أبدى المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر روبير مارديني، اليوم الخميس، استعداده لأن يكون وسيطاً محايداً بين إسرائيل وحماس للتفاوض لإجراء تبادل أسرى أو حتى رفات بشرية “جثث”.
ولفت مارديني في بيان له، بعد زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى أنه أبلغ الأطراف المعنية باستعداده لذلك، مشيراً إلى أنه للعائلات الحق في معرفة مصير أحبائها والحزن والمضي قدماً بالحياة، كما قال.
وأضاف: “بعد زيارتي لغزة أمس ولجنوب إسرائيل اليوم، وجدتُ أن التجارب المؤلمة تتفاقم في هذه المنطقة بعد كل جولةٍ جديدةٍ من الأعمال العدائية.. يشعر الناس أنّهم يعيشون حالة دائمة من التأهب والحذر ممّا هو آتٍ في المستقبل”، وفق نص بيانه.
وتابع: “ما شاركني إيّاه الناس هو إحساسٌ عميقٌ بالإرهاق واليأس وعدم القدرة على رؤية مستقبلٍ أفضل للأجيال الشابّة في المنطقة. .. صحيحٌ أنّه في المرحلة الحالية يحتاج سكان غزة للمساعدات الإنسانية، إلّا أنّ المساعدات
لا يمكن أن تمنع عودة شبه حتمية لليالٍ تملؤها أصوات الرعب في مرحلة ما في المستقبل القريب أو البعيد”.
وأكد المدير العام للصليب الأحمر أنه لا يمكن تحقيق مستقبل أفضل إلا بالحلول السياسية، مشيراً إلى أن جولة القتال الأخيرة أثرت كثيراً على السكان في غزة، ومع كل جولة جديدة يجد السكان منازلهم وسبل عيشهم مدمرة مرةً تلو الأخرى، فيصبح حالهم أسوأ مما كان عليه.
وقال مارديني: “لقد سئموا من الحديث عن القدرة على االتأقلم، فهي ببساطة عبارة تضمر في طيّاتها انعدام الخيارات المتاحة أمام أشخاصٍ يُجبرون على التحمّل وإكمال حياتهم بما تبقّى لديهم مراراً وتكراراً”.
وأشار إلى ما قال عنه إن “المدنيين في إسرائيل دفعوا ثمناً باهظاً، إذ أصبح البقاء بالقرب من الملاجئ أمراً طبيعياً للمجتمعات في جنوب إسرائيل، كما هو الحال مع الحرائق الناجمة عن البالونات الحارقة التي تلحق الضرر
بالأراضي الزراعية وسبل العيش”، وفق ما جاء في تصريحه الصحافي.
وقال: “تترك حلقات الخوف والدمار المتكرّرة على جانبي السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل أثراً نفسياً سيتردّد صداه سنواتٍ عدة في أذهان الأطفال والكبار على حدّ سواء”.
وأضاف: “على الرغم من أنّ المساعدات الإنسانية تمنع انهيار بعض الخدمات الأساسية في غزة في المرحلة الحالية، إلّا أنها ليست حلاً مستدامًا”.
وتابع: “إنّ جيلاً كاملاً من شباب غزة قد نشأ وهو لا يعرف سوى الحدود المغلقة والجولات المتكررة من الأعمال العدائية، لقد مرّ على أولئك الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، أربع عملياتٍ عسكريةٍ وتصعيداتٍ لا حصر لها، وهُم بحاجة إلى بصيص أمل وإلى مستقبلٍ يتطلعون إليه”.
وواصل متسائلاً: “واجهت الأسئلة ذاتها في القدس اليوم: ما هو مستقبل الشباب الفلسطيني الذي يعيش تحت أطول احتلال عسكري في التاريخ الحديث؟”.
وقال المدير العام للصليب الأحمر: “لديّ إيمانٌ راسخٌ بضرورة إعادة القانون الدولي الإنساني إلى الطاولة لمعالجة الآثار القانونية والإنسانية لسياسات الاحتلال على الفلسطينيين، إن احترام هذا القانون ليس الدواء الشافي
لإنهاء الاحتلال، لكنه يساعد في الحفاظ على مسار التفاوض نحو حلٍّ مستدام .. لن يتم حلّ هذا النزاع بسرد بنود اتفاقية جنيف الرابعة، ولكن الامتثال للالتزامات الأساسية سيكون بدايةً جيدةً لما أصبح طريقًا طويلاً ومؤلمًا بشكلٍ متزايدٍ نحو السلام”.
وبين أن تركيز اللجنة سينصب على تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا في غزة، مشيراً إلى أنه لتحقيق هذه الغاية تم التوجه بنداء أولي لرفع ميزانية اللجنة الدولية بمقدار 10 ملايين فرنك سويسري (11.1 مليون دولار أميركي).
وسرد العديد من الأمثلة على ما تفعله طواقم الصليب الأحمر في المرحلة الحالية، ومنها وصول فريق جراحي تابع لها مؤخراً، كما تتمثل إحدى الأولويات في جلب إمدادات طبية إضافية لدعم النظام الصحي الهش بالفعل
والخاضع لضغوطٍ هائلة، ويتعامل في الوقت نفسه مع تفشي جائحة كوفيد-19، إلى جانب مساعدة العائلات التي هُدمت منازلها ولم تعد تصلها خدمات الماء والكهرباء، إضافة إلى التركيز على الاحتياجات طويلة الأمد، مثل إعادة بناء البنية التحتية ودعم الصحة النفسية بشكل أساسي، ومواصلة المشاريع القائمة بالفعل وتعزيزها بهدف إصلاح شبكات الكهرباء والصرف الصحي والمياه.
وأكد أن اللجنة الدولية ستواصل دعم شركائها في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ونجمة داوود الحمراء في إسرائيل، كما قال.