عن إجراء انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني. وأعلنت حماس ردا على ذلك أنها قبلت التحدي وبدأت في تشكيل قائمة لمواجهة فتح في المقابل قررت حركة الجهاد الإسلامي كالعادة عدم الدخول في النظام السياسي".

وزعم الكاتب أن "إسرائيل" لم ترغب في أن يتم تصويرها على أنها تساعد فتح، لذلك تم التخفيف من الاعتقالات ضد نشطاء حماس والجهاد الإسلامي في تلك الأيام، ويتساءل الكاتب: كيف يرتبط كل هذا بمخيم جنين؟ ويجب بقوله: "الجهاد الإسلامي له قوة ونفوذ في المنطقة. في الواقع، محافظة جنين هي بؤرة نفوذ التنظيم الرئيسية في الضفة الغربية".

وساعد الحد من تنفيذ الاعتقالات بسبب كورونا والانتخابات على إعادة تنظيم أنشطته وتوسيعها.

ويدعي الكاتب أنه ولأسباب عملياتية، قررت "إسرائيل" تقليص نطاق القوات التي قامت بتأمين منطقة التماس والجدار الفاصل في المنطقة؛ مما أدى إلى زيادة حجم تهريب الأسلحة ، الذي كان مصدرها عناصر إجرامية في “إسرائيل”.

وتابع: "منطقة جنين مليئة بالأسلحة غير المشروعة: M-16، كلاشينكوف، بنادق محلية الصنع من طراز كارلو، مسدسات، معامل لإنتاج العبوات الجانبية والناسفة والتي يتم إلقائها على قوات الاحتلال، وربما أيضاً عدد من الرشاشات الثقيلة تم حفظها لمثل هذه الأيام.

ويسترسل الكاتب في وصف الواقع الذي يمر مخيم جنين فمنذ بداية وباء كورونا، أغلقت “إسرائيل” المعابر بينها وبين السلطة الفلسطينية أو قلصت النشاط هناك كان معبر جلبوع (الجلمة) هو احداها والذي يمثل الشريان الاقتصادي الرئيسي لجنين.

وأكمل الكاتب الإسرائيلي: "في نهاية كل أسبوع، يأتي عشرات الآلاف من فلسطيني الداخل المحتل 1948 من “إسرائيل” للتسوق وقضاء بعض الوقت في جنين، بفضل هذه الحركة، ازدهرت مئات الأعمال في المدينة، ولكن ادى إغلاق المعبر الى توجيه ضربة قاضية للتجار والتي كانت السبب في ازدهار تجارة الأسلحة.

ويزعم الكاتب أن: هذا الوضع لعب لصالح الجهاد الإسلامي في جنين بشكل عام وفي مخيم اللاجئين بشكل خاص، حيث اكتسب التنظيم هناك مزيدا من القوة والنفوذ، فعلى عكس المخيمات الأخرى، داخل مخيم جنين للاجئين ، يتم إجراء تدريب عسكري للنشطاء بشكل منتظم، وبين بانه اي اقتحام للجيش “الإسرائيلي” للمخيم، يواجه بنيران المقاتلين من التنظيمات المسلحة، ويلاحظ ان هذا واقع لا وجود له في أي مخيم آخر للاجئين في الضفة الغربية، وهو جزء من روح المكان الذي يصنف نفسه على أنه المتصدر للمقاومة المسلحة، وعاصمة الشهداء، وواقعيا هناك معادلة في المخيم: ان اي اقتحام من قبل الجيش “الإسرائيلي” للمخيم لن يمر دون رد مسلح.

وأشار الكاتب إلى انه في مخيّم جنين للاجئين، هناك شراكة مصيرية نادرة بين الفصائل: على عكس الاستقطاب الموجود في خارج المخيم بين حماس وفتح، على سبيل المثال، داخل المخيم يقاتل المسلحون من مختلف الفصائل جنبًا إلى جنب، وكل من يأتي إلى مخيم جنين يسمع عبارة “ابن المخيم” والذي يعبر عن الولاء الكامل لسكان المخيم من الفلسطينيين، بغض النظر عن انتمائهم التنظيمي.

وتابع: "لهذا السبب استنسخ مخيم اللاجئين نموذج غزة في إقامة الغرفة المشتركة لكافة الفصائل المقاومة".

ويزعم الكاتب أن الغرفة المشتركة تتكون من عناصر من الجهاد الإسلامي وحماس وفتح، الذين ما زالوا يصرون على تسمية أنفسهم كتائب شهداء الأقصى، رغم أن هذه الهيئة لم تعد موجودة بالفعل، القاسم المشترك بينهم هو كراهية السلطة الفلسطينية ومؤسساتها والرغبة في محاربة إسرائيل بكل الطرق".

وأكمل حديثه: "أما عن عمل الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة فتبدأ عملها فور ورود تقرير عن نشاط “للجيش الإسرائيلي” في المخيم أو في إحدى القرى المجاورة. حيث ترسل الغرفة المسلحين إلى الميدان باستخدام الرسائل النصية على تطبيق الواتس أب أو التليجرام، بالإضافة إلى ذلك، يتواجد على مداخل المخيم مجموعة من المراقبين، تتمثل مهمتهم في تصوير وتعقب وتحديد أي حركة مرور مشبوهة في المنطقة – بما في ذلك سيارات القوات المستعربين".

وأضاف: "الذين يديرون هذا النظام هم رؤساء المنظمات داخل المخيم، رئيس حركة الجهاد الإسلامي في المنطقة هو بسام السعدي، وهو أحد قيادات حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، أما كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح فهي تحت قيادة جهاد أبو كميل، في حين من يدير نشاطات حماس التي تعتبر أقل هيمنة في المخيم هو جمال أبو الهيجا أحد الأسرى في السجون “الإسرائيلية، إلا أنه لا يزال هو من يدير الأمور من سجنه".

ولفت الكاتب الإسرائيلي الى أن جنين أصبحت برميل حقيقي من المتفجرات، بما في ذلك إطلاق النار من قبل السكان المحليين على كل اقتحام للجيش للمخيم، فيما أدى هروب الأسري الستة من سجن جلبوع – والذين جميعهم من سكان محافظة جنين زاد من اشتعال هذه المنطقة.

يشير الكاتب إلى أن الظاهرة الفريدة التي تحدث في جنين هي تشجيع حماس على تحويل الجهاد الإسلامي إلى مقاول من الباطن لها في المنطقة، ففي الأشهر الأخيرة، كانت حماس تمول العمليات العسكرية للجهاد ، والأخيرة تستخدم هذا التمويل لشراء أسلحة في محاولة لتنفيذ عمليات فدائية.

وينقل الكاتب عن مصدر في المخيم زعمه إن حركة الجهاد الإسلامي لديها قائمة أسعار بالعمليات الفدائية توزع على الشباب المحليين؛ إذ يقدمون لهم عرضًا يصعب عليهم مقاومته”، ويزعم بأن العرض الذي يقدم للشبان في المخيم بأنه سيتلقى 300 دولار لو تمكن من إصابة احد جنود العدو في عملية إطلاق النار، وإذا لم يصبه فستلقى 100 دولار فقط.

ويستمر الكاتب في مزاعمه بان هؤلاء الشبان يخضعون لأول مرة لتدريبات عسكرية داخل منطقة المعسكر.

الهدهد