أثارت الجولة المرتقبة لمستشار الرئيس الأميركي غاريد كوشنر إلى الشرق الأوسط، الأسبوع الجاري، مخاوف الأردنيين الرافضين لصفقة القرن، خشية الأردنيين أن يدفعوا الثمن الأكبر للصفقة وأن تصبح وطنا بديلا للفلسطينيين.
ووفقا لوكالة "فرانس برس" للانباء، فإن كوشنر يعود إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع في إطار جولة جديدة تهدف الى الدفع قدما بخطته التي لم يُكشف بعد عن تفاصيلها.
ونقلت الوكالة الدولية عن موظف أردني متقاعد قوله إن "صفقة القرن تصفية للقضية الفلسطينية ومسح للهوية الأردنية في الوقت نفسه، مبينا أن الأردن سيكون الخاسر الأكبر بعد الفلسطينيين.
وأضاف الرجل الستيني المنحدر من عشيرة الخريشا، والذي ارتدى الزي العربي التقليدي أثناء مشاركته بإحدى التظاهرات أمام السفارة الأميركية في عمان ضد الخطة الأميركية للسلام، "نرفض الصفقة جملة وتفصيلا فهي خطر على الأردن".
وأوضحت الوكالة أن المخاوف تستند إلى مجرد تسريبات عن الخطة تؤكد أنها لن تأتي على ذكر حل الدولتين، والى سياسة الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل خارجا عن إجماع الرؤساء الأميركيين السابقين.
وأشارت إلى أن الأردن شهد موجتان من اللجوء الفلسطيني: الأولى عقب "النكبة" عام 1948 إثر إعلان قيام دولة إسرائيل، والثانية بعد "النكسة" إثر حرب حزيران/يونيو عام 1967 عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية التي كانت تحت السيطرة الأردنية.
ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأمم المتحدة في الأردن أكثر من 2,2 مليون لاجئ.
وأكثر من نصف عدد سكان الأردن البالغ 9,5 مليون نسمة من أصول فلسطينية ويحمل ثلثاهم الجنسية الأردنية. ويخشى الأردنيون في حال إسقاط حق العودة للاجئين، أن تصبح المملكة تحت ضغط الطلب منها تجنيس الثلث الأخير.
ودعت واشنطن نهاية أيار/مايو الماضي الى مؤتمر في البحرين عقد في 25 و26 حزيران/يونيو عرضت فيه الشق الاقتصادي من خطة السلام الهادف، بحسب قولها، الى جذب استثمارات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار لصالح الفلسطينيين وخلق مليون فرصة عمل لهم ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلي، وذلك خلال عشرة أعوام.
وقاطع الفلسطينيون مؤتمر البحرين، وشارك فيه الأردن ممثلا بأمين عام وزارة المالية الأردنية.
كما نقلت وكالة "فرانس برس" عن مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، قوله إن "ثاني أكبر ضحية لصفقة القرن بعد الفلسطينيين هو الأردن بلا منازع"، معربا عن قلق المملكة من أن تفتح الصفقة الباب "حول حلول وخيارات في الأردن وعلى حسابه".
وتخوف الرنتاوي من "ربط استدامة الكيان الفلسطيني بشرط ارتباطه بصيغة ما مع الأردن، مبينا أن هذا سيفتح على الأردن أبواب جهنم.
وأوضح الرنتاوي أن الخطة ستضع على الأردن ضغطا لتوطين عدد آخر من الفلسطينيين ومنحهم الجنسية، مضيفا "لا توجد دولة في المنطقة عليها عبء في موضوع اللاجئين الفلسطينيين مثل الأردن، فهو لديه عدد هائل يشكل نحو 60% من سكانه. هذا كابوس".
ويعتمد الأردن الذي تشكل الصحراء نحو 92% من مساحته إلى حد كبير على المساعدات الخارجية. وتجاوز الدين العام لهذا البلد 40 مليار دولار بما يفوق 96% من الناتج المحلي الإجمالي، مع ارتفاع نسب الفقر الى نحو 16% والبطالة نحو 20% وفقا للأرقام الرسمية.
وصرح مبعوث الرئيس الأميركي الى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات في حزيران/يونيو أن كشف الخطة لتسوية النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين قد يتم في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل بعد الانتخابات الإسرائيلية.
من جانبه، أكد محلل آخر "كيرك سويل" من مركز "يوتيكا ريسك سيرفسز" للأبحاث في واشنطن أن "الأردن لا يملك إلا أن يرفض الصفقة"، لأنها "قد تحوّل الأردن إلى دولة فلسطينية".
ويضيف "قد تكون هناك منافع اقتصادية للأردن، لكن الملك أكد موقفه تجاه الدفاع عن القدس لقاعدته الشعبية العشائرية، لأن الصفقة تهددهم".
ويجدر الإشارة إلى أن العاهل الأردني عبر أكثر من مرة ما بات يعرف بلاءاته الثلاث: لا للوطن البديل، لا لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، ولا للتنازل عن القدس أو الوصاية على المقدسات فيها.