رام الله الإخباري
أثبتت "مقبرة عسقلان" التي عثر عليها علماء الآثار في مدينة عسقلان جنوب فلسطين المحتلة في الرابع من الشهر الجاري، أن الفلسطينيين هم الشعب الذي عاش هناك قبل 2600 عام، ومنهم جليات أو جالوت الذي هزمه داود بحسب المعتقدات الاسلامية والمسيحية واليهودية.
وبحسب صحيفة "العربي الجديد"، فإن المدرسة التوراتية في علم الآثار تلقت ضربةً قاصمة، قد تكون المسمار الأخير في نعشها، بعد إعلان نتائج تحليلات رفات مقبرة الفلسطينيين القدماء في مدينة عسقلان.
وأوضحت الصحيفة أن نتائج التحليلات التي نشرتها المجلة التي تصدرها الرابطة الأميركية للعلوم المتقدمة، جاءت بعكس آمال الفريق البحثي الكبير الذي قام بعمليات التنقيب، وأثبتت أن الفلسطينيين القدماء هم من نسيج المنطقة الجيني والحضاري، وليسوا قوماً همجياً وافداً من البحر.
وأشارت إلى أن نتائج تحليل الحمض النووي أثبتت أن الفلسطينيين المعاصرين هم أعقاب أولئك القدماء، على الرغم من وجود تأثيراتٍ جينيةٍ طفيفة قادمة من أوروبا، ولكنها بقيت هامشيةً، ولم تعمّر على المدى الطويل.
وتطرقت الصحيفة إلى أن التغطية الصحافية الإسرائيلية للحدث كانت مجتزأة من النتائج، فركّزت على العنصر الأوروبي المفترض، الموجود في التركيبة الجينية، وتجاهلت العناصر المحلية المشرقية التي تشكل أعلى نسبةٍ في الرفات، بحيث بدا للقارئ غير المتخصص أن الرواية التوراتية عن شعوب البحر كأنها حقيقة علمية.
وأضافت الصحيفة "إن الصحف الإسرائيلية حرصت في تغطيتها المميزة لنتائج البحث، على اللعب على الكلمات، حين كتبت أن المكونات الأوروبية في الرفات، على قلتها، تدعم وجهة النظر القديمة المستمدة من أصول توراتية عن أصول الفلسطينيين القدماء العائدة إلى بحر إيجة".
ولفتت صحيفة "العربي الجديد" إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حاول تسويق تزوير نتائج الدراسة العلمية، فادعى في تغريدات له في "تويتر" أن أصل الفلسطينيين القدماء يعود إلى جنوبي أوروبا، في حين يعود أصل الفلسطينيين الحاليين إلى شبه الجزيرة العربية.
وتابعت الصحيفة "مارست المدرسة التوراتية مختلف صنوف القولبة، والتزييف، والعبث بالأدلة، و"الإرهاب الأكاديمي" كريت الحديثة، لا توجد صلة بين الفلسطينيين القدامى والفلسطينيين الحاليين الذين جاء أسلافهم من شبه الجزيرة العربية إلى أرض إسرائيل بعد آلاف السنين"، مدعية أن ارتباط الفلسطينيين بأرض إسرائيل ليس شيئًا، مقارنة مع 4000 عام من الارتباط بين الشعب اليهودي والأرض".
وشددت الصحيفة على أن نتائج تحليلات مقبرة عسقلان حطمت المنظومة الإسرائيلية المتكاملة من الأدلة المقولبة وفق النص التوراتي، حيث بينت انتماء فلسطينيي عسقلان إلى التركيبة الجينية المحلية المنشورة في مجلة "Science Advances" أن البنية الجينية للرفات العشرة (من أصل 108) التي استطاعت المخابر استخلاص الحمض النووي من عظامها يغلب عليها المكون الجيني المحلي المختلط بالمكوّن الغالب على الهضبة الإيرانية بينما يبدو المكون الأوروبي الذي يُفترض أنه قادم من اليونان الأقل تأثيرا في التركيبة الجينية للرفات.
وأشارت إلى أن الدراسة بينت أن معظم أسلاف رفات عسقلان ينتمون إلى مجموعة موروثات بلاد الشام المحلية. وقد لاحظت الدراسة أن المكون القادم من أوروبا في العصر الحديدي يوحي بأن تدفّق الجين إلى عسقلان حدث إما في نهاية العصر البرونزي أو في بداية العصر الحديدي، ولكنه كان ذا تأثير محدود، لم يترك أثراً في البنية الجينية طويلة الأجل لرفات عسقلان، الأمر الذي يعني أنه لم يأت نتيجة غزو، بل نتيجة توسع وتبادل حضاري في حوض المتوسط.
وأضافت الصحيفة "يجتمع أغلب العرب المعاصرين تحت التحور الجيني "Z2331"، وهو حفيد التحور الجيني "P58" الذي يرى فيه معظم علماء الجينولوجيا الجد الجامع للعرب والساميين من أبناء السلالة "J1".
وتابعت "منذ أواسط القرن التاسع عشر، سعت المدرسة الآثارية التوراتية إلى المطابقة بين شعوب البحر الذين يرد ذكرهم في الوثائق المصرية، وحاربهم رمسيس الثاني ورمسيس الثالث ومرنباتح، وغيرهم من فراعنة مصر، وساهموا في تدمير حواضر البحر المتوسط القديمة، والفلسطينيين القدماء الذين كانوا يستوطنون مدن عسقلان وأشدود وجت وغزة، على الرغم من أن أسماءهم وآلهتهم كنعانية، لا تختلف عن أسماء الصيدونيين والصوريين والأرواديين والقرطاجيين القدماء ومعتقداتهم.
وأوضحت أن تعليل علماء الآثار الصهاينة لذلك كان أن الفليستيين اندمجوا مع الكنعانيين، ونسوا أصولهم الإيجية بسرعة، وأنهم شعب سريع التعلم.
وأشارت إلى أنه حتى النقوش المنسوبة للفلسطينيين القدماء التي عثر عليها في عقرون وجت وعسقلان، وهي قليلة جداً، ومكتوبة باللغة الكنعانية، كانت تفسر تفسيراتٍ
توراتية، تحاول أن تثبت رواية العهد القديم عن أحداث فلسطين في العصر الحديدي، حتى أصبحت الأصول الإيجية للفلسطينيين القدماء بمثابة المسلّمة غير القابلة للنقض.
واستطردت أن الإعلان عن اكتشاف مقبرة عسقلان، شكلت الحدث الآثاري الأبرز خلال القرن الواحد والعشرين من عامين ونصف العام، بدعاوى شتى، منها اختلافات على التمويل، وعوائق إدارية، وما شابه ذلك.
وقالت "للتخفيف من هول الصدمة، تمت صياغة مقدمة الدراسة العلمية لنتائج التحليلات بطريقةٍ ضخمت التأثيرات الأوروبية في البنية الجينية للفلسطينيين القدماء، في مقابل
تجاهل العناصر المحلية الطاغية، وهي تخريجةٌ مراوغةٌ لحفظ ماء الوجه، بعد المقدمات القاطعة للبعثة الآثارية".
العربي الجديد