سيكون الجيل الخامس من شبكات الاتصال الموجة التالية من التكنولوجيا اللاسلكية، لكن ذلك قد يستغرق بعض الوقت.
وفي الحقيقة، إن مجال الهواتف الذكية يمر بفترة مملة نوعا ما، فضلا عن أن معظم التحسينات التي أدخلت على أنظمة تشغيل الهواتف الذكية خلال السنوات الأولى قد توقفت، فأصبح كل من نظام “آي أو إس” والأندرويد نظامين متساويين بشكل أساسي.
وقال الكاتب ألكسيس سي مادريجال -في تقريره الذي نشرته مجلة “أتلانتيك” الأميركية- إن شبكات الجوال باتت الآن سريعة بما فيه الكفاية لإنجاز أغلب المهام التي نرغب بها في معظم الوقت.
ومن المفترض أن تحدث القفزة التكنولوجية الحقيقية -التي تتمثل في بروز شبكات الاتصال من الجيل الخامس- خلال السنوات القليلة المقبلة، وشبكة “الجيل الخامس” هي التسمية التي أطلقها قطاع الصناعة اللاسلكية على مجموعة الأنظمة الجديدة التي ستجعل خدمة إنترنت الهاتف متصلة عبر الألياف البصرية السلكية، وبدلا من عرض نطاق ترددي يصل إلى 10 أو 20 ميغابايتا في الثانية قد تمكنك هذه التكنولوجيا من الحصول على 200 أو حتى 500 ميغابايت في الثانية، وهو ما يكفي لبث فيديو بدقة عرض 4كي.
وأورد الكاتب أن الجيل الخامس يمثل مستقبل استخدام الهواتف الذكية، وجوهر الصراع الهائل بين كبرى شركات تصنيع الهواتف في العالم.
ويمكن أن تمنح هذه التكنولوجيا الجديدة جميع الحكومات و”قراصنة الإنترنت” قدرات جديدة مخيفة، فالعالم الأكثر ارتباطا بالإنترنت هو أيضا عالم أكثر قابلية للمراقبة والاختراق، ومن المفترض أن توفر شبكة الجيل الخامس خدمات فعلية للأشخاص في أواخر هذه السنة على أقرب تقدير، وعلى الأرجح في سنة 2020 أو 2021.
وخلال الأسبوع الماضي ظهرت شبكة إنترنت جديدة من “إي تي آند تي” رمزها “5جي إي”، وذكرت الشركة الأميركية على موقعها على الإنترنت أنها “خطوتنا الأولى في طريقنا إلى الجيل الخامس”.
ويوضح الكاتب أن شبكة “5جي إي” لا تمثل الجيل الخامس بالفعل، بل هي عبارة عن إعادة تسمية لشبكة الجيل الرابع “أل تي إي” الحالية التي أنشأتها الشركة خلال سعيها لبلوغ الجيل الخامس، وقد مكنت هذه التحديثات شركة “إي تي آند تي” من التفوق على شركة “فيرايزون” التي كانت في الصدارة على مدار نصف العقد الماضي.
وعلى الرغم من أن بعض منشآت شبكات الجيل الخامس ستتمركز فوق البنية الحالية لشبكة “أل تي إي” -التي شهدت تطورا ملحوظا- فإن الجيلين الرابع والخامس شيئان مختلفان.
وقد عمل ائتلاف تجاري مكون من الشركات اللاسلكية حول العالم على معايير تقنية الجيل الخامس لعدة سنوات قبل التوصل إلى مجموعة من اتفاقيات العمل.
وحسب هذه الشركات، لا يجب تسمية أي تقنية بأنها من الجيل الخامس إلا تلك التي تلبي جميع هذه المعايير، والأهم من ذلك أن شبكة الجيل الخامس الحقيقي تتطلب استخدام الأجزاء الجديدة من الطيف التي توفر نطاقا تردديا جديدا هائلا ولا تسبب أي تأخير في زمن استجابة الشبكة.
وأفاد الكاتب بأن توفير هذه الإمكانية الجديدة من شأنه أن يساهم في فتح آفاق واسعة في مجال الإنترنت اللاسلكي.
وحسب ماركو توافياينين -وهو أحد الخبراء القدامى في مجال اللاسلكي ورئيس تطوير أعمال الصناعة في شركة “كي سايت تيكنولوجيز”- فإن هناك تحديات أكبر أمام مقدمي الخدمات، حيث إنهم بحاجة إلى فهم كيفية استجابة الإشارات وتحركها داخل بيئات مختلفة.
فضلا عن ذلك، تتطلب سرعة الجيل الخامس الفائقة استخدام إشارات ذات تردد أعلى وموجات قصيرة الطول، وكلما كان الطول الموجي أقصر زاد احتمال توقف هذه الإشارات بسبب العوائق التي قد تعترضها، حيث يمكن لشجرة -على سبيل المثال- أن تؤثر على نوعية الإشارة التي يتلقاها المستخدم إذا وجدت بين الهوائي والهاتف الذكي، وهو ما يعني أن القواعد المعتادة لم تعد صالحة حقا بعد الآن.
وأشار الكاتب إلى أنه بالنظر إلى هذا النوع من المشكلات ستحتاج شركات الاتصالات إلى شبكة أكثر كثافة من المحطات الأساسية لتحقيق تغطية جيدة بالفعل، لكن الأمر الأصعب يتمثل في كيفية تحقيق ذلك.
لكن حتى بعد أن تجهز شبكة الجيل الخامس فإنه سيظل من غير الواضح كيف سيتعامل المستخدمون مع شبكة بهذه السرعة، وحيال هذا الشأن، قال توافياينين إن “شبكة الجيل الرابع تقدم بالفعل تجربة مستخدم مناسبة للغاية للمستهلك اليوم”.
ويشبه هذا التغيير إلى حد ما دورة تطور التلفزيون، فالقفزة من تلفزيون قياسي الدقة إلى دقة عرض “1080بي” تمثل خطوة ضخمة، لكن الانتقال من دقة عرض “1080بي” إلى “4كي” هو مجرد تغيير جيد، ولكن ليس بالأمر الجلل.
وذكر الكاتب أن جميع شركات الهواتف المحمولة تقريبا -بقيادة كوالكوم وهواوي- تضغط من أجل تسريع نشر التكنولوجيا في موجة منسقة واحدة، لأن الشركات يجب أن توفر السرعة الفائقة للجيل الخامس وكفاءتها، وإن نجحت في إنشاء الشبكة دون جمع عدد كاف من المستخدمين فلن تتمكن من استرداد أموالها، أما في حال لم ترق الشبكة إلى توقعات المستهلكين فقد يسلبها منافسوها حصتها في السوق، وقد يعاني المستخدمون من خدمة رهيبة.
وخلص الكاتب إلى أن مستقبل كل شركة كبرى متخصصة في صناعة الهواتف وصناع المعدات وشركات الاتصالات -إلى جانب العديد من الشركات الأخرى- يتوقف على التغييرات التي ستشهدها شبكة الجيل الخامس لاحقا.
ومن المتوقع أن تشهد السنة المقبلة طفرة هائلة في مجال التسويق والصحافة فيما يتعلق بالمعيار الجديد، ولكن في الوقت الحالي، إذا ما لاحظت وجود شبكة “5جي إي” على هاتفك فلتعلم أنها أقرب إلى أن تكون نذير شؤم من أن تكون تكنولوجيا ناجعة.