الاسير ابو دياك من المطاردة حتى الاستشهاد

سامي ابو دياك

رام الله الإخباري

رام الله الاخباري : 

كان عمره 17 عامًا حين اعتُقل جريحًا إبان انتفاضة الأقصى إثر مطاردة ساخنة من قوات الاحتلال، إذ أصيب الأسير سامي أبو دياك برصاصات لازمت شظاياها جسده حتى استشهاده.

بعد سنوات من الاعتقال صدر بحقه حكم قاسٍ بالسجن المؤبد ثلاث مرات إضافة إلى ثلاثين عامًا، لكنها لم تنل من عزيمته؛ فهو واحد من مئات الأسرى المحكوم عليهم بالمؤبد، الذين كانت آمالهم معلقة على صفقات تبادل الأسرى، وأن باب السجن لن يُغلق على أحد.

في عام 2015 تبدّل الحال، وفق ما يقول راغب أبو دياك أحد أبناء عمومته والناشط في قضايا الأسرى، حين اكتشف إصابته بسرطان الأمعاء، الذي لم يمهله طويلًا حتى أدى لاستشهاده فجر اليوم.

ويشير أبو دياك في حديثه مع وكالة صفا  إلى أن عشرات الطلبات قدمت للإفراج عن الأسير الشهيد، لكن مخابرات الاحتلال اتخذت قرارًا بأن يقضي داخل السجن مهما كانت الأسباب.

ويلفت إلى أن استشهاد سامي لم ينتج بشكل مباشر عن مرض سرطان الأمعاء الذي ألم به منذ أربع سنوات، بل بطريقة تعاطي مصلحة السجون مع المرض وحالة الإهمال الطبي التي تعرض لها.

ويقول: "كان يمكن للأمر أن يكون مختلفًا لو أنه تلقى العلاج المناسب في الوقت المناسب، وهو ما طالبنا به مرارًا، ولكن ما جرى هو أنه تعرض ليس فقط للإهمال الطبي، بل أيضا لأخطاء طبية عجّلت بهذه النتيجة المأساوية".

ويوضح أن أوجاع المعدة بدأت مع سامي مبكرًا في سنوات سجنه الأولى، لكن إدارة السجن لم تأبه لشكواه، وتفاقمت مع الوقت حتى استفحل المرض الخبيث في جسده.

وكان الشهيد أبو دياك نقل بشكل عاجل في يوليو/ تموز الماضي إلى مستشفى "أساف هارفيه" في الداخل المحتل بعد تردي حالته الصحية بعدما بلغ السرطان من جسده مبلغه، ثم نقل لمستشفى سجن الرملة بناءً على طلبه، إذ طلب أن يرتقي شهيدًا بين رفاقه من الأسرى المرضى على أن يرتقي وحيدًا في ذلك المستشفى، وفق الناشط.

الأم المكلومة

ويخيّم الصمت على والدة الشهيد أبو دياك، إذ لا توجد كلمات تعبر عما يجول في خاطرها وسط وفود المعزين، الذين تلقوا خبرًا عرفوا يقينا أنه قريب، فوالدة الشهيد لا تلبس إلا الأسود طيلة سنوات مرضه، إذ قررت الحداد باكرًا، ليس عليه بل على من عجزوا عن الإفراج عن أسير مريض.

ولا يستذكر أشقاؤه الأربعة ووالدته سوى الدقائق العشرين الأخيرة التي قضوها معه قبل يومين في المستشفى بعدما سمحت لهم سلطات الاحتلال بزيارته في المستشفى إثر تقديرات الأطباء بأنه في ساعاته الأخيرة.

وخرجت العائلة بعد تلك الدقائق القاسية وهي تنتظر الخبر الفاجعة فيما عجزت المؤسسات عن تلبية مطلب الوالدة ومطلبه الشخصي بأن يموت في أحضان أمه غير مكبل، والتي تحوّلت لأمنية الجميع في الأسابيع الأخيرة.

ويوجد للشهيد أبو دياك شقيق معتقل ومحكوم بالسجن المؤبد وهو عاصم، والذي لازمه في مرضه في العامين الأخيرين بعد محاولات حثيثة ومداولات محاكم من أجل جمعه بشقيقه لكي يقدم له العناية رفعًا للحرج بعدما أصبح عاجزًا عن خدمة نفسه، ليبقى جرح العائلة مع المعتقلات مفتوحًا بعد استشهاد أبو دياك.

ويُعبّر صمت العائلة عن حالة حزن عميقة بعدما اكتشفت في نهاية المطاف أن كل الأطراف الرسمية والحقوقية عجزت عن إخراج أسير لم يعد يشكل خطرًا لكي يعيش أيامه الأخيرة بجوار والدته، إذ تعمل العائلة في الساعات الأخيرة وفق ما أخبرتنا على الضغط باتجاه الإفراج عن الجثمان وعدم احتجازه، وذلك من خلال مطالبات للجانب الأردني وفق أعلى المستويات للتدخل في هذا الملف علها تستطيع أن تلامس جثمانه بعدما عجزت عن إخراجه حيًا.

 

صفا