طلب حزب النهضة ذو المرجعية الاسلامية وأكبر الأحزاب التونسية تمثيلا في البرلمان انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة للخروج من الأزمة السياسية اثر قرار الرئيس تجميد أعمال البرلمان بينما دعا الاتحاد الأوروبي إلى "استعادة الاستقرار المؤسساتي" في تونس.
كما دعا الحزب إلى "ارساء حوار وطني" لاخراج البلاد من الأزمة السياسية والاجتماعية والصحية والاقتصادية.
وصرح القيادي في حزب النهضة نور الدين البحيري لفرانس برس "قرّرنا النضال السلمي لافشال هذا المشروع وندعو الرئيس إلى مراجعة هذه القرارات والعودة إلى العقل".
وأضاف "بلادنا تحتاج إلى تضامن وطني، لسنا في حاجة لافتعال قضايا خلافية تقسم المجتمع والمؤسسات والدولة والأحزاب وتعزل تونس دوليا".
وفي أقل من يومين، أعلن الرئيس قيس سعيّد تجميد أعمال البرلمان وأعفى رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه وتولى بنفسه السلطة التنفيذية.
جاء الاعلان تزامنا مع أزمة اقتصادية واجتماعية تصاعدت وتيرتها بتداعيات الجائحة وأثارت قلق جهات دولية وخاصة واشنطن وباريس وبروكسل.
قال متحدّث باسم الاتحاد الأوروبي "ندعو كل الجهات الفاعلة في تونس إلى احترام الدستور، والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون... ندعوهم كذلك إلى التحلي بالهدوء وتجنّب أي لجوء للعنف حفاظا على استقرار البلاد".
ودعت روسيا إلى تسوية الخلافات الداخلية "في إطار القانون". وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "نأمل ألا يهدّد شيء استقرار شعب ذلك البلد وأمنه".
- غضب وبطالة
وبعد أن اعتبرت النهضة اعلان سعيّد "انقلابا على الثورة والدستور"، جاء الثلاثاء في بيان للحركة الممثلة في البرلمان 53 من أصل 217 نائبًا أنها "من أجل الخير للحياة الديموقراطية مستعدة لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة ومتزامنة من أجل ضمان حماية المسار الديموقراطي وتجنب كل تأخير من شأنه ان يُستغل كعذر للتمسك بنظام استبدادي".
والاثنين قرّر سعيّد أن يعفي من مهامهم كلا من وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان.
قوبلت قرارات سعيّد بالترحيب من قبل تونسيين مستائين من تأزم الوضع الصحي في البلاد التي تسجل نسبة وفيات من بين الأعلى في العالم.
في المقابل، عبر آخرون عن رفضهم لها معبرين عن مخاوف من الرجوع إلى الدكتاتورية في مهد الربيع العربي بعد ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الدكتاتور الراحل زين العابدين بن علي.
ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من ايجاد حلول لمسألة البطالة التي كانت مطلبا أساسيا للثورة ما ساهم في تنامي الغضب الشعبي.
- "حفظ السلام"
وعنونت صحيفة "لوكوتيديان" الناطقة باللغة الفرنسية الثلاثاء "انقلاب أم بريق"، بينما تساءلت صحيفة "لابرس" الفرنسية في افتتاحيتها "هل علينا أن نخاف على الثورة؟" وخصوصا أن "شبح عدم اليقين السياسي والإفلاس المقترن بآثار الأزمة الصحية سيئة الإدارة" أحدثت "خضة الأحد".
وكتبت صحيفة "المغرب" في الصفحة الأولى "تونس والمخاطر الجديدة" مبينة في مقال افتتاحي "أن شرط نجاح ما أقدم عليه رئيس الجمهورية هو ألا يؤدي لفظ المنظومة التي حكمت البلاد خلال عقد من الزمن إلى وأد الديمقراطية".
وأعلن رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي الاثنين في بيان "أصطفّ كما كنت دائما إلى جانب شعبنا واستحقاقاته وأعلن عن عدم تمسّكي بأي منصب أو أية مسؤولية في الدولة... سأتولّى تسليم المسؤولية إلى الشخصية التي سيكلّفها رئيس الجمهورية لرئاسة الحكومة في كنف سنّة التّداول التي دأبت عليها بلادنا منذ الثورة وفي احترام للنّواميس الّتي تليق بالدولة".
ويؤكد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن "سعيّد سيكون حذرا جدا في عملية اختيار رئيس الحكومة القادم لأنه يريد شخصا يثق به ويتقاسم معه السياسات نفسها".
ويتابع الجورشي "ستكون هناك حكومة سعيّد" لتحسين أوضاع التونسيين.
أثارت التطورات السياسية في تونس ردود فعل من العديد من الدول ولا سيما من باريس التي أملت "بعودة المؤسسات الى عملها الطبيعي" في أقرب وقت.
وأكدت مفوضية الإتحاد الأفريقي في بيان الثلاثاء وجوب "التزام الاحترام التام للدستور التونسي وحفظ السلام ونبذ جميع أشكال العنف، وتعزيز الحوار السياسي لحل المشاكل المطروحة".
إلى ذلك، استقبل الرئيس التونسي الثلاثاء وزيري خارجية المغرب ناصر بوريطة والجزائر رمطان لعمامرة بحسب ما افادت الدبلوماسية التونسية في بيانين لم يشيرا البتة الى الازمة السياسية القائمة.
ودعت وزارة الخارجية الفرنسية "جميع القوى السياسية في البلاد الى تجنب أي شكل من أشكال العنف والحفاظ على المكتسبات الديموقراطية للبلاد".
ويعتبر الجورشي أن الرئيس التونسي "أمام تحد كبير ليظهر للتونسيين والعالم أنه اتخذ القرارات الصائبة".