سعت وزارة الجيش الإسرائيلية، من خلال "كيرن كييمت ليسرائيل" (كاكال – الصندوق الدائم لإسرائيل) إلى شراء مئات الدونمات من الأراضي بملكية فلسطينية خاصة في الضفة الغربية، لصالح مستوطنين ليزرعونها في الوقت الذي منع فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي أصحاب الأراضي من الدخول إليها، وفقا لوثائق كشفت عنها صحيفة "هآرتس" اليوم، الإثنين.
وأفادت الصحيفة بوجود صفقات سرية أخرى أجرتها شركة "هيمنوتا"، التابعة لـ"كيرن كييمت"، لشراء أراض في الضفة الغربية. وتم إخفاء هذه الصفقات عن مجلس إدارة "كيرن كييمت".
وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق تظهر إبرام "هيمنوتا" صفقات كهذه، في العامين 2018 – 2019، وشراء عقاؤات لصالح مستوطنين استولوا عليها.
كما تكشف الوثائق عن عمليات خداع متنوعة في إجراءات الشراء، بحيث "يوجد شك كبير على مصداقيتها"، وفقا للصحيفة. وتظهر هذه الوثائق في تقارير داخلية فقط.
ويطلق على إحدى الوثائق بشأن هذه الصفقات تسمية "تقرير ياهف"، الذي وُضع في كانون الثاني/يناير من العام الماضي. وهذا التقرير عبارة عن وجهة نظر قانونية أعدته المحامية دينا ياهف، بطلب من "كاكال"، بعد الكشف عن صفقات مشبوهة لشراء أراض في الضفة نفذتها "هيمنوتا".
ويطلق على وثيقة أخرى تسمية "تقرير لمبرغر"، الذي أعده نائب المدعي العام الإسرائيلي، يهوشع لمبرغر. وفيما يتناول "تقرير ياهف" التدقيق في الصفقات نفسها، فإن "تقرير لمبرغر"، الذي كان قد كشف عنه المحلل السياسي في القناة 13 التلفزيونية، رافيف دروكر، يتناول شكل هذه الصفقات التي أجرتها شركة "هيمنوتا يهودا والسامرة" التابعة لـ"هيمنوتا" من دون علم مجلس إدارة "كاكال".
وبحسب "تقرير لمبرغر"، فإن عضوين يمينيين في مجلس إدارة "كاكال"، هما أرنان فيلمان ونيحي أيال، تجاوزا صلاحياتهما بوضعهما سياسة لشراء أراض في الضفة وأوعزا باستغلال ميزانية خُصصت لـ"هيمنوتا".
وأكد التقرير على أن مجموعة من الأشخاص المهنيين في "كاكال"، الذين شاركوا في عملية الشراء، عملوا من خلال تناقض مصالح. وجاء في التقرير أنه "لو تم تنفيذ هذا النشاط بالشفافية المطلوبة واللائقة مقابل مؤسسات كاكال وهيمنوتا، لما خرجت عمليات الشراء في يهودا والسامرة، وخاصة بحجمها ومواقع الأراضي، إلى حيز التنفيذ".
ويكشف التقريران عن أداء محامين يمينيين مرتبطين بجمعية "ريغافيم" الاستيطانية وكذلك بـ"هيمنوتا". وأضافت الصحيفة أن مجلس إدارة "كاكال" لم يناقش هذين التقريرين حتى اليوم. وطالب أعضاء كتل المعارضة في "كاكال" بكشف تقرير آخر أمامهم، أعده مكتب تدقيق حسابات ويتناول الأداء الاقتصادي حول الصفقات المشبوهة.
والوضع الحالي لصفقات "هيمنوتا" مجمد، وفقا للصحيفة، رغم أن دفعات لقاء قسم منها خرجت من صندوق المنظمة. وجرى تجميد هذه الصفقات بعد أن أوقفها مستشارون قانونيون في "كاكال".
ويذكر أن رئيس "كاكال"، أبراهام دوفدوفاني، خطط مؤخرا لطرح الصفقات من أجل مصادقة إدارة المنظمة عليها. وكشفت الصحيفة عن أربع صفقات مشبوهة كهذه، وتبين من وثائق إداها ضلوع موظفين في وزارة الأمن الإسرائيلية. وتم إرجاء المصادقة في أعقاب ضغوط دولية ومحلية على "كاكال".
وتتعلق إحدى الصفقات بكرم نخيل بالقرب من مستوطنة "حمرة" في غور الأردن، ويمتد على أكثر من ألف دونم مزروعة بأشجار النخيل المثمرة والمعدة للتصدير.
ويمنع الاحتلال أصحاب الأرض من دخولها منذ 50 عاما، بزعم أن هذه الأراضي هي منطقة عسكرية مغلقة. وأكدت الصحيفة على أن هذه الأراضي كانت مفتوحة أمامك المستوطنين طوال عشرات السنين الماضية، لزراعتها وجني أرباح من ثمارها.
وتتعلق صفقة أخرى بأراض في منطقة رام الله، التي وصفها "تقرير لمبرغر" بأنها "في خطر مرتفع". ووفقا للصحيفة، قال مدير عام "هيمنوتا"، أليكس حيفتس، عن هذه الصفقة أنه "ليت بإمكاني القول إنه توجد بوليصة تأمين لهذه الصفقة".
ورغم ذلك، جرت المصادقة على هذه الصفقة في لجنة شكلتها "هيمنوتا" وتم رصد 4.6 مليون شيكل لها، تم تحويلها إلى حساب وصاية ولم يُدفع المبلغ للبائع.
والصفقة الثالثة تتعلق بـبيت بكري" في حي تل الرميضة في الخليل. وجاء في "تقرير ياهف" أن هذه الصفقة لا تستوفي قوانين "كاكال".
وكان مستوطنون قد استولوا على منزل عائلة بكري في الخليل، عام 2005، وزعموا أنهم اشتروا حقوقا في المنزل، بينما كشف تحقيقا للشرطة أن وثائق الصفقة مزورة. وفي العام 2019، قررت محكمة الصلح في القدس أن على المستوطنين إخلاء المنزل.
إلا أن "هيمنوتا"، التي مولت هذه الصفقة المزورة وقعت بعد صدور قرار المحكمة على عقد مع جمعية استيطانية، تطلق على نفسها تسمية "مجددو الييشوف اليهودي في الخليل"، يسمح للجمعية استخدام المبنى.
وأكدت الصحيفة أنه في وزارة الأمن الإسرائيلية كانوا مطلعين على العقد مع الجمعية الاستيطانية.
وكشفت عن ذلك مراسلات في البريد الإلكتروني، في أيلول/سبتمبر العام 2019، وتطرق إليها "تقرير ياهف". وبين المشاركين في هذه المراسلات مساعد وزير الأمن لشؤون الاستيطان، آفي روئيه، والمحامي آفي سيغال، الذي مثّل "هيمنوتا".
وتتعلق الصفقة الرابعة ب218 دونما بالقرب من مستوطنة "أرغمان" في غور الأردن، وتناولها "تقرير ياهف"، وأشار إلى أن "هيمنوتا" استخدمت فلسطينيا من أجل إبرام الصفقة المزورة. ولفتت ياهف إلى أن "هيمنوتا" أبرمت الصفقة رغم عدم معرفتها بهوية مالك الأرض.
وكتبت ياهف ملاحظة عامة في تقريرها، جاء فيها أن "العيوب والأخطاء المنتشرة في صفقات في يهودا والسامرة تتعلق بهوية المُوَقّع والذي يفترض أن يكون المالك، أي أن هذا تزوير وتقمس شخصية".