رام الله الاخباري :
بعد إعلان الرئيس الأمريكي خطته للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والمعروفة إعلاميًا باسم "صفقة القرن"، أعلنت إيران استعدادها لتنحية الخلافات بينها وبين بعض دول المنطقة جانبًا من أجل مواجهة واشنطن".
ورغم الموقف الإيراني والسعودي المتقارب بشأن رفض صفقة القرن، إلا أن الخلافات بينهما ما زالت قائمة وبقوة، فيما لم يتوقف التصعيد الإعلامي للدولتين، وذلك بعد فشل كافة الوساطات الدولية في التقريب بينهما.
التصريحات الإيرانية دفعت البعض للتساؤل عن مدى إمكانية جمع الرياض وطهران على طاولة تفاوض واحدة، لرأب الصدع من أجل مواجهة الصفقة الأمريكية الإسرائيلية؟
دعوة إيرانية
وأكدت طهران استعدادها لتنحية الخلافات بينها وبين بعض دول المنطقة جانبا، وبدء تعاون على أي مستوى لمواجهة ما وصفته "المؤامرة الكبيرة المعادية للأمة الإسلامية".
وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي: "بغض النظر عن الخلافات الحالية مع بعض دول المنطقة، نحن على استعداد للتعاون مع جهة وعلى أي مستوى لمواجهة هذه المؤامرة الكبيرة المعادية للأمة الإسلامية".
وأضاف موسوي "خطة السلام الأمريكية المشينة التي تسعى واشنطن إلى فرضها على الفلسطينيين الذين يتعرضون للخيانة منذ قرن، مصيرها الفشل".
ضغوط أمريكية وإسرائيلية
الدكتور عماد إبشناس، المحلل السياسي الفلسطيني، قال إنه "إذا أرادت المملكة العربية السعودية حل خلافاتها مع إيران من الممكن أن يكون هناك توافق قريب".
وأضاف في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية ، أن "المشكلة تكمن في أن السعودية ترضخ للضعوط الأمريكية والإسرائيلية، وهي لا تريد أن تحل خلافاتها، أو أن تصل لصيغة تفاهم مع طهران، لذلك نرى هذا الوضع المستمر".
وتابع: "هناك محاولات عديدة من عمان والكويت وباكستان والعراق للوساطة بين إيران والسعودية لكن جميعها تصطدم بالموقف الرافض، بعد أن تقوم أمريكا بالضغط على المملكة".
ومضى قائلًا: "في البداية نجد ترحيبًا سعوديًا بمبادرات ووساطات السلام المطروحة من القوى العربية والدولية، وبعد ذلك نتفاجأ برفضهم، نتيجة الضغوط التي تمارس عليهم من أمريكا وإسرائيل".
وبشأن إمكانية تذليل صفقة القرن عقبات الحوار، قال: "اليوم امتحان لكل المسلمين، إذا أرادوا أن يتوحدوا لمواجهة هذه الصفقة، والتي لا تهدف إلى تقسيم فلسطين وحسب، بل تقسيم المنطقة برمتها".
وأنهى حديثه قائلًا: "أمريكا تملك الكثير من المشروعات التي تهدف لتقسيم دول المنطقة، وكل الحروب المشتعلة في المنطقة سببها تلك المشروعات، وفي حال نجحت صفقة القرن في تقسيم فلسطين، سيكون الدور على باقي الدول من بينها السعودية وإيران".
استغلال سياسي
من جانبه قال يحيى التليدي، المحلل السياسي السعودي، إن "لا جدال في أن الازدواجية والانتهازية ظلت العنوان الأبرز تاريخيًا في تعاطي إيران مع القضية الفلسطينية،
فهي تدعي أنها مع حقوق الفلسطينيين، ولكنها تستغل الدم الفلسطيني كشعار لأطماعها ومصالحها السياسية، وللمزايدة على مواقف الدول الأخرى التي تعمل سرًا وعلانية من أجل توحيد الصف الفلسطيني وإيجاد حل حقيقي لقضيتهم".
وأضاف في تصريحات لـلوكالة الروسية ، أن "طهران عندما تزعم بأنها تريد الحوار مع دول الجوار وخاصة السعودية، فذلك بالتأكيد ليس لأجل القضية الفلسطينية كما تدّعي، فلطالما كانت القضية بالنسبة لها فقط مصدرًا للمقاومة الشكلية، والممانعة الشعبوية، والاستغلال السياسي الرخيص".
وتابع: "التساؤل الأهم هنا هو لماذا أصبحت طهران تستغل أي حدث في المنطقة للدعوة لإجراء حوار مع دول الجوار؟، الحقيقة أن إيران ترى أن هذا الحوار هو قبل كل شيء وسيلة لتبييض وجه النظام، ومحاولة إعطاء مصداقية لادعاءاتها الكاذبة بأنها دولة تسعى إلى السلام والتعايش والتفاهم وتحرص على أمن المنطقة".
واستطرد: "في الوقت نفسه، تتصور إيران أن بمقدورها عبر هذه الدعوة إظهار دول المنطقة التي على خلاف معها أنها هي المتشددة وترفض التفاوض، كذلك يعتقد النظام الإيراني أنه لو حدث وجرى مثل هذا الحوار فعلًا، فسوف يقود إلى رفع العقوبات أو على الأقل سيكون عاملًا أساسيًا في ذلك، وبالتالي سوف يعطي النظام فرصة لالتقاط الأنفاس ومحاولة معالجة أزماته الداخلية الخانقة".
وأنهى حديثه قائلًا: "لا شك أن الفلسطينيين هم الأكثر تضررًا من المزايدة على قضيتهم كما تفعل إيران وتركيا، فمن السهل إطلاق الشعارات ورفع الصوت عاليًا، ومن الصعب التمسك بالمواقف الثابتة، ودعم القضية الفلسطينية سياسيًا واقتصاديًا كما تفعل السعودية بل إن ذلك أصبح من الثوابت الرئيسية لسياستها الخارجية".
دعاوى متكررة
وقبل أيام أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده ترحب بالحوار مع "جيرانها" في الخليج، وكتب ظريف في تغريدة له على "تويتر"، أن بلاده مستعدة للمشارکة في أي"عمل تکاملي" يصب في مصلحة المنطقة.
وكان وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أعرب عن سعادة المملكة بتجنب التصعيد مع إيران.
وقال وزير الخارجية السعودي، في مقابلة مع وكالة "رويترز"، إن هناك "دول كثيرة عرضت الوساطة في المحادثات مع إيران"، مؤكدا أن "المملكة منفتحة على المحادثات إذا أقرت إيران بأنه لا يمكنها دعم أجندتها الإقليمية من خلال العنف".
جاء ذلك، ردا على مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، محمود واعظي، الذي قال إنه "ينبغي على إيران والسعودية أن تعملا معا لحل المشكلات".
وشدد واعظي، في مؤتمر صحفي، على أن "علاقات إيران مع السعودية ينبغي ألا تصبح مثل علاقات إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية"، وذلك حسب وكالة الجمهورية الإيرانية الإسلامية "إرنا".
ألقى ترامب كلمة، الثلاثاء الماضي، في البيت الأبيض، للإعلان عن "خطة السلام" المقترحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.