" توكوو غان".. بذرة فلسطينية تزهر في اليابان

بذرة.JPG

رام الله الإخباري

داخل صندوق خشبي قديم، مجهر "ميكروسكوب" بسيط تجاوز عمره 23 عامًا.. وبين عدسته وذراعه قصاصات من الأوراق كتب عليها بعض القواعد العلمية التي تعنى بالمختبرات والتركيبات الكيميائية والأحياء، كانت تعتبر بالنسبة للمخترع الفلسطيني معتز صبري بمنتصف الثلاثينات، في ذلك الوقت أعظم ما يملك، وبداية الطريق نحو تحقيق الحلم في الاختراع.

"كان المجهر هدية لي من عائلتي، لمناسبة تفوقي على أقراني بالصف السابع الأساسي بمدينة قلقيلية" قال صبري، الذي أوضح أن شغفه المتواصل نحو معرفة تركيب الأشياء والاختراعات التكنولوجية الجديدة، وحب استطلاع وقراءة الأبحاث منذ كان طفلا، واصراره على تحقيق ما يصبو اليه، كان سببا في اختيار عائلته لتلك الهدية له.

بعد خوض رحلة طويلة من التجارب العلمية والأبحاث الدراسية، التي بدأها من موطنه بفلسطين ورست الآن باليابان، حصل صبري مؤخرا على براءتي اختراع بالتعاون مع شركات كبرى في اليابان، حول صناعة "خوارزميتين"، شكلتا نقلة نوعية بعلم الذكاء الاصطناعي.

وبين صبري أن براءة الاختراع الأولى، تحمل اسم "توكوو غان ٢٠٢٠ – ١٩٥٦٤٠"، وتم تجربتها على شركة يابانية، تحتل المركز الثالث عالميا في تطوير مشروع الفولاذ الصلب، مضيفا انه لاحظ خلال عملها، وجود شوائب في عملية الصهر، وظفت خلالها الشركة العديد من المتخصصين الذين يجرون حسابات كثيرة لمراقبتها وازالتها، ما يهدر الوقت والمال حين الانتاج.

وقال: "بآلية الذكاء الصناعي استطعنا مراقبة أفران الصهر، وفور ظهور الشوائب على نافذة الفرن، عملنا على تمكين ضخ مساعدات الاحتراق بكمية تتناسب مع نوعية ومقدار هذه الشوائب، وبهذا تمكنا من انهاء هذه العملية بواسطة الذكاء الاصطناعي، في ثوان معدودة".

وأضاف: "براءة الاختراع الثانية، تركزت على الجيل الخامس للاتصالات، وتعمل على تتبع الأشخاص في الأماكن العامة بسرعة فائقة، واداء عال، من خلال دمج الذكاء الاصطناعي مع الاتصالات، بشكل لا ينتهك خصوصية المستخدمين، وبشرط عدم حفظ اي صورة او فيديو، وتحمل اسم توكوو غان "٢٠٢٠- ١٦٦٨٥٦.

ويضرب صبري مثالا على ذلك بالقول: "هذا النظام يمكن ان يستخدم لمعرفة أماكن تحرك أشخاص تظهر عليهم آثار فيروس "كورونا"، مما يزيد كفاءة عملية التعقيم مثلا، أو يمكن استخدامه في تنظيم عمليات الشراء الذكي، أو تحليل الأماكن التي يتواجد فيها الزبائن في المتاجر لمعرفة أي المنتجات لها إقبال أكثر من غيرها، او نستخدمها في المطارات، في حال الاشتباه بشخص ما او حقيبة او جسم يثير الريبة، بمجرد الضغط على الصورة، يمكن تتبع الشخص او الجسم والتفصيل وبسهولة".

ويشير صبري الى أن هذه الاختراعات تمثل عصب القوة اليابانية، القائمة دائما على ثقافة الـ "كايزن"، والتي تركز على منهجية التحسين المستمر في عالم تطبيقات الجودة العالمية وصولا الى الاتقان، مردفا: "انها خطوة بمسار طويل، قطعه غيره، وسأمضي به مع زملائي الباحثين، لنحقق هدفنا في تحسين اسلوب حياة الانسان، ومساعدته على انجاز مهامه، من خلال مواكبة متطلبات العصر والتطور السريع".

وتمنى صبري ان تكون تجربته ملهمة لكل شاب فلسطيني طموح يسعى الى تحقيق هدفه مهما كان، مؤكدا على أن فراق الوطن والتعطش لرؤيته، سيرويه تحقيق انجازات متميزة ترفع اسمه عاليا بين الدول، ليس فقط العربية بل حتى العالمية.

"إن هذا الأمر يبرهن وجود طاقات شبابية باستطاعتها ان تبدع بكافة مختلف المجالات في حالة توفر الامكانيات المطلوبة"، كما يقول رئيس المجلس الأعلى للإبداع والتميز عدنان سمارة، الذي أضاق أنه رغم تضييقات الاحتلال الاسرائيلي على الشباب الفلسطينيين ومحاولة تهبيط وقتل قدراتهم الابداعية، الا انهم استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم.. فنجدهم بإمكاناتهم البسيطة قد سطروا اختراعات وابتكارات بفلسطين وخارجها، ولو اتيح لهم المجال أكثر لشقوا طريقهم نحو العالمية، فالعقل الفلسطيني عقل خلاق مخترع ومنتج ويستحق الدعم.

ويؤكد سمارة في هذا الخصوص، أن القوانين الفلسطينية المعمول بها، تضمن حق المؤلف والمخترع وتحويه، والجهات المختصة تعمل دائما على موازاة التقدم العالمي على الصعيد التكنولوجي ليلائم احتياجات الشباب، مضيفا انهم يولون اهتماما بالمخترعين ويفتحون لهم المجال لإثبات ذواتهم كل حسب قدرته، كما ويعملون على متابعة المخترعين خارج الدولة، ويقدمون ما يلزمهم من الدعم للحفاظ على أكبر عدد من الأدمغة الفلسطينية.

ووفق التقرير السنوي للإدارة العامة للملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني، فان الوازرة سجلت خلال العام الماضي 7 براءات اختراع لدى الإدارة العامة للملكية الفكرية.

وفا