رام الله الإخباري
استبعد عدد من المستوطنين الاسرائيليين، في منطقة بنيامين الاستيطانية الواقعة في منطقة رام الله، أن يكون عامل الصيانة في إحدى مدارس المستوطنة، الفلسطيني محمود قطوسة (46 عاما) قد اقترف تهمة اغتصاب طفلة صغيرة من المدرسة.
وأكد المستوطنون في حديثهم لوسائل الاعلام الإسرائيلية، أنهم يعرفون قطوسة جيدا بعد عمل في بيوت عدد منهم أيضا، وأنهم ليس فقط لا يصدقون الاتهامات، كما يؤكدون
أن الشرطة الاسرائيلية أحاكت ملفا ضد المواطن الفلسطيني من دون وجود أساس للاتهامات التي وُجهت إليه.
وقال أحد المستوطنين لـ"يديعوت أحرونوت": "رافقت هذه القضية منذ البداية وحضرت المداولات (في المحكمة). ويوجد هنا صعوبة لدى الشرطة طوال القضية، ونحن هلعون من ألا يعثروا على المتهم الحقيقي".
كما أن الصحيفة ذاتها أكدت أن الطاقم التربوي في المدرسة استبعد أن يكون قطوسة هو المتهم. وقالت مسؤولة في المدرسة للصحيفة إنه "هل تعرف عدد الأبرياء الذين يقبعون في السجن؟ هذا حدث خطير ومهم بالنسبة لنا أن يعثروا على المتهم".
وبدأت اليوم، الثلاثاء، تنكشف الحقيقة المختلفة تماما عن مزاعم الشرطة الإسرائيلية، التي تبنتها وسائل الإعلام العبرية سابقا، حول الادعاء أن رجلا فلسطينيا من قرية دير قديس، يدعى محمود قطوسة (46 عاما)، يعمل كعامل نظافة وصيانة في مدرسة في المستوطنة الحريدية "موديعين عيليت"، اغتصب طفلة في السابعة من عمرها.
أما موقع صحيفة "هآرتس" فقد نقل عن شاهد النيابة في هذه القضية "م"، وهو مستوطن يقطن في المستوطنة نفسها، قوله إن الشرطة غيّرت خلال التحقيق ادعاءاتها بشأن المكان الذي جرى فيه اغتصاب البنت، وذلك بعدما تبينت صحة ادعاء قطوسة حول مكان تواجده.
وأضاف "م" أنه هو بنفسه أثبت صحة ادعاء قطوسة وأبلغ المحققين بذلك.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على تفاصيل التحقيق قوله إن ادعاء الشرطة بشأن التوقيت الذي نُفذ فيه الاغتصاب تغير أيضا على ضوء ادعاء قطوسة الذي تبين أنه صحيح.
وقال مصدر ضالع في ملف القضية، إنه خلال تصريح المدعي العسكري في المحكمة، في بداية الشهر الحالي، ادعت الشرطة أن الاغتصاب حدث في أحد أيام الجمعة، بعد الدوام الدراسي وتقرر أن توقيته محدد.
كذلك ادعت الشرطة أن قطوسة أخذ البنت إلى بيته في دير قديس وهناك اغتصبها. إلا أن قطوسة أكد أمام المحكمة أنه في ذلك اليوم كان يعمل في الترميم في مكان آخر،
وطلب من "م" أن يقر بصحة أقواله. وفعلا، أقر "م" بذلك، وقال إنه "بدلا من أن تفحص الشرطة الادعاء، قمت أنا بذلك". ولاحقا تأكدت الشرطة من صحة الادعاء بهذا الخصوص.
وأضاف "م" أنه في أعقاب ذلك غيّرت الشرطة مكان الاغتصاب، وبدلا من البيت في دير قديس زعمت الشرطة أنه جرى في شقة تبعد بضع مئات الأمتار عن المدرسة. ووفقا لمصدر مطلع على القضية، فإنه بعد تأكيد مكان تواجد قطوسة، زعمت الشرطة أن الاغتصاب حدث في تاريخ آخر، ليس لدى قطوسة إثبات حول تواجده في ذلك الوقت.
لكن لائحة الاتهام لا تذكر التوقيت الدقيق ولا الساعة في اليوم الذي حدث فيه الاغتصاب، وإنما كتبت بأنه نُفذ في موعد ما بين شهري شباط/فبراير ونيسان/أبريل.
ووفقا للتفاصيل التي كُشفت اليوم، فإن موقع الشقة التي تزعم الشرطة أن الاغتصاب جرى فيها، يبعد عشر دقائق سيرا على الأقدام عن المدرسة، والطريق إليها تمر من شوارع رئيسية ومزدحمة في المستوطنة الحريدية.
وقال "م" إن قطوسة "هو شخصية معروفة جدا في المدينة (المستوطنة)، وهو يعمل هنا منذ ثماني أو تسع سنوات. وهو شخص مخلص لعمله في المدرسة، وكان يحضر بعد دوامه إذا اقتضت الحاجة إلى تصليح إضاءة أو شيء ما. لقد ألقوا القبض على الشخص غير الصحيح وأنا أصرخ ذلك".
وأضاف "م" أنه "توجد هنا مليون علامة استفهام. وهذا شخص لديه ثلاثة أولاد يدرسون في الأكاديميا، وهو رجل مستقر اقتصاديا وعندما كان يشاهد عربيا يرتكب خطأ، كان يصرخ عليه ويحذره من فقدان مصدر رزقه. أي أنه كان يعرف القانون جيدا.
هل تريد أن تقول لي إن هذا الرجل جرّ بنت عمرها سبع سنوات لمدة 20 دقيقة إلى شقة في الطابق الثاني واغتصبها هناك سوية مع عدد من العرب؟ ليس لدي شيء ضده، وإذا ارتكب ذلك يجب استنفاذ القانون ضده، لكنه ليس الشخص الذي فعل ذلك".
وبحسب وسائل الاعلام العبرية، فإن البنت أدلت بأربع إفادات حول الاغتصاب أمام محققات أطفال، ويتوقع أن تشهدن في القضية. واليوم ستعقد المحكمة العسكرية في سجن "عوفر"، وستطلب النيابة العسكرية فرض حظر نشر كامل على تفاصيل القضية.
بدوره، أكد محامي قطوسة، ناشف درويش، أمام القاضي والنيابة في المحكمة، اليوم، أن مصداقية البنت بما يتعلق بهوية المتهم منقوصة، وأنه لم يجر فحص طبي شامل لتشخيص حالتها.
وبحسب موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، فإن تعرف البنت على قطوسة بالصدفة في المدرسة تضع علامات استفهام كثيرة، كما أن الشخص الذي ساعدها على التعرف عليه لم يُحقق معه أبدا.
وقالت محققة الأطفال في الشرطة إنه يصعب تأكيد المصداقية بشأن هوية المتهم.
أما المحامي درويش فأضاف أن "تعرف البنت على المشتبه متأثر برأي محققة الأطفال بالاستجواب الذي تعرضت له في البيت. ماذا نحتاج أكثر من ذلك؟ لم أفهم، بعد أن اطلعت على هذه التفاصيل، كيف يمكن تقديم لائحة اتهام من هذا النوع".
وتابع درويش أنه "لن أدخل في مسألة ما إذا وقع الحدث أم لا، رغم أنه لا توجد أي شهادة طبية تؤكد حدوث ذلك، وبعد أن اطلعت على مواد التحقيق، تبين لي أن موكلي ليس مرتبطا بهذا الحدث".
وشدد المحامي على أن "هو لم يفعل ذلك وفقا للأدلة. ولديه عُذر، فقد عمل في الوقت نفسه لدى عائلة إسرائيلية. وهل هذا منطقي أن شخصا عربيا يُخرج بنتا من مدرسة في
مستوطنة حريدية، ويأخذها بالقوة فيما هي تبكي وتصارع طوال 14 دقيقة سيرا على الأقدام وسط المدينة ويدخل إلى بناية سكنية ولا أحد يرى أو يسمع؟ وأجري في هذا الملف فحصان بوليغراف (آلة كشف الكذب). في أحدهما تبين أنه يقول الحقيقة وفي الآخر يكذب. ولا توجد أية أهمية لذلك".
عرب 48