تحدث كيف دفعت إيران ثمن "غباء" سليماني

كاتب أمريكي يدعو لإطلاق اسم "ترامب" على أحد شوارع طهران!

701754

رام الله الإخباري

رام الله الاخباري:

دعا الصحفي والكاتب الأمريكي توماس فريدمان، الإيرانيين إلى اطلاق اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أحد شوارع العاصمة طهران، بذريعة أنه أمر باغتيال من يُمكن اعتباره "أغبى رجلٍ في إيران"، والشخصية الاستراتيجية التي بالغ الجميع في تقييم قدراتها داخل الشرق الأوسط اللواء قاسم سليماني.

وقال فريدمان في مقال له نشرته وسائل الاعلام: "لنضع في اعتبارنا حسابات الرجل الخاطئة، ففي عام 2015، وافقت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الكبرى على رفع جميع العقوبات المفروضة على إيران، والتي يعود تاريخ الكثير منها إلى عام 1979، في مقابل أن تُوقِف إيران برنامج أسلحتها النووية لمدة 15 عاماً، مع الاحتفاظ بحق الإبقاء على برنامجٍ نووي سلمي. وكانت الصفقة رائعةً بالنسبة لإيران. إذ نمى اقتصادها بأكثر من 12% خلال السنة التالية. فماذا فعل سليماني بتلك المكاسب؟".

وأضاف الكاتب الأمريكي: "لقد أطلق هو والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية مشروعاً إمبريالياً إقليمياً عدوانياً، جعل من إيران ووكلائها القوة الحاكمة الفعلية في بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، مما أثار هلع حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي السني وإسرائيل -الذين ضغطوا بدورهم على إدارة ترامب من أجل الرد. وكان ترامب نفسه مُتحمّساً لإلغاء أيّ معاهدةٍ أبرمها الرئيس أوباما، لذا انسحب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات نفطية على إيران، مما أدّى إلى تراجع الاقتصاد الإيراني بنسبة 10% تقريباً ورفع نسبة البطالة إلى أكثر من 16%".

وأشار الكاتب الأمريكي إلى أن كل هذا من أجل الاستمتاع بقول إنّ طهران هي صاحبة القرار في بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، متسائلا: "ما هي الجائزة الثانية تحديداً؟".

وأوضح فريدمان، أنه وبعد حرمان نظام طهران من الأموال؛ اضطر آيات الله إلى رفع أسعار البنزين على أرض الوطن، مما أشعل تظاهرات محلية حاشدة، وتطلّب التعامل مع الأمر حملةً قمعية عنيفة من جانب رجال الدين الإيرانيين ضد شعبهم، وهو ما أسفر عن سجن وقتل الآلاف، مما أضعف شرعية النظام أكثر.

وتابع فريدمان في مقاله: "ومن ثمّ قرّر (العبقري العسكري) سليماني أنّه بعد دعمه لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ومساعدته في قتل 500 ألف سوري خلال العملية؛ صار يستطيع التجاوز مرةً أخرى ليُحاول فرض ضغطٍ مُباشر على إسرائيل. وفعل ذلك بمحاولته نقل صواريخ موجّهة بدقة من إيران إلى وكلائها في لبنان وسوريا".

وأشار إلى أن سليماني اكتشف أنّ قتال إسرائيل يختلف تماماً عن قتال جبهة النصرة أو تنظيم الدولة الإسلامية، إذ كان رد الإسرائيليين عنيفاً، بعد أن أعادوا حفنةً من الإيرانيين في سوريا إلى بلادهم داخل أكفان، وقصفوا حلفاء إيران في أماكن بعيدة مثل غربي العراق.

وأضاف في مقاله: "لا شكّ أنّ الاستخبارات الإسرائيلية اخترقت فيلق القدس الخاص بسليماني ووكلائه، لدرجة أنّ سليماني حين أرسل طائرةً تحمل ذخائر موجّهة بدقة إلى سوريا في الخامسة مساءً؛ قصفتها القوات الجوية الإسرائيلية بعد نصف ساعةٍ فقط. وصار رجال سليماني مثل السمك المُحاصر داخل برميل. وفي حال كانت إيران تمتلك صحافةً حرة وبرلماناً حقيقياً، لطُرِدَ سليماني من منصبه بسبب سوء الإدارة الهائل".

وأوضح الكاتب فريدمان أن الأمور ازدادت سوءاً بالنسبة لسليماني. إذ ورد في نعيه أنّه قاد القتال ضد الدولة الإسلامية في العراق، فيما يُمثّل تحالفاً ضمنياً مع أمريكا، مشيرا إلى أن ذلك النعي أغفل حقيقة أنّ تجاوزات سليماني، وإيران، في العراق هي ما ساعدت على إنتاج الدولة الإسلامية في المقام الأول.

واستنتج الكاتب الأمريكي أن سليماني ورفاقه في فيلق القدس هم من ضغطوا على رئيس وزراء العراق الشيعي نوري المالكي لطرد السنة من الحكومة العراقية والجيش، والتوقّف عن دفع أجور الجنود السنة، وقتل واعتقال أعداد كبيرة من المحتجين السنة السلميين، وتحويل العراق إجمالاً إلى بلدٍ علماني يُهيمن عليه الشيعة. وجاء ظهور الدولة الإسلامية ليُمثّل رداً مُضاداً.

وتابع فريدمان: "في النهاية، كان مشروع سليماني لجعل إيران قوةً إمبريالية في الشرق الأوسط هو ما حوّل إيران إلى أكثر قوةٍ مكروهة في الشرق الأوسط بالنسبة للعديد من القوى الشبابية الصاعدة المُؤيدة للديمقراطية -من السنة والشيعة- في لبنان وسوريا والعراق".

وأكمل الكاتب: "أدرك سليماني أنّ الفرس ليسوا مستعدين للموت في ساحات المعارك البعيدة من أجل العرب، لذا ركّز على تجنيد العرب والأفغان بوصفهم قوةً احتياطية. وكان يتفاخر عادةً بقدرته على إنشاء ميليشيا جديدة في وقتٍ قصير، ونشرها ضد مختلف أعداء إيران".

واستدرك: "كان أولئك الوكلاء السليمانيون تحديداً -حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، والحوثيون في اليمن- هم من خلقوا دولةً شيعية داخل الدولة في كلٍ من تلك البلدان. وتلك الدول الشيعية هي التي ساعدت في الحيلولة دون تماسك تلك البلدان، ورعاية الفساد الهائل، ومنع تلك البلدان من تطوير بنيتها التحتية -مثل المدارس والطرق والكهرباء".

وتوقع الكاتب أن تشهد الأيام المقبلة احتجاجات صاخبة في إيران، وحرق الأعلام الأمريكية، والكثير من البكاء على سليماني، فيما بعد بضعة أيام، ستدور آلاف المحادثات الهادئة داخل إيران، ولن يعلم عنها أحد، مبينا أن تلك المحادثات ستدور حول مأساة حكومتهم، وكيف أهدرت الكثير من ثروات إيران ومواهبها على مشروعٍ إمبريالي جعل إيران مكروهةً في الشرق الأوسط.

وأشار فريدمان إلى أن الشرق الأوسط، وخاصةً إيران، بدأ يتحوّل إلى منطقة كوارث بيئية -تنفذ منها المياه، ويزداد فيها التصحُّر والانفجار السكاني، مرجحا أن تهلك تلك الدول في حال لم تتوقّف الحكومات هناك عن القتال.

عربي بوست