كانت عائلة الأسير الفلسطيني أنس عواد تتهيأ لاستقباله في منزلها بعد عام على اعتقاله في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لكنها فوجئت قبل ثلاثة أيام من الإفراج عنه بتوجيه اتهام جديد إليه، بزعم محاولته طعن أحد سجاني الاحتلال خلال قمع الأسرى في سجن النقب قبل أكثر من شهر، ومنذ ذلك اليوم والعائلة لا تعرف عنه شيئا، وتخشى من تدهور حالته الصحية.
يمر رمضان للمرة الثانية ومقعد أنس شاغر على مائدة الإفطار في منزل عائلته في قرية عورتا جنوب نابلس شمال الضفة الغربية، تغيبه سجون الاحتلال عن عائلته التي تتلهف شغفا على وجوده بينها، خصوصاً أن ما جرى معه لم يكن بالحسبان.
"قبل أيام من موعد الإفراج عنه، تعرض أنس -وهو مدرس متقاعد- لاعتداء من السجانين في سجن النقب، فأصابوه بجروح في رأسه، وزعموا أنه حاول طعن أحدهم، ونقلوه إلى العزل في سجن "إيشل"، يؤكد والده سعد عواد لـ"العربي الجديد".
ويقول والده: "لم يكن بالحسبان أن يبقى أنس في السجن، كنّا نتهيأ لاستقباله بعد إنهاء اعتقاله الإداري الثاني الذي كان مقرراً يوم 28 مارس/آذار 2019، لكن ما جرى في سجن النقب يوم 25 من الشهر ذاته، قلب الدنيا رأساً على عقب، ويومها اقتحمت قوات مدججة بالسلاح والأدوات القمعية السجن، وانهالوا على الأسرى بالضرب المبرح، بعد رشهم بالغاز المسيل للدموع، وكان أنس واحداً منهم".
ما كادت سحابة الدماء تنجلي، حتى بانت وحشية الاعتداء، فأصيب أكثر من مائة أسير بجروح غائرة ونقل جزء كبير منهم للمستشفيات الإسرائيلية، لكن بقي مصير عدد منهم مجهولاً، وإضافة لتعرضهم لاعتداءات وحشية، جرى عزلهم عن بقية الأسرى، بحجة أنهم حاولوا تنفيذ عمليات طعن بحق السجانين، وكان أنس من بينهم.
أمام ما جرى مع ابنه يصمت الأب الستيني قليلاً، ويتساءل: كيف لإنسان ينتظر لحظة الإفراج عنه بعد اعتقال دام عاماً أن يقدم على تنفيذ عملية الطعن؟
ومنذ الحادثة لا يزال الأسير أنس عواد يقبع في زنزانة انفرادية في سجن "إيشل" ببئر السبع في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بعد أن رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية عدة مرات التماسا تقدمت به عائلته للإفراج عنه بكفالة.
وعن ذلك يقول والده: "المحكمة أبلغت المحامي رفضها للالتماس بطلب الإفراج عن أنس بكفالة، وإيقاف الإجراءات الوحشية ضده، وتمكين العائلة من علاجه، أو توفير أبسط مقومات الحياة في زنزانته الانفرادية، وذلك بعد أسبوع من الجلسة التي عقدتها المحكمة للنظر في الطلب المقدم في الثلاثين من الشهر الماضي".