رام الله الاخباري:
قال الخبير البيئي الدكتور أحمد حلس، إن قطاع غزة يعيش كارثة بيئية بشكل عام وكارثة مائية بشكل خاص، نتيجة تفاقم مشكلات العجز المائي وتلوث مياه الخزان الجوفي، خاصة في ظل ازدياد عدد السكان وزيادة الطلب على الموارد المائية، مبينا أن أكثر من 95% من المياه التي يستخدمها الجمهور في غزة هي من الخزان الجوفي.
وأضاف: "ما يستهلكه قطاع غزة 190 إلى 200 مليون لتر مكعب من الخزان الجوفي سنويا، وماء الهطول في الشتاء لا يعوض الخزان الجوفي سوى 70 إلى 80 مليون كوب فهناك عجز مائي تقريبا 120 إلى 130 مليون كوب، وهذا أدى إلى انخفاض منسوب الخزان الجوفي لأكثر من عشرين متر في بعض المناطق، ما سمح بحدوث أكبر شبح تلوث مائي ألا وهو الملوحة بسبب تسرب مياه البحر إلى الخزان الجوفي، لا سيما وأن تربة غزة من نوع جرول وكركار فالمسامية والنفاذية التي تميز هذه التربة عالية".
والنتيجة وفقاً لحلس أن "ماء البحر توغل لأكثر من 4 كيلو مترات داخل القطاع محدثاً ملحوحة في آلاف الآبار التي يستخدمها سكان القطاع، فهذا السحب الجائر باستنزاف الخزان الجوفي على مدار سنوات والانهمار القصير والمكثف والسريع لهطول الأمطار لا يستطيع تعويض الخزان الجوفي كون أن أغلب مياه الهطول تجري مع السيول والأنهار ونقاط الصرف الصحي أو تذهب هدراً إلى البحر".
وأكد أيضاً أن "30 % من سكان قطاع غزة غير موصولين بشبكات مياه الصرف الصحي ونتيجة لذلك فهم يستخدمون آبار صرف صحي وهي حقن لمواد سامة داخل الخزان الجوفي تزيد من تلوثه، والنتيجة أن 98% من مياه الخزان الجوفي أصبحت غير صالحة للشرب لتجاوز معاييرها الحد المسموح به دولياً".
وأضاف: إن من أسباب هذه الكارثة البيئية أن "عملية تعويض مياه الخزان الجوفي بالأمطار أعيقت لأنه هناك 16 إلى 17 ألف وحدة سكنية تنمو سنوياً كبناء في القطاع، 60% من هذه المباني على حساب الأراضي الزراعية وأراضي الإمساك بمياه الأمطار مما يعيق أيضاً تغذية الخزان الجوفي".
أما فيما يتعلق بمحطات معالجة الصرف الصحي في قطاع غزة، أوضح الخبير البيئي أن "هذه المحطات لا تعمل بالشكل المطلوب نتيجة مشكلات انقطاع التيار الكهربائي إذ تستقبل هذه المحطات كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي بشكل يفوق قدرتها على المعالجة وبالتالي تصرف ما يفيض عن قدرتها نحو البحر وهي كارثة بيئية أخرى يعاني منها قطاع غزة، إذ ينتج القطاع يومياً 170 ألف لتر مكعب مياه صرف صحي منها 120 ألف كوب يتم تصريفها في البحر دون معالجة، موضحا أن محطات المعالجة لا تعمل بالشكل المطلوب لأن مراحل المعالجة السليمة غير متوافرة فيها على طول القطاع".
ومن أسباب تلوث مياه الخزان الجوفي، أشار حلس إلى أن "مكبات نفايات المواد الصلبة تؤثر سلباً على جودة الخزان الجوفي، وكل طن نفايات صلبة ينتج تقريباً 200 لتر عصارة شديدة السمية وينتج قطاع غزة يومياً 2000 طن قمامة 60% منها عضوي قابل للتحلل، بالإضافة إلى أن المكبات المركزية والعشوائية تخرج فيها النفايات عن حدود العزل وبالتالي تصل أيضاً الخزان الجوفي بالإضافة إلى الاستخدام المفرط للأسمدة الكيماوية من قبل المزارعين وهي مواد سامة كيماوية تستخدم دون معيار بيئي سليم".
أما فيما يتعلق بمحطات التحلية المنتشرة في قطاع غزة، قال حلس: لأن هذه المحطات بحاجة إلى مراقبة حيث وجود مشاكل كبرى في هذه المحطات على ضوء تملح الخزان الجوفي وتلوثه، وبالتالي ظهور شركات قطاع خاص لتحلية المياه وهي محطات غير مراقبة للأسف بسبب قلة الإمكانيات في الجسم الحكومي الموجود في غزة؛ "هذه المحطات فيها مشاكل وعدم التزام بالضوابط البيئية وبالتالي تنتج مياه غير آمنة تصل سكان القطاع 53% من هذه المحطات غير منضبطة ولا ملتزمة بمعايير جودة المياه، كما أن 70% من هذه المحطات لا تتم متابعتها بالشكل المطلوب".
والنتيجة كما يرى حلس "أن قطاع غزة لديه 16 ألف حالة سرطان، منها 140 حالة تكتشف شهرياً".
وفي الحديث عما هو مطلوب، شدد حلس على أن "المطلوب هو تمكين الحكومة وإلغاء حالة الحصار والانقسام السياسي وأن يعي الجمهور حقوقه وواجباته تجاه مزودي خدماته".
كما حمل الاحتلال المسؤولية كمسبب رئيسي فيما يحدث، واعتبر أن تهجير السكان في عام 48 إلى قطاع غزة وازدياد عدد السكان في غزة هو سبب الاستنزاف الحاصل في الموارد البيئية ومنها الخزان الجوفي".