قال نائب رئيس الوزراء، وزير الاقتصاد الوطني محمد مصطفى، اليوم الأحد، إن الحكومة تعمل على صياغة استراتيجية اقتصادية جديدة تجمع الفلسطينيين في كل مكان: الضفة وغزة وأراضي 48 والشتات، لبناء اقتصاد مستقل، وإعادة صياغة العلاقة في هذا المجال مع إسرائيل.
وكان مصطفى يتحدث في لقاء جمع في رام الله عشرات رجال الأعمال الفلسطينيين من الضفة وأراضي 48، في حلقة جديدة من مساعي تعزيز العلاقة الاقتصادية بين الجانبين.
وقال مصطفى \"نحن مقبلون على رؤية جديدة نحو اقتصاد قائم على السيادة والاستقلال، من أهم عناصرها ربط اقتصاد الدولة مع فلسطينيي 48 والشتات\".
وأضاف: لا بد من إعادة صياغة العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل، بروتوكول باريس الناظم للعلاقة الاقتصادية مع إسرائيل ألغته هي بممارساتها كإخراج غزة من هذه المنظومة وبناء الجدار الفاصل وغيرها من الممارسات ولا بد من اتفاقية جديدة مع إسرائيل\".
وتابع: كما تمردنا سياسيا بالذهاب إلى الأمم المتحدة فإننا سنتمرد اقتصاديا بإعادة صياغة العلاقة مع إسرائيل.
وقال مصطفى، إن أمام شعبنا فرصة بعد قبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة، حتى وان كانت بصفة مراقب غير عضو، لبدء صفحة جديدة واستراتيجية جديدة يشارك فيها كل الفلسطينيين في الضفة وغزة وأراضي 48 والشتات.
وأوضح ان هذه الاستراتيجية ترتكز إلى ثلاثة عناصر أسياسية، الأول إعادة صياغة العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل باتفاقية مختلفة تقوم على حرية التجارة، وتضمن التوازن معها والانفتاح على العالم، والثاني تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يدعم الإنتاج، والثالث برنامج استثماري فاعل.
وقال \"إذا أوجدنا منظومة مختلفة للعلاقة مع إسرائيل، ونفذنا الإصلاحات المطلوبة، فان إمكانيات الاستثمار تصبح أفضل، ونعتقد أن هذا سيضاعف الاقتصاد الفلسطيني ب3-4 مرات خلال عشر سنوات فقط\".
وشدد مصطفى على الدور المحتمل لرجال الأعمال الفلسطينيين من أراضي 48 في هذه الاستراتيجية، وقال \"الأدوات والآليات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف لا يمكن أن تكون تقليدية . المطلوب من رجال الأعمال على جانبي الخط الأخضر أكثر من مجرد تبادل الزيارات، المطلوب أن يكونوا جزءا أصيلا في هذه الاستراتيجية\".
واعتبر مصطفى بروتوكول باريس الاقتصادي، الموقع بين منظمة التحرير وحكومة إسرائيل في العام 1994، \"عبارة عن عقدين ضائعين من التنمية، ليس فقط لان الاتفاقية غير متوازنة، وإنما أيضا لتعطيلها بسبب منظومة العراقيل الأمنية والسياسية التي فرضتها إسرائيل، بما أفضى في النهاية إلى أنهم أخذو من الاتفاقية ما يريدون دون أن نأخذ في المقابل شيئا\".
وقال إن الاقتصاد الفلسطيني تراجع في جميع مؤشراته على مدى العشرين عاما الماضية منذ توقيع الاتفاقية، حيث لم ينم معدل دخل الفرد سوى 15% فقط.
وأضاف: على سبيل المثال، كان معدل دخل الفرد في الأردن في العام 1994 يزيد عن مثله في فلسطين بنحو 10% فقط، الآن فانه يزيد بنسبة 120%، وفي مصر، كان معدل دخل الفرد يقل عن فلسطين بنسبة الثلث، لكنه الآن يزيد عن فلسطين بنسبة 30%، كما أن مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني انخفضت خلال العقدين الماضيين من 19% الى 12%، والزراعة من 19% الى 4%، فيما معدل البطالة في فلسطين الآن بلغ 29%.
لكن مصطفى قال بتقصير داخلي واتباع سياسات خاطئة افقد مفعول المساعدات الدولية في إحداث التنمية.
وقال \"من أصل 20 مليار دولار تلقيناها كمساعدات، فان القليل منها ذهب لمشاريع تنموية والباقي صرف على الرواتب وغيرها من النفقات الجارية، في حين ما نزال نستورد 98% من الكهرباء من إسرائيل\"، مشيرا في هذا السياق إلى أن كلفة فاتورة الطاقة الفلسطينية، من كهرباء ومحروقات، تزيد عن مليارين ونصف مليار دولار، أي حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي.
وقال رئيس غرفة التجارة في الناصرة عامر صالح، إن إسرائيل لا تفرق في ممارستها بين رجل الأعمال الفلسطيني في أراضي 48 أو الضفة الغربية وقطاع غزة، فهم يحاربوننا هنا ويحاربوننا هناك\"، مشددا على أهمية دور رجال الأعمال في الكفاح من أجل التحرر والاستقلال، \"فالاقتصاد بات السلاح الأكثر فعالية في عصرنا، ورجل الأعمال هو الركن الأهم في الاقتصاد\".
وطالب صالح الحكومة الفلسطينية بإتاحة الفرصة لرجال الأعمال من أراضي 48 لفتح شركات لهم في الضفة وغزة، ومنحهم وثيقة سفر فلسطينية وشهادات منشأ فلسطينية لمنتجاتهم لتتمكن من دخول الأسواق العربية والإسلامية، وزيادة الأنشطة والمؤتمرات المشتركة لضمان التواصل بين رجال الأعمال من جانبي الخط الأخضر.
وكان رئيس اتحاد جمعيات رجال الأعمال الفلسطينيين سمير زريق استهل اللقاء بالتأكيد على أهمية دور فلسطينيي 48 في حفظ الهوية الفلسطينية والكفاح من اجل التحرر والاستقلال، رغم محاولات اسرائيل التضييق عليهم وخنقهم.
كما أشاد زريق بالجهود التي أفضت إلى تشكيل قائمة عربية موحدة لخوض الانتخابات القادمة للبرلمان الإسرائيلي، \"والتي نرى فيها خطوة مهمة لتوحيد الجهود ضد سياسة التمييز العنصري الإسرائيلية\".
وقال \"إن جميع الجهود التي تؤدي إلى تمثيل أقوى لإخوتنا في الداخل تشكل فرصة تاريخية لإحقاق حقوقهم، ويجب أن تبذل كل الجهود لرفع نسبة المشاركة والتصويت من قبل إخواننا في الداخل في الانتخابات القادمة\".
ولتحقيق هذا الهدف، كشف زريق عن جملة من الخطوات كبث برامج ودعاية انتخابية في المحطات المحلية الفلسطينية، وتشجيع 7 آلاف طالب من الداخل يدرسون في الجامعات الفلسطينية على المشاركة والتصويت، وكذلك العمل على تأمين مشاركة نحو 9 آلاف طالب من فلسطينيي الداخل يدرسون في الجامعات الأردنية.