رام الله الإخباري
وفق صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن " فرص تنامي العنف والتوتر في الضفة الغربية وقطاع غزة " ستزداد في ظل غياب حكومة إسرائيلية تعمل على "تليين" الموقف.
ووصف الكاتب إيشان ثارور في مقال له بالصحيفة، أن المهارات الوليدة لمستشار البيت الأبيض جارد كوشنر في الدبلوماسية، قد تبدو باهتة إذا ما قورنت مع شعوره غير المقصود تجاه التوقيت الكوميدي، وفق وكالة "سوا".
وأشار إلى وصول جارد كوشنر، إلى إسرائيل يوم الخميس الماضي؛ لحشد الدعم لخطة الإدارة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مستدركا بأن وصوله تزامن مع انهيار البرلمان الإسرائيلي، وسط أزمة سياسية غير مسبوقة.
وأفاد الكاتب، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حليف ترامب الحميم والصديق لعائلة كوشنر، فشل في تشكيل ائتلاف حاكم، واضطر إلى حل الكنيست، والدعوة إلى انتخابات جديدة في أيلول/ سبتمبر بحسب صحيفة عربي 21 اللندنية .
وأشار إلى أن "نتنياهو كان قد انتزع في نيسان/ أبريل ما اعتقد أنه انتصار ضيق ضد منافسين من تيار الوسط، لكن ما عطل عليه هو منافسوه في اليمين الإسرائيلي،
ولذلك شهد نتنياهو تفويضه ينهار، وربما يكون هذا أيضا هو نهاية قانون الحصانة الذي كان يأمل أن يمرره في الكنيست ليتجنب المحاكمة".
وقال: "إن نتنياهو لا يزال في طريقه ليصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأكثر حكما في وقت لاحق من هذا الصيف، لكن في ظروف بالتأكيد أنه يبغضها، وبالنسبة لكوشنر،
الذي دخل هذا الغضب العارم مع مبعوث الشرق الأوسط جيسون غرينبلات والمسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية بريان هوك، فإن تلك حالة تعيسة".
غرّد الدبلوماسي الأمريكي السابق مارتن إنديك، الذي عمل في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط سابقا، قائلاً: "هذا خطأ من تنقصه الخبرة، فالجميع في إسرائيل والعالم
العربي كان سيتفهم لو تجاوزوا هذه الرحلة، ولا أحد، خاصة نتنياهو، لديه وقت ليتحدث عن السلام في هذه الظروف الفوضوية"، وفق الكاتب.
ولفت الكاتب، إلى أنه "في الواقع فإن هناك القليل الذين عولوا على مقدرة كوشنر بأن يحيي عملية سلام محتضرة، فسلسلة الخطوات التي قامت بها إدارة ترامب لتقديم
التنازلات لإسرائيل وتقوية نتنياهو سياسيا، تعني بأن اقتراحاتهم لن تلقى ترحيبا فلسطينيا".
ونوّه إلى أن كلا من كوشنر وغرينبلات يحاولان حشد الدعم "لورشة اقتصادية" تقام في البحرين في آخر أسبوع من حزيران/ يونيو، ويأملان بأن يجمعا مليارات الدولارات
لمشاريع التطوير الفلسطينية، مستدركا بأنه تم رفض المؤتمر من عدد من الدول الإقليمية الفاعلة والقوى الدولية، ورفضه السياسيون الفلسطينيون ورجال الأعمال، الذين يبحثون عن حل سياسي لاحتلال أرضهم، ليس لما يرونه بأنه إغراءات مالية تهدف إلى شراء إذعانهم.
وقال المتخصص في الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي في واشنطن، إيان غولدنبيرغ، "إن الفوضى السياسية في إسرائيل تحول مشروعا ضعيفا إلى مهزلة
مضحكة، وأضاف لصحيفة "وورلد فيو": "كان الأمر سيكون دون معنى على أي حال، لكنه سيصبح فاقدا للمعنى بشكل أكبر الآن"، وفق الصحيفة.
وأفاد الكاتب، بأن "إدارة ترامب تأخرت في الكشف عن خطتها بسبب حساسية انتخابات نيسان/ أبريل الماضي في إسرائيل، وبدخول دورة انتخابات جديدة فإن أي سياسي
إسرائيلي -لا نتنياهو ولا غيره ممن يتحدثون مع كوشنر في اليمين الإسرائيلي- لا يريد أن يظهر بأنه يقدم تنازلات للفلسطينيين، وهذا يعني أن أقرب وقت لطرح المبادرة
سيكون في تشرين الثاني/ نوفمبر، لكن بالنظر إلى ما تقتضيه الحملة الانتخابية لترامب لعام 2020، فإن ترامب قد يفكر بأنه من الأفضل عدم طرح مبادرة فاشلة على الساحة العالمية".
ونقلت الصحيفة عن السفير الأمريكي السابق لإسرائيل خلال إدارة أوباما، دان شابيرو، قوله: "أعتقد أن خطة ترامب للسلام مجمدة إلى إشعار آخر الآن"، وأضاف شابيرو معلقا على اجتماع حزيران/ يونيو في البحرين، قائلا إنه سيكون "قمة اقتصادية للأشباح"، في دعم "خطة سلام سرابية".
وذكر الكاتب أنه بعد أن صوت الكنيست على حل نفسه مساء الأربعاء، فإن المسؤول الفلسطيني صائب عريقات قال ساخراً: "إن صفقة القرن ستكون على أفضل تقدير "صفقة القرن القادم".
وبيّن ثارور أنه "مع ذلك فقد حاول نتنياهو وكوشنر أن يظهرا بمظهر الشجعان، فقال رئيس الوزراء الإسرائيلي مبتسما أمام الكاميرات: (مع أنه كانت لدينا حادثة بسيطة الليلة الماضية، إلا أن ذلك لن يوقفنا، سنستمر في العمل معا)".
ويرى الكاتب أن "نتنياهو يستخدم تقاربه مع ترامب كونه أحد الأسباب التي تجعل الناخب الإسرائيلي يختاره، وفي محاولة لإنعاش نتنياهو قام كوشنر بتسليمه خارطة
لإسرائيل وما حولها موقعة من ترامب، أظهرت الجولان جزءا من إسرائيل، وكانت إدارة ترامب قد اعترفت بضم إسرائيل للجولان في وقت سابق من هذا العام، وهو ما أزعج معظم المجتمع الدولي، وأبرز ترامب هذا التحرك برسم سهم يشير للجولان وكتب عليه كلمة (Nice)".
وعلق ثارور قائلاً: "لكن ليس هناك الكثير من الجمال حول ما سيحصل في الأشهر القادمة، ولم تواجه إدارة ترامب ردة فعل قوية عندما قطعت المساعدات عن الفلسطينيين بسبب قيام دول الخليج وأوروبا بتغطية ذلك، لكن نقص المساعدات وتوقف إسرائيل عن تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية تسببا بأزمة في الميزانية، قد تؤدي بالسلطة الفلسطينية إلى الإفلاس خلال عدة أشهر".
وأشار الكاتب إلى أنه "ليس من الواضح مدى عمق تفكير ترامب في أفعاله تلك، فقد كانت السلطة الفلسطينية مؤسسة دعمتها أمريكا لسنوات، نظرا لأنها الوسيلة للوصول إلى الدولة الفلسطينية، وتعاونها مع القوات الإسرائيلية ضروري لأمن الأخيرة".
وأردف: "قد يكون كوشنر وترامب ظنا أن هذا الضغط الاقتصادي على الفلسطينيين سيجعل المفاوض الفلسطيني يرضخ لإرادتهما، لكن من الواضح أن ذلك لم ينجح، وفي الوقت ذاته فإن فرص تنامي العنف والتوتر، ستزيد في ظل غياب حكومة اسرائيلية مستعدة لتليين موقفها".
ونقلت الصحيفة عن غولدنبيرغ، قوله: "يمكنك أن ترى أمورا تؤدي إلى زعزعة الاستقرار تحصل في الضفة الغربية وغزة".
وقال الكاتب: إن "الانتخابات في أيلول/ سبتمبر قد لا تمنح الكثير من الراحة، فكتب الصحفي الإسرائيلي نيري زلبر: (قد ترى حكومة نتنياهو القادمة - فلا يزال نتنياهو يتمتع بحظوظ عالية للفوز- الرفض الفلسطيني لخطة ترامب للسلام ضوءا أخضر للبدء بضم المستوطنات في الضفة الغربية، وقد تتعب الدول العربية والأوروبية من تمويل حل للدولتين، لم تعد واشنطن أو القدس تؤمنان به".
عربي 21