يشرح عالم الفضاء المصري الدكتور أسامة شلبية، وهو مدير مركز أبحاث الفضاء بجامعة القاهرة، تفاصيل وأبعاد خروج الصاروخ الصيني “لونغ مارش 5 بي” عن السيطرة
وهو الصـ.ـاروخ الذي أطلقته الصين، يوم الخميس الماضي، وسط مخـ.ـاوف من سـ.ـقوطه على منطقة مأهولة بالسكان.
وفي حديث خاص مع موقع “سكاي نيوز عربية”، يقول شلبية، إنها ليست الواقعة الأولى من نوعها، مشيراً إلى وقـ.ـائع سابقة من بينها سقوط أجزاء من صـ.ـاروخ فالكون 9 من تطوير شركة “سبيس إكس” في الولايات المتحدة الأميركية.
ويوضح عالم الفضاء المصري أن “الصين تواجه قيـ.ـوداً على استخدامات محطة الفضاء الدولية، وتسـ.ـعى إلى أن يكون لها محطتها الخاصة، ومن ثم ومن أجل تأمين تواجد دائـ.ـم لروادها في الفضاء، بدأت في العمل على محـ.ـطتها الفضائية الخاصة، وأطلقت الجزء الأساسي للمحطة على متن الصـ.ـاروخ (لونغ مارش 5 بي)”.
تستمر عملية بناء المحطة وتجميعها لمدة أكثر من عام، وذلك عبر عشر مهمات رئيسية، من بينها أربع رحلات مأهولة.
تجميع الأجزاء
ويشير مدير مركز أبحاث الفضاء بجامعة القاهرة، إلى أن المحطة الصيـ.ـنية تحتاج إلى تجميع الأجزاء الرئيسية أو الخاصة بها، وبالتالي يتم إطلاق صواريخ تحمل هذه الأجزاء ووضع تلك الـ Modules في المدار الخاص بها؛ لبناء المحطة، تمهت.ـيداً للإعلان عن اكتمال البناء في2022 أو 2023 على حد أقصـ.ـى، لتكون هي الوحيدة التي تعمل حول الأرض بعد انتهاء محطة الفضاء الدولية في 2024 (تم إرسال الأجزاء الأولى لمحـ.ـطة الفضاء الدولية في العام 1998، ومستقبلها يظل مضموناً بشكل رسمي حتى العام 2024 فقط).
ويتابع الدكتور أسامة شلبية، قائلاً: الصـ.ـاروخ الصيني الذي تم إطلاقه يوم الخميس الماضي، ويحمل اسم (لونغ مارش 5 بي) يحمل تلك المكونات، وكأنها -للتبسيط- بمثابة “مواد بناء المحطة”، مشيراً إلى أن الصـ.ـاروخ يعادل سبعة أضعـ.ـاف المرحلة الثانية من فالكون 9.
ويشير إلى أن “المشكلة الرئيسية تكون في تلك الأجزاء التي تصل إلى نحو 22 طناً”، موضحاً أن العودة “تكون محددة بمسار ومدار وتوقيت معينين؛ كي تسقط باقي النفـ.ـايات في البحر أو في أماكن غير مأهولة بالسكان، وألا تسقـ.ـط في منطقة طيران أو منطقة بها قوارب أو خلافه، بما قد يسبب مخـ.ـاطر كبيرة”.
ويردف شلبية: “مشكلة النفايات الفضـ.ـائية هي واحدة من المشكلات الأساسية.. كيف يمكن التخـ.ـلص منها؟ وجودها يسبب خـ.ـطراً شديداً ومتنامياً بالنسبة لاستخدامات الفضـ.ـاء السـ.ـلمية أو النشاط الفضائي للبشر خارج الأرض”.
ارتـ.ـطام
ويوضح عالم الفضاء المصري أن تلك الأجزاء أو الأجسام العائدة ترتطم بالغلاف الجوي بسرعات هائلة تصل إلى 1200 ميل في الساعة “تحـ.ـترق أجزاء منها، لكن الأجزاء الكبيرة تظل كما هي دون أن تتفتت، وتخـ.ـترق الأرض.. وعندما ترتـ.ـطم بالأرض قد تسبب في خـ.ـطورة شديدة جداً على البـ.ـشر”.
ومن هنا تكمن المشكلة في فقدان السيطرة على الـ “لونغ مارش 5 بي”، وبالتالي “صار من غير المعروف مسار ولا موعد عودته إلى الأرض، بما قد يسبب مخـ.ـاطر على مناطق مأهـ.ـولة بالسكان.. لا نستطيـ.ـع التـ.ـتنبؤ بشكل كبير.. والوقت قليل جداً للتنبؤ بموعد ومكان الارتـ.ـطام”.
ويستطرد مدير مركز أبحاث الفضاء بجامعة القاهرة: “ذلك الارتـ.ـطام تكون مخـ.ـاطرة كبيرة، لكن لحـ.ـسن الحظ أن مساحة المياه تغطي ثلثي الكرة الأرضية، والثلث الخـ.ـاص بالأرض جزء منه غير مأهـ.ـول بالسكان، بالتالي نسبة احتمالات الارتطـ.ـام بمنطقة مأهولة ضعيفة”.
وفيما يلفت عالم الفضاء المصري، في معرض حديثه مع موقع “سكاي نيوز عربية” إلى أن الصـ.ـاروخ لن يكون الأخير من نوعه بالنسبة لمهمة الصين، على اعتبار أن هناك عـ.ـشر عمـ.ـليات أخرى مخطط لها، يتحدث بموازاة ذلك عن أن “المتابعين لما يعرف بالأجسام القريبة من الأرض ومخاطرها على الإنسان أو سكان الأرض يدرك مدى أهـ.ـمية وخطـ.ـورة الأمر”.
الأجسام العـ.ـائدة
ويشير إلى أن “العالم كله يتابع ويتتبع هذه الأجـ.ـسام العائدة إلى الأرض، سواء وكالة الفضاء الأوربية والأميركي، وذلك من أجل ضمان سلامة العودة بدون أية آثار جانبية على الإنسان أو الكرةا لأرضية (..) لكن لإشكـ.ـالية الحقيقية هي فقدان السـ.ـيطرة، وبالتالي فقدان التنبؤ بالمكان والزمان الذي ستسـ.ـقط فيه تلك الأجسام”.
ويبرر مدير مركز أبحاث الفضاء بجامعة القاهرة ذلك بـ “اختلال المسار” نفسه، علاوة على أن “السرعة التي تكون عليها تلك الأجسام عادة ما تكون أعلى من قدراتنا على التنبؤ بها.
الأمر يعدو خروجاً عن القوانين الحاكمة للصـ.ـاروخ والتي وضعت لتتبعه وحددت موعد ومكان عودته”، موضحاً أنه في ضوء ذلك يمكن الآن تتبع تلك الأجزاء، لكن من الصعب التنبؤ بالمكان والزمان.
لكن من غير المعلوم، وكذلك من غير الممكن، تحديد أي الأماكن يمكن أن تسقط بها بقايا هذا الصـ.ـاروخ، إلا أنه استنادا إلى مداره الحالي، يمر الصـ.ـاروخ فوق الأرض في خط يمـ.ـتد من نيويورك إلى مدريد إلى بكيـ.ـن ثم جنوب تشيلي ونيوزيلندا، خلال هذا المسار فإنه يمر على دول الوطن العربي.
ولأن 71% من سطح الأرض تمثله المحيطات، فإن الاحتمال الأكبر أن القطع المـ.ـتبقية ستـ.سقط في الماء، إلا أنه لايزال هناك احتمال ضعيف لسقوطها على الأرض.
عدم اليقين
حينما تسقط بقايا صـ.ـاروخية من الفضاء فإنها عادة ما تحتـ.ـرق في الغلاف الجوي ولا يسقط منها شيء لسـ.ـطح الأرض، لكن لأن وزن تلك القطـ.ـعة الصينية أكبر من المعتاد، فإن هناك مخاوف أن تنجو الأجزاء الأكثر كثافة من المحـ.ـركين الرئيسيين للصاروخ وتتجه إلى سطح الأرض في صورة قطع صغيرة.
هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، ففي مايو/أيار 2020 اخـ.ـترقت أجزاء من أحد الصـ.ـواريخ الصينية (من نفس الفئة) الغـ.ـلاف الجوي، وسقط الجزء الأكبر منه في المحيـ.ـط الأطلسي، لكن بعض الحـ.ـطام سقـ.ـط في قرى مأهولة في ساحل العاج غربي أفريقيا، لكن لم يتم الابـ.ـلاغ عن وقوع إصـ.ـابات.
وإلى لحظة كتابة هذه الكلمات، لم يحدث من قبل أن أصـ.ـيب إنسان على الأرض ببقـ.ـايا صـ.ـاروخ أو قمر اصطـ.ـناعي، رغم أن حوادث سقـ.ـوط أجزاء تقنية فضائية إلى الأرض تكررت أكثر من مرة، ورغم ذلك فإن كل شيء محتمل.