رام الله الإخباري
تساءل الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أرئيل كهانا:" من يعرف أفيغدور ليبرمان؟ مؤكدًا على أنه ليس هناك شخص يعرفه أكثر من بنيامين نتنياهو.
وأشار في مقاله عبر الصحيفة، الصادر اليوم السبت، إلى أنه ما كان له أن يتفاجأ من استعداده للسير حتى النهاية. فليبرمان يتصرف بشكل غير متوقع منذ أن بدأ حياته العامة.
فقد ترك منصب مدير عام ديوان رئيس الوزراء بعد سنة ونصف فقط من تعيين نتنياهو له في 1996. دخل وخرج من حكومة ايهود اولمرت في توقيت لا يفهمه
أحد، على حد قوله في ذاك الوقت «لاعتبارات المسؤولية الوطنية بخلاف كل التوقعات والتنبؤات من المحللين، لم يدخل الى ائتلاف بنيامين نتنياهو في 2015.
وأضاف الكاتب، وكذا ترك الحكومة ومنصب وزير الدفاع في 2018 ظاهراً ليس وفقاً، لمصلحته السياسية. هكذا بأن من اعتقد أن انضمامه إلى حكومة نتنياهو الخامسة في 2019 فإنه تلقائياً ومضموناً ـ لم يقرأ الخريطة على نحو صحيح.
ووضع الكاتب تساؤلًا آخر: فما الذي يريده ليبرمان إذن؟ مجيبًا أن الخلاف الدوري العسير بين ليبرمان ونتنياهو يميز ثلاثة عقود من علاقات الحب ـ الكراهية بينهما.
نتنياهو هو النجم، مغناطيس المقاعد، رئيس الوزراء الذي يفترض أن يقود، والذي له ولليبرمان فكر مشابه بما يكفي في المواضيع المختلفة على جدول الأعمال.
كلاهما آمنا ذات مرة بالنظام الرئاسي، بالحاجة إلى إسقاط حماس، أو حتى بإخلاء الخان الأحمر. المشكلة عملياً هي أن نتنياهو يجسد سياسته وفقاً لاحتياجات الساعة، بينما ليبرمان يحاول أن يكون من لا يأبه بالحساب.
وهكذا، رغم أن الكابينت قرر إخلاء الخان الأحمر، ورئيس الوزراء تعهد بذلك بصوته، فإنه عملياً يطلق تعليمات مكتوبة لوزير الدفاع ليبرمان ألا يفعل ذلك. أو، وزير
الدفاع ليبرمان يريد أن يتخذ عملا عسكريًا حاداً في غزة، ولكن رئيس الوزراء نتنياهو لا يسمح له بذلك. أو، ليبرمان كمدير عام ديوان رئيس الوزراء في 1996 يريد أن
يغلق سلطة البث ولكن نتنياهو يمنعه من ذلك. هكذا في ألف وواحدة من المسائل التي صعدت وهبطت على مدى السنين.
تدور هذه الآلية بين الرجلين منذ بدء التعاون في 1988، وتتسبب لليبرمان بطلاق نتنياهو في كل مرة من جديد، ولكن العودة مرة أخرى للارتباط به. من ناحيته لا يمكن بدون بيبي، وكذا لا يمكن بدونه.
ليس لليبرمان خيار غير الارتباط سياسياً بنتنياهو، الذي يجترف الكثير من المقاعد. ولكن منذ أن كان مدير عام ديوان نتنياهو، عبر ولايته كوزير للخارجية ووزير الدفاع
لديه، في كل مرة من جديد، سرعان ما يفقد الاهتمام، يتفجر ويحطم الأواني، كي يجبر نتنياهو على عمل ما يؤمن به. بعد ذلك، بغياب بديل سياسي، يعود إلى أذرع بيبي، وهلمجرا.
كما وكشف الكاتب، أنه في الظروف الحالية، بعد أن تحطمت مصداقيته كوزير للدفاع كونه لم يصفِ هنية بعد 48 ساعة، ولأن ردع حماس ضاع منذ الربيع الماضي ـ كان
ليبرمان ملزماً بأن يعيد بناء صورته كشخص «كلمته هي كلمة». لعله يجر كل الدولة إلى انتخابات. ولكن نتنياهو لن يجعل منه خرقة كوزير دفاع ـ هكذا على الأقل يرى ليبرمان الأمور.
ووضع تساؤلًا آخر: هل يريد ليبرمان إسقاط نتنياهو؟ مجيبًا: لا يوجد لذلك أي دليل، وعملياً يعرف ليبرمان بأن التوجه إلى الانتخابات يعرضه هو الآخر للخطر. يحتمل أن يعزز الناخب ايفات الذي أصر على طلبه تجنيد الأصوليين. بذات القدر هناك احتمال بأن يعاقبه الناخب على إسقاطه حكومة يمينية.
من الصعب إيجاد سند لادعاء المؤامرة الذي بثه نتنياهو على مدى الأسبوع. وبالمناسبة، لو كان ليبرمان يريد إسقاط نتنياهو، ما كان سيوصي به من البداية لدى الرئيس، بل وكان سعى إلى تكليف نائب آخر من الليكود أو خارجه، بمهامه تشكيل الحكومة. وهي أمور لم تحصل.
ومن أقوال ليبرمان في المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم الخميس، يتبين تطلع واضح: إذا كان الجمهور سيثيبه بالفعل في صناديق الاقتراع ويصل إلى عدد من منزلتين من
المقاعد، فإن طلبه في المفاوضات الائتلافية التالية سيكون تناوباً على رئاسة الوزراء. هذا هو التفسير في أنه لن يتعهد بالتوصية بنتنياهو، ولكنه تحفظ من بني غانتس.
وأوضح الكاتب، أن النتيجة غريبة قليلاً ولم تحصل في إسرائيل. ولكن الأزمات السلطوية تحصل في الديمقراطيات. راجعوا آخر الأخبار عن بريطانيا العظمى التي منذ
سنتين وهي غارقة في أزمة البريكزيت أو أطلوا على بلجيكا، السويد وإسبانيا التي تتعثر حكوماتها منذ سنين بأزمات متكررة.
حكومة أقلية، حكومة انتقالية أو كل نوع آخر من الحكومة غير المستقرة أسوأ بكثير من العودة الى الصناديق حتى لو كان للمرة الثانية في غضون نصف سنة.
مؤكدًا على أنه مع مراعاة الجنون الذي ميز انتخابات الشتاء، ثمة أمل ما في أن انتخابات الصيف ستبدو بشكل مختلف. فالانتخابات التي أجريت في نيسان لم تكن
موضوعية بل مفعمة بالأحابيل، الأكاذيب والشخصيات الملفقة.
من فايغلين عبر اليمين الجديد وحتى أزرق أبيض ـ كان الجمهور عرضة للألاعيب والدوامات. الخطاب الجماهيري، كما نتذكره جميعنا لم يكن موضوعياً بل عنيفاً وعديم كل صلة بمسائل السياسة والطريق.
وأوضح، أنه في المعركة الجديدة، وبالذات لأن السياسيين، النشطاء، الصحافيين ومستشاري الإعلام تعبون، يوجد احتمال بأن يكون الخطاب أكثر موضوعية وأقل عنفاً بقليل. أما القصص السياسية من اليمين ومن اليسار فستتفكك. والشخصيات ستتبدد. والمقاعد الضائقة تذهب هباء
الجمهور الأكثر نضجاً وتجربة سيعرف على ماذا يصوت. إذن بالطبع الانتخابات مرتين في سنة واحدة ليس وضعاً مرغوباً فيه، ولكن لا ينبغي أن نفزع. ففي نهاية كل نهاية، هذه هي الديمقراطية.
اسرائيل هيوم