توقع رئيس الوزراء محمد اشتية نمو الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 6% هذا العام، بعد انكماش غير مسبوق في 2020 بنسبة 11.5 بالمئة، جراء تداعيات أزمتي كورونا والمقاصة.
وقال اشتية، في كلمة عبر الانترنت خلال المؤتمر الوطني الأول للحوار الاجتماعي تحت عنوان "معالجة تحديات سوق العمل"، الذي نظمته وزارة العمل، أمس، عام 2020 كان عاماً صعباً على العالم كله وكذلك فلسطين".
وأضاف: الانكماش الاقتصادي في فلسطين وصل 11.55%، ولكن نتوقع النمو في العام الجاري يصل 6%، وهذا أمر مهم لأن قوة الدفع والإمكانيات والآفاق التي ستفتحها العملية الانتخابية من جهة وانفتاح وحركة البضائع
بين الضفة وقطاع غزة، إذا لم تقم إسرائيل بعرقة ذلك، أعتقد ان هذا الأمر سوف يخلق نشاطاً اقتصادياً جديداً متجدداً، يعطي بريق أمل في نمو اقتصادي أفضل".
من جهة أخرى، قال اشتية إن الحكومة تسعى لتحصيل حقوق العمال الفلسطينيين في إسرائيل، مضيفاً إن "هناك فريق يعمل من جانبنا في هذا الامر، وأعتقد ان هذا الموضوع سوف يتوج بنجاح قريب".
وشارك في المؤتمر مدير عام منظمة العمل الدولية جاي رايدر، ومدير عام منظمة العمل العربية فايز المطيري، والأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين شاهر سعد، ورئيس اتحاد الغرف التجارية عمر هاشم، وعدد من الوزراء، والنقابات العمالية وممثلون عن الجهات ذات العلاقة.
وأكد رئيس الوزراء أهمية الحوار الاجتماعي لتحقيق التوازن بين مصالح العمال من جهة، وأصحاب العمل من جهة أخرى.وقال "لا نريد للشركات ان تفلس ولا نريد للعمال ان يطردوا من أماكن عملهم، ونريد ان نبقي على مداخيل لهؤلاء الناس".
واعتبر اشتية تجربة فلسطين في مواجهة جائحة كورونا "رائدة، حيث قدم اتحاد عمال فلسطين مساهمات لصندوق وقفة عز، وكذلك القطاع الخاص والغرف التجارية، والحكومة أيضا".
أضاف "الحوار بالنسبة لنا يجب ان يكون شاملاً يضم الجميع لكيلا يكون هناك أحد ليس جزءاً من هذا الحوار، ولكن المهم أيضاً أرضية الحوار هي مقدمة للوصول الى تنمية مستدامة، إذا أردنا فعلاً ان نصل الى تنمية مستدامة لا بد للجميع ان يكونوا شركاء في هذه التنمية".
وقال رئيس الوزراء إن "فلسطين جسدت تجربة رائدة في الشراكة بين مكونات الشعب المختلفة، وأكدت أطراف الإنتاج الثلاث ايمانها بالحوار والشراكة كأساس لبناء وتطوير قطاع العمل، مدركين سرعة تغير العالم ومستفيدين من الدروس والتجارب خاصة في الازمات".
وتابع: ما يعكسه هذا المؤتمر، الذي جاء تتويجاً لحوار اجتماعي ثلاثي بين الحكومة وممثلي العمال وممثلي أصحاب العمل، وهو منبر لتبادل الآراء وعرض وجهات نظر الأطراف تجاه ما يواجهه الاقتصاد الفلسطيني وانعكاساته لسوق العمل".
وقال "الحكومة وحدها لا تستطيع تحمل العبء. لا توجد حكومة في العالم تستطيع ان تتحمل التبعات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والمعنوية لما يجري في العالم من هذه الجائحة، لذلك روح الشراكة مهم ان نحمل مع بعض هذا الهم لكي نتقاسم العبء ويصبح هناك الامر بالنسبة لنا ليس استراتيجية خسارة-ربح، بل استراتيجية ربح-ربح".
وشدد اشتية على أن الحوار الاجتماعي يعزز القدرة التفاوضية لجميع الأطراف، "وهذا فعلا ممكن ان يوصلنا الى استراتيجية الربح لجميع اطراف علاقات العمل".
وقال: نرى ان الحوار الاجتماعي يلعب دوراً مهماً في تشكيل الاقتصاد والعمل والسياسات الاجتماعية، ويعزز ويرتقي في ظروف المعيشة والعمل في فلسطين الى الامام، ونريد له أن يعزز الصمود المقاوم لشعبنا، الذي يعيش تحت استعمار استيطاني إحلالي إبدالي في ظروف غير مسبوقة".
وأعلن اشتية أن الحكومة ستطلق، خلال الشهر الجاري، "أربعين وثيقة تشمل خطة التنمية الشاملة والوطنية لعام 2021-2023، واستراتيجيات قطاعية، والتنمية بالعناقيد، واليوم نطلق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل".
وأضاف "حاولنا جاهدين في ازمة كورونا ان نوفر المساعدة للمتضررين من الوباء، وقد قدمنا مساعدات للعمال، وقروضاً ميسرة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وخصصنا حوالي 410 ملايين دولار جزء منها قروض من الاتحاد الأوروبي وجزء منها من سلطة النقد ويستفيد منها كل من تضرر في الجائحة".
وقال إن "جائحة كورونا تملي علينا ان نقوم بحوار جدي ومسؤول بالقضايا المتعلقة بالضمان الاجتماعي، وحقوق العمال وبالفقراء الذين تم دفعهم الى الفقر المدقع خلال هذه الجائحة، وأيضا بعض صغار رجال الاعمال الذين تضرروا بشكل كبير، ولذلك الضرر علينا كمجتمع بشكل عام والضرر علينا كشعب أيضا".
بدوره، قال وزير العمل نصري أبو جيش، إن المؤتمر حرص على الجمع بين ممثلي العمال وأصحاب العمل والحكومة، من أجل مبادلة الحوار الاجتماعي.
وتابع: "ما نسعى إليه هو وضع تفاهمات أساسية في كيفية إدارة الوباء من الناحية الاقتصادية، ومنذ بداية الجائحة أسسنا لاتفاق ثلاثي لضمان استمرار تدفع رواتب العمال، وهذا ما استوجب البناء عليه في سلسلة من الحوارات اللاحقة، وسنتوج هذا المؤتمر بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل".
وأشار أبو جيش إلى أن المؤتمر يأتي لمواجهة التحديات في سوق العمل وما تركته من آثار كبيرة، وعملت الوزارة على مواجهة البطالة، وتحسين فرص التشغيل، وزيادة نصيب المرأة في سوق العمل، وضمان عمل ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأكد أن الوزارة تسعى إلى مراجعة قانون العمل حتى يكون قانون عمل عصرياً يضمن تنظيم واستقرار سوق العمل، ويوفر الحماية للعمال.وأضاف أبو جيش: "لن نبقى خلف الركب بل سنكون في المقدمة في حماية شعبنا واقتصادنا وايجاد حلول لكافة الخلل الذي يؤثر على سوق العمل"
وأردف:" أثبتت الجائحة وجود فجوة كبيرة في منظومة الحماية الاجتماعية، ما يتطلب مراجعة شاملة لقانون الضمان الاجتماعي ومعالجة مكامن الضعف والنواقص في القانون".
من جانبه، قال وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني إن المجالس الاقتصادية والاجتماعية تعتبر إطارا وطنيا منظما للحوار الاجتماعي بين مختلف مكونات المجتمع، حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
وأضاف مجدلاني إن أهداف الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج الثلاثة يؤدي لرفع الإنتاجية والقدرة التنافسية، وبالوضع الفلسطيني، فإنها تساعد على توفير مقومات الصمود وخاصة للفئات المهمشة والضعيفة، خاصة في ظل تفشي ظاهرة البطالة والفقر والتهميش، فإن إدارة حوار اجتماعي جاد ومسؤول أصبح أمرا مهما من أجل تحقيق توافق وطني حول الحلول لهذه الأزمات وما يرافقها من توترات اجتماعية.
وقال: نثمن لوزارة العمل هذه الخطوة والشركاء الاجتماعيين بتنظيم هذا المؤتمر، بالإضافة لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، فشعبنا دوما يستحق توفير مقومات صموده الاجتماعي والاقتصادي.
من جهته، قال الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، إن 14 عاملاً لقوا حتفهم منذ بداية العام الجاري، وبالتالي لا بد من ضمان الحق للعمال بالرعاية الصحية.ودعا سعد إلى إقرار قانون عمل عصري ينسجم مع وضع السوق العمل، يضمن ويمنع الفصل التعسفي للعمال، حيث فقد خلال الجائحة 150 ألف عامل لأعمالهم ووظائفهم.
وأشار إلى أن المؤتمر يشكل فرصة لإطلاق حوار فعال، من أجل توفير الحقوق الأساسية للعمال التي نصت عليها مختلف الاتفاقيات، كما يجب توفير قانون للحماية الاجتماعية لخلق فرص لائقة، فيما يجب رفع الحد الأدنى للأجور للخروج من براثن الفقر التي تعصف بآلاف العائلات.