روايات مرعبة لنساء إيزيديات تحررن من قبضة داعش

الايزيديات

رام الله الإخباري

مثل الوحوش الخرافية ذات الملامح المشوهة الحائمة حول فرائسها لتنهشها في كهوف من الظلام والرعب، تسيطر نساء "داعش" الإرهابي، على الايزيديات اللواتي اختطفهن التنظيم قبل نحو 5 أعوام، ليجعل منهن جاريات للاستعباد الجنسي، وورقة رابحة في أسواق النخاسة.

طالما روت لي الايزيديات العراقيات، اللواتي تمكن من الهرب، من بطش التنظيم "داعش"، عن فضائع نساء التنظيم بحقهن، حتى ضاع مصير المئات منهن حبيسات تحت التهديد بالقتل، في أكبر مخيمات النازحين داخل سوريا، قرب الحدود العراقية.

مخيم الهول

قطع الشاب العراقي الايزيدي، سعد حمو، وهو صحفي بارز، طريقا وعرا وبعيدا، من قضاء سنجار، غربي الموصل، مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، إلى سوريا تحديدا إلى مخيم الهول شرقي الحسكة، في شمال سوريا، للتوصل إلى المختطفات من أبناء جلدته، لكن دون جدوى بسبب نساء "داعش".

وتحدث حمو، في تصريح خاص لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، اليوم الأربعاء، عن رحلته إلى مخيم الهول، قائلا:

"توجد حوالي 300 امرأة وفتاة ايزيدية، محتجزات لدى عائلات "داعش" الإرهابي، في مخيم الهول، ولا يمكن من الإفصاح عن أنفسهم لأسباب عدة أبرزها الخوف، والوضع النفسي الذي يعشن به إذ يعتقدن أن التنظيم لا يزال يسيطر على العالم وليس على العراق، سوريا فحسب".

وأرجع حمو، أيضا ً، عدم تمكن المختطفات الايزيديات من الظهور والتعريف عن أنفسهم في المخيم، لأجل تحريرهن، إلى السيطرة التي يفرضها "داعش" الإرهابي، في المخيم.

وبين حمو، المعروف أن مخيم الهول الذي تم إنشاؤه في منطقة الهول الواقعة في محافظة الحسكة، والمحاذي للحدود العراقية — سنجار، والحدود الإدارية لمحافظة دير الزور، مع كل من العراق، والحسكة، يعتبر أكبر المخيمات من حيث عدد اللاجئين وأهمها على الإطلاق من حيث نوعية اللاجئين إليه.

وأكمل، أن المخيم يحوي حسب الكثير من المصادر أكثر من 73 ألف شخص ممن سلموا نفسهم لقوات سوريا الديمقراطية، بالتزامن مع قرب انتهاء معارك تحرير بلدة الباغوز آخر معاقل داعش في سوريا.

ولفت حمو، إلى اختلاف المراقبين على تسمية هؤلاء المتواجدين داخل مخيم الهول، ذاكرا منهم من يسميهم نازحين عن مناطق القتال، ومنهم من يسميهم أسرى حرب، وعائلاتهم، بحجة أن غالبية المتواجدين فيه هم عائلات العناصر الإرهابيين، وكذلك عناصر التنظيم الذين سلموا نفسهم بعد فقدانهم لأي أمل بالنجاة.

وتابع، هذا التخبط في تحديد هوية ساكني المخيم و عددهم و هوياتهم (إذ تأتي جميع التصريحات الرسمية بشكل تقريبي) يدفعنا للسؤال عن عدد الأيزيديين، والأيزيديات في ذلك المخيم؟!!

ويقول حمو: لمعرفة ذلك حاولت الوصول إلى إجابات شافية دون جدوى، ليس هناك جرد حقيقي لهوية ساكني المخيم، ولا توجد ملفات شخصية لهم بيد إدارة المخيم، كما ليس لجميع النساء والأطفال تقريباً صور شخصية، ويتم الاكتفاء بأفضل الأحوال بتدوين الأسماء الجهادية التي عرفوا بها داخل "المناطق التي كان يستولي عليها "داعش"" في العراق وسوريا، هذا إذا تجرأت إدارة المخيم على السؤال عن هوياتهم.

ونقل حمو، عن إحدى الناجيات الايزيديات اللواتي تم تحريرهن، من داخل مخيم الهول، بصعوبات كبيرة، وتدعى "بيان"، تأكيدها "أنه هناك الكثير من المختطفات ممن تعرفهن داخل المخيم لكنه كبير جدا، ولم تتمكن من معرفة الكل"، منوها إلى "داعش" لازال يتحكم بكل التفاصيل داخل المخيم، وقراراته هي السائدة هناك.

أشار حمو، إلى جهود مقاتلي "روجافا" المتواجدين في سوريا، من أجل إنقاذ الايزيديات من جحيم "داعش" في مخيم الهول.

ويرى، أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ليس باستطاعتها وحدها، تحرير الايزيديات المختطفات من داخل مخيم الهول، وإنما على الجهات المعنية بهذا الملف، تشكيل فريق بدعم أممي لإنقاذ هؤلاء المختطفات، وإخراج من المزيد من نساء المكون، من المخيم.

وأوضح حمو، يتبين من خلال الكثير من الفيديوهات و التقارير المصورة التي بثتها قنوات عديدة أن عائلات "داعش" وعناصره الهاربين الذين يسكنون في مخيم الهول، لازالوا يمارسون حياتهم الداعشية بكل إصرار، وتحد، وأنهم يرفضون أدنى انصياع لتعليمات إدارة المخيم التي لا تستطيع فرض نفسها عليهم خشية العصيان، والتمرد، وقد حدثت عدة حالات خطيرة كادت أن تخلف نتائج وخيمة، لذلك نرى بأن غالبيتهم يتمسكون بأدق تفاصيل حياتهم من لباس، وتفكير، وقوانين.

الرعب

وتطرق حمو، إلى أن البيت الأيزيدي في محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، رغم كل الدعم، والتسهيلات من قبل إدارة مخيم الهول، والقوى الأمنية المشرفة عليه، فأنه عاجز عن إنقاذ الأيزيديات داخل المخيم، ويقر صراحة بأن الوضع هناك مبهم، ومرعب، ولا يمكنهم إلا إنقاذ المتعاونات بطريقة الخطف ليلاً وإلا فأنهم سيعرضون حياتهم، وحياة الأيزيديات للخطر، وقد حصل ذلك بالفعل عدة مرات حينما شعرت الداعشيات بذلك.

ما الحل؟

واعتبر حمو، نقل هذه الصورة عن مخيم الهول، قد يصيب الكثيرين بالذهول، لكنها الحقيقة المرة التي توصل لها بعد اتصالات عديدة مع ذوي المخطوفات، والناجيات الأيزيديات، وكذلك البيت الأيزيدي، في الحسكة، واتحاد أيزيدية سوريا، فالجميع يؤكد وجود مختطفات في المخيم، لكن لا أحد يستطيع تحديد العدد.

واختتم الصحفي العراقي الايزيدي البارز، حديثه لنا، بحل يضعه أمام هذا الواقع، وهو لابد من البحث عن آليات تتيح للأيزيدية التحقيق بأنفسهم مع جميع أطفال ونساء الايزيديين المختطفين، المتواجدين في مخيم الهول من خلال تشكيل لجان مختصة مشتركة من اتحاد أيزيديي سوريا، ومجلسي المرأة في شنكال، وسنجار، ومكتب إنقاذ المختطفين، والمخطوفات ، تحت حماية قوة عسكرية مشكلة من وحدات حماية المرأة في روج آفا، وسنجار، وقوات "قسد"، وبرعاية التحالف الدولي ضد الإرهاب.

وكان الناشط الإيزيدي، محرر المختطفين والمختطفات، علي الخانصوري، قد كشف في تصريح خاص لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، الثلاثاء 30 نيسان/أبريل الماضي، أن المئات من عائلات العناصر الذين انشقوا من "داعش" الإرهابي، نقلوا معهم فتيات، ونساء، وأطفالا مختطفين إيزيديين، إلى مدينة حلب وريفها، وإدلب في سوريا.

وأضاف الخانصوري، موضحا: "إن عناصر "داعش" المنشقين، أصبحوا مع الفصائل الأخرى مثل "جبهة النصرة"، و"أحرار الشرقية"، و"أحرار الشام"، وحتى "الجيش الحر".

وأكمل، أن هؤلاء العناصر المنشقين وأغلبهم عراقيين بينهم المئات من التركمان، وآخرين من مدينة الفلوجة "التي كانت المعقل الأول لـ"داعش" في الأنبار، ثلث مساحة العراق، غربا"، هربوا وأخذوا معهم المختطفين الإيزيديين "وفتيات ونساء، وأطفال".

ونوه الناشط الإيزيدي العراقي إلى أن هؤلاء العناصر يعرضون المختطفات، والمختطفين الإيزيديين، للبيع بأموال طائلة، مقابل تحريرهم.

وكشف مكتب إنقاذ المختطفات والمختطفين الإيزيديين، لـ"سبوتنيك"، في وقت سابق من يوم الاثنين 29 أبريل/نيسان الماضي، أحدث إحصائية بعدد الناجيات والمحررين، من سطوة "داعش" الإرهابي، منذ أحداث الإبادة.

وبيّن مدير المكتب، حسين قايدي، في تصريحات خاصة لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، اليوم: "منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، وحتى هذه اللحظة تم تحرير أكثر من (3450) شخص إيزيدي، بينهم أغلبية من النساء والأطفال، من قبضة "داعش" الإرهابي".

وعن آخر مستجدات عمليات تحرير المختطفات، والمختطفين الإيزيديين من داخل الأراضي السورية، نوه قايدي، إلا أن أي عمليات تحرير لم تحصل خلال الأسبوع الماضي، كاشفا عن أن هناك فرق عدة تقوم بالبحث عنهم في سوريا.

ويقول قايدي: "انتهت عمليات، تحرير منطقة الباغوز السورية، من سيطرة "داعش" الإرهابي، حيث كان يحتجز التنظيم الكثير من المختطفات والمختطفين الإيزيديين"، لكن لدينا معلومات بوجود عدد كبير من المختطفات والمختطفين الإيزيديين، في مخيم الهول داخل سوريا، أو المناطق السورية الأخرى التي كانت تحت سيطرة "داعش" الإرهابي".

وأضاف قايدي، كذلك لدينا معلومات عن وجود قسم من المختطفات، والمختطفين، في مدينة الموصل "مركز محافظة نينوى، شمال العراق"، لدى عائلات "داعش" الإرهابي.

يذكر أنه في الثالث من أغسطس/ آب عام 2014، اجتاح تنظيم "داعش" الإرهابي، قضاء سنجار، والنواحي والقرى التابعة له ونفذ إبادة وجرائم شنيعة بحق المكون الإيزيدي، بقتله الآباء والأبناء والنساء، من كبار السن، والشباب، والأطفال بعمليات إعدام جماعية ما بين الذبح، والرمي بالرصاص، ودفنهم في مقابر جماعية ما زالت تكتشف حتى الآن، واقتاد النساء والفتيات سبايا وجاريات لعناصره الذين استخدموا شتى أنواع العنف والتعذيب في اغتصابهن دون استثناء حتى للصغيرات بأعمار الثامنة والتاسعة وحتى السابعة والسادسة.

 

سبوتنيك