رام الله الاخباري :
دعت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة مايكل لينك، إلى استخدام جميع الوسائل المتاحة، بالتعاون مع مسؤولي الأمم المتحدة الآخرين، للإفراج عن جميع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ووقف الاعتقالات المستمرة بحقهم، خاصة في ظل انتشار فيروس "كورونا".
جاء ذلك في رسالة وجهتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال إلى المقرر الخاص لينك، حول الأطفال المعتقلين لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت الحركة في رسالتها أن الأطفال المعتقلين غالبا ما يعانون من ظروف صحية سيئة، إضافة إلى الاكتظاظ وعدم التباعد، وانعدام أو قلة مواد النظافة والتعقيم، ونتيجة لذلك فإن احتمال انتشار الفيروس بينهم أكبر وهم أكثر عرضة لخطر الإصابة به.
وذكرت في هذا السياق أن طفلا فلسطينيا معتقلا يبلغ من العمر 14 عاما ثبتت إصابته بفيروس "كورونا" بعد أن أمضى يومين داخل المعتقل، ولم يعرف إن كان أصيب بالفيروس قبل اعتقاله أو خلال وجوده في السجن، مشيرة إلى أن الطفل اعتقل من باب الزاوية بالخليل ونقل إلى مقر الشرطة الإسرائيلية في مستوطنة "كريات أربع" قبل أن يتم نقله إلى مركز احتجاز في "عتصيون" ومن ثم إلى سجن "مجدو"، حيث تم وضعه مع طفلين معتقلين، وبعد يومين تم إخباره أنه مصاب بفيروس "كورونا" حيث جرى نقله إلى مركز للشرطة الإسرائيلية في عكا، تم استخدامه لحجر الأسرى.
وأوضحت أن الطفل حضر جلسة المحكمة عبر رابط فيديو من مركز شرطة عكا، وقد مثله المحامي في الحركة العالمية إياد مسك أثناء جلسة الاستماع، وقد حُكم عليه بالسجن بالفترة التي قضاها وتعهد مالي قدره 2000 شيقل.
وأكدت "الحركة العالمية" أن نقل الأطفال المعتقلين إلى سجون داخل إسرائيل يعتبر غير قانوني ويخالف المادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة، كما يشكل جريمة حرب في انتهاك المادة 8 (2) (ب) (8) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وفي هذا السياق أيضا، روى عدد من الأطفال الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، تجربتهم الاعتقالية في ظل جائحة "كورونا".
ففي الأول من شهر آب الماضي وفي حوالي الساعة السابعة مساء، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة أطفال من بلدة يعبد بمحافظة جنين أعمارهم تقارب الـ17 عاما، أثناء تواجدهم بالقرب من شارع استيطاني يفضي إلى مستوطنة "مفو دوتان" المقامة على أراضي البلدة.
وقال الأطفال، بعد الإفراج عنهم، للحركة العالمية، إن أحد الجنود يومها اقترب منهم وأعطاهم كمامات وطلب منهم ارتداءها قبل أن يقوم بتعصيب أعينهم بقطع من القماش، وتكبيل أيديهم للخلف بمرابط بلاستيكية، ومن ثم اقتيادهم إلى داخل الجيب، حيث جرى نقلهم إلى داخل المستوطنة المذكورة أعلاه.
وأضاف الأطفال أنه خلال عملية اعتقالهم لم يكن أحد من الجنود يرتدي قفازات أو كمامات، وعند وصولهم المستوطنة قام جنود الاحتلال بوضع أحدهم داخل غرفة انفرادية بعد أن قاسوا درجة حرارته، في حين بقي الطفلان الآخران في ساحة قريبة من تلك الغرفة دون أن يقيس لهما الجنود درجة حرارتهما، وسط أجواء باردة خاصة بعد منتصف الليل، وبعد مطالبة الطفلين لجنود الاحتلال أكثر من مرة بإحضار أغطية لهما، أحضر الجنود غطاءين رائحتهما كريهة وبقي الطفلان على هذه الحالة حتى اليوم التالي.
وصباح اليوم الثاني، نقل الأطفال إلى مركز "عتصيون" في الخليل، وقد استطاعوا الملاحظة من أسفل العصبة أن جنود الاحتلال لا يرتدون القفازات والكمامات، وعند وصولهم وضعوهم في ساحة واستجوبوهم كل حدة لمدة 40 دقيقة تقريبا، دون أن يلتزم المحققون أو الجنود بإجراءات السلامة والتدابير الاحترازية مثل الكمامات والقفازات، كما لم يتم فحص الأطفال عند الوصول للمركز.
وفي اليوم ذاته، اقتيد الأطفال إلى مركز توقيف حوارة جنوب نابلس، واحتجز اثنان منهم في غرفة صغيرة، فيما احتجز ثالث مع طفلين آخرين، دون أن يخضعوا لأي فحوصات، وبعد ثلاثة أيام تم وضعهم في غرفة واحدة لمدة 11 يوما، درجة حرارتها عالية وتفتقر للإنارة المناسبة والتهوية والنظافة العامة، بالإضافة إلى الإهمال في معايير السلامة العامة والرعاية الطبية خاصة في ظل انتشار الفيروس، فقد كانت الغرفة تخلو من المعقمات ومواد التنظيف حتى صابون اليدين.
بالإضافة إلى ذلك، كانت تقدم لهم وجبات طعام غير جيدة وغير كافية، فكانت وجبة الإفطار تقتصر على قطعة من الخبز وعلبة لبن صغيرة، في حين كانت تقدم لهم وجبة الغداء غير مطهية بشكل جيد وهذا ينطبق أيضا على وجبة العشاء، وبالنسبة لمياه الشرب، كان الأطفال يضطرون إلى الشرب من صنبور (حنفية) المغسلة المتواجدة داخل الغرفة.
اقتيد الأطفال بعدها إلى ما يسمى "المعبار" في سجن مجدو، وخلال عملية النقل لم يرتد الجنود الكمامات والقفازات ولم يزودوا الأطفال بها، وعند وصولهم أخذهم الجنود إلى العيادة الطبية لإجراء فحص فيروس "كورونا"، ومن ثم أدخلوهم إلى غرفة الأشبال في المعبار حيث مكثوا هناك لمدة 13 يوما، وكان يقدم للغرفة علبة شامبو واحدة يوميا يستخدمها الأطفال للنظافة الشخصية والعامة، فيما لم يتم تزويدهم بالمعقمات والكمامات والقفازات، بالإضافة إلى عدم خضوعهم لفحوصات طبية دورية.
وبعد مرور 13 يوما، حسب إفادة الأطفال، تم إعادة فحص "كورونا" لهم، ومن ثم تم إدخالهم مباشرة إلى قسم الأشبال في سجن مجدو، وهناك كانت مساحة الغرفة أكبر نوعا ما وتهويتها مقبولة، وكان الأطفال يشترون مستلزماتهم الخاصة بالنظافة العامة والشخصية كالسائل الخاص بالجلي والشامبو من الكانتينا، فيما لم توفر إدارة السجون معقمات وقفازات وكمامات، كما لم يخضعوا لفحوصات خلال فترة أسرهم، خاصة في ظل انتشار الفيروس.
وحول فيروس "كورونا" ومدى معرفتهم عنه، قال الأطفال الثلاثة إن معلوماتهم حوله خلال فترة اعتقالهم كانت متفاوتة، فأحدهم يعرف أنه مُعد في حين يعرف الآخر أنه ينتقل من خلال الاحتكاك والملامسة، أما الثالث فقال إنه خطير ولا علاج له وأن أعراضه قريبة من أعراض الإنفلونزا العادية.
وخلال احتجازهم في مركز توقيف حوارة، لم يخرج الأطفال نهائيا إلى الساحات الخارجية المعروفة بـ"الفورة"، وفي "المعبار" كانوا يخرجون ثلاث مرات يوميا موزعة صباحا وعصرا ومساء، لمدة ثلاثين دقيقة تقريبا للمرة الواحدة، أما خلال فترة وجودهم داخل قسم الأشبال في سجن مجدو كانت الساحة الخارجية الخاصة بالقسم مفتوحة أمام الأشبال من الساعة السابعة صباحا حتى الساعة السابعة مساء.
وفيما يخص التواصل مع عائلاتهم، قال الأطفال إن أهاليهم لم يتمكنوا من زيارتهم طيلة فترة الاعتقال (1/8/2020 وحتى 23/9/2020)، وأن التواصل معهم اقتصر فقط على مكالمات هاتفية، حيث سمح لهم المحقق في مركز "عتصيون" بإجراء مكالمة هاتفية قصيرة مع أولياء أمورهم، وبعد ذلك بقوا دون أي اتصال يذكر حتى تم نقلهم إلى قسم الأشبال في سجن مجدو، وهناك كانت إدارة السجن تسمح لهم بإجراء اتصال هاتفي واحد مع أهاليهم كل 14 يوما.
ويشار إلى أن عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بلغ حتى نهاية شهر آب الماضي 153 طفلا، حسب إحصائيات إدارة مصلحة السجون.
وكان عدد من المسؤولين الأمميين عبروا عن "القلق البالغ" بشأن استمرار إسرائيل في احتجاز الأطفال الفلسطينيين، ودعوا إلى الإفراج الفوري عنهم، وحثوا على "الحفاظ على حقوق الأطفال في الحماية والسلامة والرفاه في جميع الأوقات"، مؤكدين أن اعتقال أو احتجاز الطفل يجب أن يكون إجراء أخيرا ولأقصر فترة زمنية مناسبة، وفق ما هو مكرس باتفاقية حقوق الطفل التي صدقت عليها كل من إسرائيل ودولة فلسطين.
ونبه المسؤولون الأمميون إلى أنه أثناء الوباء، ينبغي للدول أن تولي اهتماما متزايدا لاحتياجات حماية الأطفال وحقوقهم، وأن تكون مصالح الأطفال ذات الأولوية الأولى في جميع الإجراءات التي تتخذها الحكومات.
ويذكر أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقوم باعتقال الأطفال ومحاكمتهم بشكل منهجي في المحاكم العسكرية التي تفتقر إلى المحاكمة العادلة الأساسية، فهي تعتقل وتحاكم ما بين 500 و700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية كل عام.