هكذا اقتنصت أميركا وبريطانيا الجهادي جون

الجهادي جوني

رام الله الإخباري

لأشهر طاردت أجهزة الأميركية والبريطانية متشددا عرف باسم "الجهادي جون" قبل أن يقتل بغارة جوية أميركية في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في الرقة بسورية.

"الجهادي جون" واسمه الحقيقي محمد إموازي كان خريج برمجة الحاسوب، وهو بريطاني اشتهر في آب/أغسطس 2014 حين قدم عملية نحر الصحفي الأميركي جيمس فولي وكان ذلك الفيديو الأول في سلسلة مروعة أشرف فيها بنفسه على قطع رؤوس رهائن أجانب.

لكن تقريرا بريطانيا يقول إن الشرطة المحلية وأجهزة الأمن في المملكة المتحدة كانت تحقق في شأن إموازي لثلاثة أعوام قبل أن يغادر بريطانيا إلى سوريا في 2012.

وحسب تقرير لصحيفة "تايمز" إنه بعد ظهور مقطع فيديو إعدام فولي تمكن محللون بأجهزة الاستخبارات البريطانية من التعرف على هوية إموازي "خلال ساعات".

وشارك إموازي في مقاطع فيديو تظهر قتل الصحفيين الأميركيين فولي وستيفن سوتلوف وعامل الإغاثة الأميركي بيتر كاسيغ وعاملي الإغاثة البريطانيين ديفيد هينز وآلان هينينغ والصحفي الياباني كينجي جوتو ورهائن آخرين.

واستخدم إموازي مقاطع الفيديو هذه لإطلاق تهديدات ضد الغرب وحلفائه العرب، وللسخرية من الرئيس السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون أمام رعايا راكعين في ملابس برتقالية.

وينقل التقرير عن المدير السابق لمكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، أحد أجهزة الاستخبارات في المملكة المتحدة، روبرت هانيغان قوله "كنا في سباق لمعرفة من هو.. حجمه ويداه والأهم من ذلك صوته، جعلوا التعرف عليه أمرا سهلا".

لكن إن كان التعرف على هويته سهلا، فإن مهمة الوصول لإموازي وقتله لم تكن كذلك.

وتحدث هانيغان ومسؤولون بريطانيون وأميركيون سابقون آخرون عن عملية تصفية الجهادي جون في فيلم وثائقي ستبثه شبكة "أتش بي أو" ومحطة "تشانل فور" في 20 أيار/مايو الجاري.

​أولوية

بعد ستة أشهر من انتشار فيديو إعدام فولي، حددت وسائل الإعلام حول العالم هوية إموازي، وهو ما تقول "تايمز" إنه أضاف مزيدا من الضغوط على السلطات البريطانية.

ويوضح هانيغان "رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون) جعل من الواضح تماما أن لدينا مسؤولية تجاه المواطنين البريطانيين (المحتجزين لدى تنظيم داعش).. لقد جعل الأمر (العثور على إموازي) أولوية له وأصدر تعليمات لنا بجعله أولوية لنا".

وتضيف الصحيفة أن جعل العملية ضد إموازي أولوية كان له صدى إيجابي في الولايات المتحدة، حيث كان محللون يتبعون وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أيه" يراقبون تحركات أهداف رئيسية في التنظيم من بينها إموازي.

ويقول دوغلاس وايز، والذي ساعد في الإشراف على عمليات "سي آي أيه" في الشرق الأوسط، "إذا نظرت إلى إموازي كعدو، فهو بالتأكيد ليس قائدا ميدانيا عظيما ولا ذا رتبة عالية داخل التنظيم لكنه كان خصما قويا وذو حيثية رغم ذلك. لماذا؟ لأنه كان منا (غربيا)".

وكان ديفيد بترايوس، مدير "سي آي أيه" في مطلع الأزمة السورية، قد وصف إموازي بأنه "هدف مهم للغاية" بسبب قيمته الدعائية لداعش.

إموازي، حسب تقرير "تايمز"، كان يعرف أنه من بين أكثر الرجال المطلوبين حول العالم، وساعدته خبرته في دراسة علوم الحاسب على محاولة الهرب من الرقابة والتنصت.

تخفي ومطاردة

تجنب إموازي الاتصالات عبر الإنترنت لكيلا يترك بصمة رقمية يمكن تعقبها، كما أحاط نفسه بالمدنيين والأطفال لتقليل احتمالية ضربه بغارة طائرات مسيرة، حسب التقرير.

ويقول هانيغان للصحيفة إنه "استخدم عددا من المنتجات المتاحة تجاريا لإخفاء هويته ومن بينها تشفير قوي لمحادثاته ورسائله وكذلك استخدام شبكات افتراضية خاصة (في بي أن)".

ويضيف "أيا من تلك المنتجات يجعل من الصعب على أي وكالة تعقبه، وما كان يفعله هو أن يضع طبقات من تلك المنتجات فوق بعضها".كما حرص "الجهادي جون" على أن يمسح بيانات أي حاسوب يستخدمه لإرسال وتلقي الرسائل.

وما زاد من صعوبة المطاردة قيام داعش بإعدام كثير من الأشخاص بتهمة التجسس لصالح الغرب، ما صعب من زرع جاسوس على الأرض.لكن كانت هناك نقطة ضعف واحدة لإموازي.. رغبته في البقاء على اتصال بأسرته والذين كان يعتقد أنهم يعيشون في العراق وقتها.

أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية تمكنت من رصد تحركات إموازي بعد اتصاله بزوجته.وفي مساء 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 تقلى مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" معلومات استخباراتية حول تحركات إموازي ليصدر أمر بإطلاق طائرة مسيرة تتبعته إلى أن تم التأكد بصريا من هويته وإطلاق صاروخ أنهى حياته.

الحرة