رام الله الاخباري:
نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تقرير مُطوّل حول الأوضاع التي يمر بها قطاع غزة، اليوم الاثنين، قالت فيه المؤسسة الأمنية بإسرائيل إن حماس فقدت السيطرة على الأوضاع الأمنيّة في القطاع.
وزعمت أن التفجيرين الذين استهدافا حاجزين للشرطة الفلسطينية في غزة، واستشهد على أثرهم ثلاثة من أفرادها وأصيب آخرين، هم بفعل شباب غير راضين عن سياسة حماس مع إسرائيل، مُدّعيةً أن من بينهم أشخاص بارزين في مسيرات العودة وكسر الحصار على حدود غزة.
وأشارت "هآرتس" إلى هؤلاء الشبان كانوا يقودون التظاهرات الحدودية ونفذوا عددًا من الهجمات الأخيرة على السياج الحدودي وقاموا بمحاولات التسلل إلى المستوطنات بالغلاف لتنفيذ هجمات عسكرية.
وقالت: "الشبان شعروا بالإحباط بسبب عدم وجود إنجازات تحققت بالفعل، ولذلك تخلوا عن قيادة المسيرات الحدودية وفضّلوا العمل مع منظمات أخرى كالجهاد الإسلامي وغيرها، من أجل تنفيذ الهجمات".
وأردفت: "إنهم أحبطوا من طريقة تعامل حماس مع إسرائيل وتخليها عن الفعل العسكري رغم أن الوضع الاقتصادي لم يتحسّن، ولم يتحقق أي انجاز حتى الآن، لذلك خلصوا إلى أن الحركة لم تعد قادرة على تمثيلهم".
وأفاد التقرير أن أولئك الشبان هم من أفراد وحدات الإرباك الليلي وإطلاق البالونات الحارقة، وكانوا من المحرضين على المسيرات قبل أن تفقد حماس السيطرة عليهم، خاصةً بعد أن حاولت الحركة ضبط الحدود ومصادرة المتفجرات منهم لمنع أي رد فعل إسرائيلي.
وذكرت الصحيفة أن مسؤلون أمنيون إسرائيليون، يعتقدون أن حماس فوجئت بالهجمات التي وقعت في أغسطس/ آب الماضي، ووضع الهجوم قادتها في أكبر اختبار منذ الاستيلاء على غزة عام 2007. وأن حماس أدركت أن اتجاه الشبان لمنظمات "مارقة" في غزة يشكل تهديدًا كبيرًا لحكمها. مدّعين أن هناك تنظيمات منها الجهاد الإسلامي وأخرى صغيرة تسعى للضغط على حماس من أجل أن تكون أكثر صلابة ضد إسرائيل.
ورغم الخلافات الفعلية بين حماس والجهاد، وتورط عناصر من الأخيرة بالهجمات، إلا أن التقييم الإسرائيلي يشير إلى أن حماس ستختار توجيه أصابع الاتهام للسلطة وإسرائيل، من أجل كسب حالة الهدوء مع الجهاد.
ويعترف مسؤولون ونشطاء من حماس في حديث للصحيفة أن ما تم تحقيقه في المسيرات حتى الآن هو مجرد خطوات "مهدئة" ولا يوجد أي تقدم حقيقي، وكل ذلك ساهم في زيادة الانتقادات للحركة بشكل علني. مشيرين إلى أن الحركة ستواصل المسيرات رغم الانتقادات لأنها الطريقة الوحيدة لإمكانية بقاء غزة على جدول الأعمال في المنطقة، وفي نفس الوقت ستواصل السيطرة على الوضع ومنع أي معركة مع إسرائيل.
وتدعي الصحيفة أن عناصر حماس العسكريين غير راضين عن الوضع الذي يتناقض حاليًا مع ميثاق الحركة بعدم الاعتراف بإسرائيل والاستمرار في مقاومتها، وفي نفس الوقت يتم محاولة التوصل لاتفاق تهدئة.
ويقول مسؤول أمني كبير سابق في غزة، إن لا أحد يشك في سيطرة حماس على القطاع، فهي لديها قوات أمنية وشرطية وحكومية كبيرة ولا يمكن لأي من الفصائل تحديها بما فيها الجهاد الإسلامي، وأن من يتحدث عن فقدان السيطرة قد يرغب بذلك كأمنية وليس كواقع.
ويرى مسؤول أمني فلسطيني حالي، أن الشباب في غزة يعانون من ضائقة مالية شديدة وهم محبطون من الوضع الحالي ويرون أن أي عمل عسكري ضد إسرائيل هو فقط يمكن أن يصل بغزة إلى تفاهمات مع إسرائيل ومن شأنه أن يحسن الوضع.
ووفقًا للتقرير، فإن حماس الآن بين المطرقة والسندان من حيث العلاقات الداخلية والخارجية والضغوط التي تعاني منها. إلا أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أن حماس ليست مهتمة بالتصعيد، وهو ما يدلل مرور "هدوء" الجمعة الماضية نسبيًا رغم استشهاد طفلين. إلا أن الخلافات بين حماس والمتظاهرين ومن وصفتها الصحيفة بـ "منظمات مارقة" دفعهم إلى السعي لتصعيد الأحداث على السياج ولتحدي حماس، وأن هناك مخاوف من تقويض حكمها، في حين تخشى إسرائيل من وصول غزة لحالة "صومالية" بمعنى أن كل فصيل بغزة يفعل ما يشاء ويهاجم إسرائيل.
وبحسب التقرير، فإن حماس تدرك أن الخطاب الاجتماعي يتسم بالإحباط بسبب الانجازات الهزيلة للمسيرات. ما دفعها للمطالبة بتغيير واضح للوضع الاقتصادي والإنساني لسكان غزة.
ويشير التقرير إلى أن سكان غزة يعيشون في وضع اقتصادي صعب لا سيما الشباب. فيما استفاد أكثر من 60 ألف فلسطيني من فتح معبر رفح بشكل شبه منتظم وغادروا إلى تركيا ودول أخرى، وغالبية أولئك الشبان من المثقفين وطلبة الجامعات. فيما هاجر عدد كبير من أطباء مرضى السرطان وبقي 3 منهم فقط، ما دفع حماس لمنع الأطباء من السفر للخارج في الآونة الأخيرة.