أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أن الرد على ما يسمى "صفقة القرن" يكون بالتمسك بالقانون الدولي والشرعية الدولية، مشددا على أن فلسطين لم ولن تخول أحدا للتفاوض عنها، وأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.
جاء ذلك خلال ندوة سياسة عقدتها جامعة القدس، اليوم الأحد، تحت رعاية رئيسها عماد أبو كشك، بعنوان (القضية الفلسطينية في ظل المتغيرات الاقليمية والدولية – ما العمل؟)
وأوضح عريقات أن المرحلة السياسية الحالية لا يوجد فيها شريك إسرائيلي ولا أميركي لعملية السلام، حيث يعمل نتنياهو وبدعم من إدارة ترمب على إلغاء حل الدولتين واستبداله بنظام الفصل العنصري، ويقوم على أساس إنكار الوجود الفلسطيني كشعب له حقوق وطنية أولها حق تقرير المصير، وهو بالضبط ما يعبر عنه قانون القومية العنصري الذي يستند تنفيذه على إنكار الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن إدارة الرئيس ترمب شريك إسرائيل في محاولة إنكار صفة الشعب عن الفلسطينيين، "إلا أن هذا التوجه هو الجنون بعينه، وفقا لتعريف اينشتاين للجنون، وهو تجربة الشيء بذات الأدوات أكثر من مرة وتوقع نتائج مغايرة"، مشيرا إلى أن محاولات إنكار الشعب الفلسطيني جربتها الحركة الصهيونية وقوى الاستعمار منذ وعد بلفور ومصيرها كان الفشل، وسيكون مصير هذه المؤامرة الفشل الحتمي.
وتابع "أن لقاءات عدة عقدت مع إدارة ترمب، أربعة منها على المستوى الرئاسي، تم خلالها تقديم الفرصة لهذه الإدارة للمحافظة على حل الدولتين، والتوصل إلى اتفاق وفق القانون الدولي يقود إلى إنهاء الاحتلال، وحل كافة القضايا الجوهرية، وتجسيد الاستقلال بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية"، إلا أن إدارة ترمب أفشلت هذه المساعي بقراراتها العنصرية لصالح إسرائيل، وأولها قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ظنا منها أن العالم سيقبل إملاءاتها، حيث يتعامل الرئيس ترمب بمنطق الصفقات ويعتقد أن بإمكانه المقايضة على حقوق وثوابت شعبنا، مستخدما ما يتمتع به من نفوذ وقوة.
وأشار عريقات إلى أن الإدارة الأميركية تريد إضعاف صمود الشعب الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة، كقطع المساعدات عنه، ومحاولة إلغاء "الأونروا"، ووقف المساعدات حتى عن المستشفيات في القدس، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وإغلاق القنصلية الأميركية في القدس كدليل على إنكارها للوجود الفلسطيني كشعب، وذلك كخطوات يعتقدون أن من شأنها إضعاف ثبات الموقف الفلسطيني تمهيدا لإملاء "صفقة القرن"، التي نُفذ منها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإلغاء قضية اللاجئين، وضم المستوطنات، وفصل الضفة عن غزة، مؤكدا رفض كل هذه القرارات جملة وتفصيلا.
وأضاف عريقات أن من ضمن أبرز الأهداف التي تسعى أميركا لتحقيقها، هي إلغاء المرجعيات الدولية الخاصة بتسوية الصراع التي تستند إلى القانون الدولي، واستبدالها بالإملاءات الأميركية وفقا لقواعد جديدة تقوم على أساس ما تم فرضه من وقائع احتلالية على الأرض، وعلى أساس ما يمليه الجانب الإسرائيلي.
وشدد على أن القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس ترفض كل الإملاءات، وأن الرئيس عباس أعلن بصوت عال رفضه "صفقة القرن"، وعدم الرضوخ للإملاءات الأميركية، وأن إدارة ترمب بسلوكها هذا قد فقدت أهليتها كراع لعملية السلام.
وفيما يتعلق بقطاع غزة، أكد عريقات أنه جزء لا يتجزأ من فلسطين، وأن الانقسام يعزز من مخطط الاحتلال بفصل القطاع الذي يهدف من خلاله إلى قتل إمكانية قيام دولة فلسطينية، وللتخلص من الثقل الديمغرافي المتمثل بمليوني فلسطيني كشرط لتنفيذ قانون القومية العنصري.
ودعا عريقات إلى إنهاء الانقسام والاحتكام إلى صندوق الاقتراع، لا إلى صندوق الرصاص في تسوية الخلاف، وبالتالي "لن يكون هناك دولة في غزة ولن يكون هناك دولة دون قطاع غزة، وسنواصل العمل مع كل من يؤمن بحل الدولتين وبالشرعية الدولية"، مؤكدا إدانته للجرائم التي ترتكبها إسرائيل في القطاع.
وثمن مواقف جميع الدول العربية، خاصة مواقف مصر والأردن والسعودية، وكذلك قرارات القمة العربية الأخيرة التي عقدت في تونس.
وأعرب عريقات عن فخره بما وصلت إليه جامعة القدس من تطور أكاديمي وعلمي كبير، واصفا نموذج النجاح والبناء الذي تجسده جامعة القدس "قمة في المقاومة الصمود والثبات على الأرض".
بدوره، رحب أبو كشك بالدكتور عريقات، واصفا إياه بالقامة الوطنية الكبيرة، كما هنأه بنشره كتاب "دبلوماسية الحصار"، شاكرا إياه على توفيره 150 نسخة منه للجامعة يذهب ريعها لصالح صندوق الطالب المحتاج في جامعة القدس.
ويتناول الكتاب في صفحاته التي بلغ عددها 578 مقسمة على 10 فصول، المرحلة الساخنة التي عاشها الشعب الفلسطيني، والتي حملت معها إرهاصات تغييرات لافتة وعميقة، كوثيقة حاسمة ممتدة وشديدة الحضور.
ويحتوي على مضامين كل المراسلات والمفاوضات التي تمت بين الجانب الفلسطيني لحظة حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 2002، وكافة الأطراف ذات الصلة، من خلال قراءة عميقة وواسعة ومباشرة من شاهد كان شريكا في تلك المفاوضات واللقاءات، هو الدكتور صائب عريقات.