دعا مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين إلى التصدي لمحاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مزيد من أعمال التهويد بحق مدينة القدس المحتلة، ومحاولات إحداث تغيير في وجهها الحضاري والتاريخي والجغرافي، لفرض سيطرة المحتل الكاملة عليها.
وقال المجلس في بيان له، اليوم الخميس، عقب جلسة عقدها برئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى محمد حسين، لمناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل على رفع نسبة الوجود اليهودي في القدس، على حساب أهلها الشرعيين، وإحاطتها بالمستوطنات، لمنع التمدد جغرافيًا.
وأشار إلى خطورة إعطاء رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو الضوء الأخضر للشروع بتنفيذ أخطر مشروع استيطاني في هذه المنطقة، والمعروف باسم ((E1، حيث جرف الاحتلال مساحات من أراضي المواطنين في بلدة أبو ديس جنوب شرق القدس المحتلة، والتي تقع ضمن هذا المخطط الذي يهدف إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، لمنع أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية مترابطة الأجزاء.
وحذر من خطورة مخططات الاستيطان، التي تهدف إلى القضاء على الوجود الفلسطيني في القدس، مستغلة الوضع السياسي العام بالمنطقة، لافتا إلى أن خطورة هذا المشروع تكمن في استمراريته وتصاعد وتيرته، لتعزيز وجود مستوطنات قائمة ومشاريع استيطانية استعمارية جديدة في المدينة ومحيطها، في انتهاك صارخ لحقوق شعبنا.
وطالب المجلس المجتمع العربي والدولي، بالتدخل الفوري والعاجل للضغط على حكومة الاحتلال لوقف هذا الجنون الاستيطاني، الذي يقضي وبشكل كامل على أي فرصة حقيقية لتحقيق السلام العادل والشامل لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس.
وندد بمحاولات الاحتلال تشريد القاطنين في خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية، وهدم خيام أهلها للمرة السادسة على التوالي، وعمليات هدم وحفريات في عدة مناطق في القدس، ومنها هدم بناية سكنية في بلدة العيسوية بالقدس المحتلة، وشردت قاطنيها، ومحلين تجاريين في صور باهر جنوب شرق القدس، مبيناً أن الاحتلال يصر على المضي في عدوانه ضد القدس ومقدساتها وسكانها بحجج واهية.
وأدان المجلس اقتحام مئات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، في مشهد عدواني واضح يمس بقدسية المسجد، ويعاضد مسار تقسيمه مكانيا، واقتطاع ساحته الشرقية، بعد فشل الاستيلاء على مصلى باب الرحمة، كنقطة انطلاق للتقسيم المكاني.
ونوه إلى خطورة استمرار الاحتلال في استهداف المسجد الأقصى المبارك، ومحاولة وضع اليد عليه، مؤكدا أن حق المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك يعرفه القاصي والداني والهيئات الدولية والرسمية.
وندد المجلس بإبعاد سلطات الاحتلال لحراس الأقصى وسدنته والمرابطين والمصلين الذين يستطيعون الوصول إليه، منبهاً إلى أن الاعتداء عليهم ارتفعت وتيرته في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، وذلك في إطار الانتهاكات العدوانية المستمرة، التي ينتهجها الاحتلال، حيث زاد من ملاحقة المصلين وموظفي المسجد وحراسه، واعتقالهم وإبعادهم بحجج واهية، بهدف تفريغ المسجد من سدنته ورواده وحراسه، وتغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني القائم فيه، بهدف الاستيلاء عليه.
واستذكر المجلس الشهداء الذين ارتقوا خلال المجزرة التي ارتكبت بحق المصلين في المسجد الإبراهيمي بالخليل، والتي تصادف اليوم الذكرى الـ 27، وما زال الاحتلال يحاول ضمن سياسة ممنهجة، الاستيلاء على المسجد، وإلغاء السيادة الفلسطينية، وإلغاء اعتباره وقفا إسلاميا خالصا، من خلال الاقتحامات المتكررة له، ومنع الأذان في أوقات كثيرة، ومحاولات نصب "شمعدان" كبير على سطحه.
وشدد على أن المسجد الإبراهيمي كما المسجد الأقصى المبارك، للمسلمين وحدهم ولا يحق لغيرهم الاستيلاء عليهما، والتدخل في شؤونها.
وحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، خاصة المرضى منهم، الذين يعيشون ظروف اعتقال سيئة، في ظل المماطلة في تقديم العلاج اللازم لهم.
وطالب المجلس المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان العالمية، بالتدخل السريع والفوري للإفراج عنهم، وإنقاذ حياتهم، داعيا إلى مواجهة ظلم الاحتلال الذي ينتهك أبسط حقوق الأسرى المكفولة في القوانين والاتفاقات والقرارات الدولية، بحرمانهم من العلاج.